السيسي وأردوغان وتعزيز مكانة الرئاسة 816

السيسي وأردوغان وتعزيز مكانة الرئاسة

تعتبر زيارة رئيس جمهورية مصر إلى أنقرة بعد 12 عامًا من توتر العلاقات بين البلدين واحدة من أهم الأخبار التي انتشرت في الأيام القليلة الماضية في وسائل الإعلام في منطقة غرب آسيا.(1) لقد توترت العلاقات بين البلدين بعد سقوط الحكومة الإخوانية في مصر عام 2013، حيث كانت تركيا والرئيس أردوغان من أبرز الداعمين للإخوان المسلمين في مصر. بعد سقوط مرسي، رئيس مصر، أدلى الرئيس أردوغان بخطابات نارية ضد صعود السلطة العسكرية في مصر مما كان له تأثير جدي في العلاقات بين البلدين على مر السنين حيث انخفضت مستويات العلاقات السياسية والاقتصادية بشكل كبير. إن زيارة رئيس مصر إلى تركيا في هذا التوقيت تستدعي المزيد من التحقيقات والتي سنقوم بتناولها في هذا المقال.

تكمن أهمية العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا كأحد أهم دول منطقة غرب آسيا حيث يسعيان لتعزيز مكانتهما في المنطقة. وأحد أبعاد هذه الجهود هو تعزيز التجارة وتطوير الاقتصاد بين البلدين بهدف الاقتراب من بعضهما البعض. في هذا السياق تسعى الدولتان لزيادة مستوى التبادلات الاقتصادية الثنائية، حيث إن هذا البرنامج يعود بالفائدة أيضًا على السلام والاستقرار في المنطقة. واحدة من أولويات الحكومة المصرية التي واجهت مشاكل اقتصادية عديدة في السنوات الأخيرة هي النمو الاقتصادي وتصدير الطاقة إلى دول أخرى. ومن جهة أخرى تسعى تركيا بهدف الوصول إلى دول شمال إفريقيا وتطوير التجارة مع الأراضي المجاورة لمصر إلى تحسين العلاقات مع مصر. وتحتاج تركيا إلى استيراد الغاز من مصر، وهي تعمل على تنويع واردات هذا المنتج الاستراتيجي.(2) حاليًا تصدر إيران الطاقة إلى تركيا وتعمل تركيا على تقليل اعتمادها على دولة واحدة لتلبية احتياجاتها.

في تاريخ البلدين كانتا مصر وتركيا من أوائل الدول التي سعت نحو حرية فلسطين. ستظل نضالات شعبي هذين البلدين ضد الصهاينة محفورة في أذهان الشعوب في منطقة غرب آسيا. في الوقت الحاضر، ومع تراجع دور البلدين في تحقيق السلام في فلسطين يمارس الرأي العام في كلا البلدين ضغوطًا شديدة على حكوماتهم لزيادة تأثيرهما في مفاوضات السلام الفلسطينية ويمكن أن تسلط زيارة السيسي إلى تركيا الضوء على وجهات نظر هذين البلدين في التأثير على مفاوضات السلام القطرية بين الفلسطينيين والصهاينة.(3) من خلال هذه الوسيلة يمكن أن تُخفف ضغوط شعبي البلدين حول تأثير حكومتي مصر وتركيا في قضية وقف إطلاق النار في فلسطين أيضًا.

بعد عضوية مصر وإيران والسعودية في مجموعة البريكس، زاد الاهتمام بعضوية دول أخرى في هذه المنظمة. وقد أعلنت وسائل الإعلام التركية مؤخرًا عن جهود الحكومة التركية للانضمام إلى منظمة البريكس.(4) يمكن أن تعزز هذه المسألة جنبًا إلى جنب مع زيارة رئيس مصر إلى تركيا سعي القاهرة لتشجيع تركيا على الانضمام إلى هذه المنظمة. لطالما سعت مصر في السنوات الأخيرة إلى اختيار جبهة موحدة لها. إن احتمالية تصميم سيناريو من هذا القبيل قد تعزز مكانة مصر وتدفع دولتي الصين وروسيا إلى دعم الاستثمار في مصر. هذه الحاجة للدعم تمثل حاجة ملحة للحكومة المصرية.

بشكل عام يمكن القول إن تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية التي ستعود على البلدين من شأنه أيضًا تعزيز مكانتهما في غرب آسيا. هذا الأمر ليس خبرًا جيدًا لجماعة الإخوان المسلمين، كما يجب الإشارة إلى أن تقارب تركيا ومصر يمثل أيضًا خبرًا غير سار للإمارات. يجب فهم الجانب الآخر من تطبيع العلاقات بين البلدين في سياق الوضع الهش في منطقة غرب آسيا. في ظل حالة الغموض في منطقة غرب آسيا يمكن أن تسهم الجهود السلمية في مساعدة دول هذه المنطقة على تحقيق سلام شامل.

امیرعلي یگانة
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال