السعودية في لعبة المقاومة 379

السعودية في لعبة المقاومة

تعتبر عملية طوفان الأقصى من أهم العمليات الفلسطينية في السنوات الماضية 1. عملية أحدثت تغييرات هائلة في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية. ولا يقتصر تأثير هذه العملية على منطقة غرب آسيا فحسب، بل إن العالم كله شعر تاثر بهذه الحركة الثورية بشيء من الرضا. فقد أظهرت أن النظام الذي تم إنشاؤه ذاتيًا بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بات منتهي الصلاحيته.

ومن الحالات التي نتجت عن عملية طوفان الأقصى ردود أفعال دولة اليمن وتحديداً أنصار الله في اليمن، والتي تركت أثراً مهماً على الاقتصاد الدولي. ويهيمن اليمن بجغرافيته الفريدة على مضيق باب المندب المهم، ويرتبط الاقتصاد الدولي وخطوط الشحن للعديد من دول العالم بهذا المضيق الاستراتيجي، ويتسبب تعطيل هذا الطريق في خسائر بمليارات الدولارات للاقتصاد العالمي 2. بعد السلام مع السعودية واستقرار فصائل المقاومة، أحرزت دولة اليمن تقدماً جيداً في شؤون الدولة وبعد بدء حرب غزة والعمليات العمياء والإجرامية للنظام الصهيوني في هذه المنطقة، حذر اليمن الغرب من أن استمرار الحرب بهذا المنحى من قبل الجيش الصهيوني سوف يدفع أنصار الله إلى الرد. ولعل أياً من الأطراف الغربية لم يصدق عمق هذه التهديدات التي فرضها اليمن حتى واجهت عمليات أنصار الله الناجحة في مضيق باب المدنب، وعملياً في هذه المنطقة الاستراتيجية، لا يمكن لأي سفينة أن تستمر في طريقها و التحرك والخروج بسلام دون التنسيق مع أنصار الله، وقد تعطلت حركة الشحن الغربي إلى فلسطين المحتلة من هذه المنطقة بشكل كامل، كما منعت العديد من المجموعات التجارية الكبرى المرور المنتظم لخطوطها التجارية من هذه المنطقة.

وردا على هذا الإجراء، حاولت الولايات المتحدة، التي تعتبر نفسها قوة عظمى عالمية، تشكيل تحالف بحري ضد محور المقاومة اليمني، وهو ما واجه رد فعل سلبي من العديد من الدول 3. كما إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ليستا جزءاً من هذا التحالف، وتمارس السعودية ضغوطاً جدية على الولايات المتحدة لوقف هذا التحرك المتسرع ضد المقاومة اليمنية وعدم إقحام المنطقة في حرب جديدة. أثار هذا الإجراء الذي اتخذته المملكة العربية السعودية ضجة كبيرة في واشنطن.

وهذا التوجه السعودي المنسجم مع متطلبات محور المقاومة ولصالحه فاجأ العديد من المحللين. بعد الاتفاق مع إيران، وقد ضعت السعودية أمنها في مقدمة توجهها 4 ، ولا تريد أن تفقد نهجها الإيجابي تجاه إيران ومحور المقاومة، ولهذا السبب لن نشهد بعد الآن تصرفات سلبية لهذه الدولة المهمة في منطقة غرب آسيا. لقد اكتسبت الرياض فهماً شاملاً لمنطقة غرب آسيا، وهي تعلم أن إيران ومحور المقاومة ستكون له الكلمة الأخيرة في المنطقة. وهذا النهج سيعزز علاقة هذا البلد بمحور المقاومة، ويبدو أن الإمارات أيضاً تنسجم مع تنامي قوة محور المقاومة، تماشياً مع السعودية، لكنها تبذل قصارى جهدها لتغيير هذا الوضع.

بعد 8 سنوات من الحرب، لم يعد اليمن يعاني من مشاكل داخلية كما كان الحال في السنوات الأولى من الصراع مع المملكة العربية السعودية، ومع تصرفاته الأخيرة، اكتسب شعبية أساسية بين شعوب غرب آسيا، كما إن زعيم اليمن اكتسبت شرعية المقاومة مثل قادة حزب الله وأثبتوا حقهم بالدفاع عن أنفسهم.

وبشكل عام، تقوم إيران بقيادة مجموعة دول محور المقاومة، بإعداد منطقة غرب آسيا جديدة للسنوات القادمة، ولا يوجد خبرٌ عن وجود قوى من خارج المنطقة، ويتم توفير الأمن والامان في المنطقة نفسها من خلال قدرات وامكانات محور المقاومة والدول القوية في المنطقة ستحقق جميعاً تقدماً كبيراً في ظل هذا الأمن. هذا البرنامج الإيراني لن يكون ممتعاً على الإطلاق للدول الغربية لأنه لم تعد هناك حاجة لوجودهم في هذه المنطقة والمصالح الاقتصادية والعسكرية التي اكتسبوها في هذه المنطقة منذ سنوات طويلة لم تعد موجودة ودول المنطقة تلبي احتياجات بعضهم البعض.

امیرعلی یگانه



1. https://www.kompas.id/baca/english/2023/11/07/en-mencermati-badai-informasi-pasca-badai-al-aqsa

2. https://time.com/6548968/houthi-rebels-shipping-attacks-red-sea-disrupt-global-economy-costs/

3. https://www.tbsnews.net/world/us-pushes-naval-coalition-yemen-rebels-vow-attack-more-ships-760858

4. https://www.reuters.com/world/middle-east/riyadh-reluctant-derail-iran-detente-over-us-red-sea-taskforce-2023-12-20/
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال