إن ميزة الرؤية البعيدة عند السيد حسن نصرالله هي أحد المفاهيم المتعلقة بالقوة الناعمة. وتعني الرؤية هنا القدرة على رسم أحداث تلهم المتلقين أو تضيف عمقًا إلى أفكار وقيم القائد المطلوبة. يمكنه من خلال هذه الرؤية توجيه الوضع الحالي نحو التغيير. تعتمد حدود وأبعاد رؤية القائد على نوع قيادته (إلهامية أوإنفعالية) وقد تكون حسب شخصيته بعيدة أو قريبة .
لقد سعى الشهيد سيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله لبنان في مواجهة معارضيه دائماً إلى الاستفادة من التصوير السلبي لهم بهدف إظهار تفوق أفكاره وقيمه مقارنة بأعدائه. وحقق ذلك من خلال تحطيم الصور النمطية التي ينشرها الأعداء في المجتمع العربي سواء في لبنان أو في المجتمع المستهدف من قبل الأعداء.
كما أن تكرار هذه الأساليب قد زاد من كاريزما سيد حسن نصرالله في نظر معارضيه، وحول مخاوفهم من هذا التصور إلى خوف حقيقي. على سبيل المثال سعت إسرائيل على مدار سنوات عديدة احتلالها للأراضي الفلسطينية واللبنانية وإلى إثبات عدم قابليتها للهزيمة لدى المجتمع العربي، ومن خلال إحساسها بحتمية النصر حاولت منع نشوب حروب العرب ضدها. لكن بعد فرض الهزيمة التي منيت بها في 25 مايو 2000 وخروجها قبل الموعد المحدد وانسحاب جيش الاحتلال قبل ب 45 يومًا انهارت تلك الهيبة.
لقد أكد الشهيد سيد حسن نصرالله في جميع خطاباته التي ألقاها بمناسبة تحرير جنوب لبنان من عام 2000 حتى 2018 على كسر هيبة الجيش الإسرائيلي وبدء فترة الانتصار عليه. وأكدت الهزائم التي تعرضت لها إسرائيل في كل حرب بعد عام 2000 أمام لبنان والمقاومة مثل حرب الـ33 يومًا وحرب الـ22 يومًا و8 أيام مع غزة صحة التصورات التي طرحها الشهيد سيد حسن نصرالله حول تراجع قوة الجيش الإسرائيلي واندحارهم الأمر الذي تم قبوله أيضًا من قِبل معارضيه وأدى إلى تحقير وسخرية قادة إسرائيل من قبل سكان الأراضي المحتلة.
من بين العبارات التي استخدمها سيد حسن نصرالله لتدمير صورة إسرائيل خلال السنوات السابقة قبل استشهاده يمكن الإشارة إلى ما يلي:
- "هذه الانتصارات وضعت إسرائيل على حافة مرحلة من الهزائم المستقبلية فلا تخافوا من تهديدات إسرائيل بل هم اليوم من يشعرون بالخوف على طول هذه الحدود. إذا تجاوزت إسرائيل حدود لبنان ستدفع ثمنًا باهظًا."
- "اليوم لا يوجد مكان للهزيمة في لبنان وفلسطين وفي هذه المنطقة أمام العدو الصهيوني."
- "في مثل هذا اليوم سقطت إسرائيل العظمى وفي الفترات التي تلت ذلك فقدت إسرائيل عظمتها."
- "كان هدف حرب صيف 2006 هو القضاء على المقاومة وأرضيتها الشعبية. وبعد هذه الحرب، اعترفت إسرائيل بهزيمتها وسعت إلى تصحيح عيوبها."
-"يجب علينا في مثل هذه الأيام أن نسترجع تلك الفترة ونتحدث عن تحول الجيش الذي لا يُهزم إلى جيش مهزوم هرب بكل ذل من جنوب لبنان."
- "كل شيء انتهى وشعر العدو بحالة من الرعب وافتقار الثقة في جيشه وشعبه ولم يعد يستطيع تحمل ذلك."
ومن الواضح أن سياسة تحقير وزعزعة ثقة الأعداء التي اتبعها الشهيد سيد حسن نصرالله قد تم تنفيذها بفعالية منذ تحرير جنوب لبنان في عام 2000 وحتى آخر سنوات حياته، مما ترك نتائج إيجابية واضحة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال