في ظل محاولات قوات العدو الصهيونيّ المجرم لمصادرة منازل الفلسطينيين في حي “الشيخ جراح” بالقدس المحتلة عبر كافة الوسائل وبالأخص هدم بعض المنازل فيه، لوح شاب فلسطينيّ يواجه خطر الطرد من منزله بهذا الحي على يد شرطة الاحتلال بتفجير أسطوانات الغاز بمنزله رداً على قرار طرد عائلته من المنزل بالقوة، حيث عادت تل أبيب لعدوانها السابق على القدس والشيخ جراح بالتحديد بعد أشهر على انتصار المقاومة الفلسطينيّة في معركة “سيف القدس” والضربة القوية التي وجهتها “حماس” والفصائل الفلسطينيّة للمحتل الصهيونيّ الباغي، والانتصار الكبير للفلسطينيين باعتراف الإعلام العبريّ نفسه، الشيء دفع إلى تأجيل إخلاء منازل الفلسطينيين هناك، لكن الحملة الإسرائيلية تصاعدت مجدداً لطرد الفلسطينيين من منازلهم شرقيّ العاصمة الفلسطينيّة القدس.
لعب بالنار
نسيت تل أبيب على ما يبدو تحذيرات المقاومة الفلسطينيّة التي بعثت برسائل شديدة اللهجة إلى العدو الصهيونيّ عبر مصر وشدّدت مراراً على أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على الفلسطينيين باتت وراء ظهورهم، عقب الحرب الأخيرة التي شنّتها الآلة العسكريّة للكيان الصهيونيّ على قطاع غزة المحاصر منذ عدة سنوات، والتي تركت العدو الإرهابيّ في صدمة من نتائجها على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة، حيث تلعب “إسرائيل” بالنار بسبب تخطيها “الخطوط الحمراء” التي يمكن أن تقلب الوضع تماماً كما حدث قبل مدة في معركة “سيف القدس”
وإنّ حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، والذي تنتشر على جوانبه الأشجار ويضم منازل من الحجر الرملي وقنصليات أجنبيّة وفنادق فاخرة، شهد الإثنين الفائت حالة من الاضطراب نتيجة عمليات التهجير الجماعيّ التي يقوم بها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين للاستيلاء على منازلهم، مع تلويح فلسطيني يواجه خطر الطرد من منزله على يد شرطة العدو بتفجير إسطوانات الغاز بمنزله بدلا من السماح بطرد أسرته من المنزل بالإجبار، ما يُهدد بعودة التوتر الشديد واستئناف الهجمات الصاروخيّة على المدن والمناطق التي تحتلها العصابات الصهيونية في حال صدور أمر الإخلاء.
ويؤمن أبناء فلسطين وفصائل المقاومة بأن ممارسات الهدو هي استهداف علنيّ للهوية الفلسطينيّة المقدسيّة وللوجود الفلسطينيّ في المدينة المحتلة، وأنّه سلوك عدوانيّ عنصريّ خطير وجريمة جديدة تضاف إلى سجله الأسود بحق أهالي القدس، شجعه عليها غياب المواقف الحاسمة والمسؤولة للسلطة الفلسطينيّة تجاه هذا العدوان الصهيوني بالإضافة إلى جريمة التطبيع العربيّ، التي شكلت غطاء رسميّاً لاستمرار الجرائم والانتهاكات الصهيونيّة، حيث أصدرت بلدية القدس التابعة للمحتل لمصادرة الأرض لبناء مدرسة في المنطقة التي تحتلها العصابات الصهيونيّة إلى جانب بقية القدس الشرقية منذ حرب عام 1967، والتي ضمتها لاحقا، وقضت محكمة إسرائيلية بتأييد الطرد.
“سوف أحرق منزلي بما فيه، ولن أخرج منه إلا إلى القبر، لأنّ حياتنا انتهت وضاعت كرامتنا.. يكفي”، هذا ما قاله صاحب المنزل محمود صالحية وهو يقف على سطح المبنى محاطاً بإسطوانات الغاز، قائلاً: “25 عاماً قضيتها بمعاناة المحاكم الإسرائيليّة، 25 سنة وهم يرسلون لنا اليهود ليعرضوا علينا الأموال لبيع منازلنا، نحن لا نبيع ولا نتخلى عن منازلنا، وإذا دخلوا منزلي سأحرقه بكل مافيه، ولن يأخذو سوى رماده”، وذلك أمام أعين الدبلوماسيين الأجانب الذين شهدوا على عملية الطرد الإسرائيليّة الجارية بحق الأهالي.
وفي الوقت الذي زعم فيه وزير الأمن الداخلي “الشاباك| الإسرائيليّ، عومير بارليف، أنّ الاحتلال غير القانوني للمنزل يأتي في سياق اتخاذ بلدية العدو إجراءات لصالح رفاه السكان العرب، اعتبرت القنصلية البريطانيّة في القدس الشرقيّة والتي تقع قبالة المنزل عبر تويتر وانضم قنصلها العام، ديان كورنر، إلى دبلوماسيين آخرينللمشاهدة، عمليات الإخلاء في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدوليّ الإنسانيّ في جميع الظروف، كما حثت حكومة العدو على وقف مثل هذه الممارسات التي لا تؤدي إلا إلى لزيادة التوترات على الأرض.
أيضاً، حتى التابعين للعدو نندوا بممارساته الإجراميّة، لدرجة أنّ عضو مجلس بلدية القدس لورا وارتون التي كانت في موقع الطرد بهدف لقاء العائلة الفلسطينية، انتقدت بشكل كبير تصرف البلدية الذي يُهدد 15 شخصا من العائلة بينهم أطفال ونساء مهددين بالإخلاء لصالح بناء المدرسة، قائلة: “كان بإمكانهم بناء المدارس على نفس الأرض دون طرد العائلات، هناك مساحات واسعة، مضيفة أنّه من المحزن أن البلدية نفسها هي من تقوم بذلك وليس بعض المستوطنين المتشددين”.
تداعيات خطيرة
مراراً حذّرت حركة حماس الاحتلال الصهيونيّ من أيّ حماقات من شأنها المساس بأهالي القدس وبالأخص الشيخ جراح، محملة العدو مسؤوليّة وتداعيات كل هذه السياسات العنصريّة المتطرفة والأعمال الاستفزازيّة التي يقوم بها بحق المقدسيين، عقب قرار من محكمة الصهيونيّة العليا في سبتمبر/ أيلول المنصرم، ينص على إخلاء 4 عائلات من الحي، وقرار آخر في الشهر الذي تلاه قضى بإخلاء 3 عائلات أخرى.
ورداً على هذه التهديدات الجادة، صرحت مصر قبل مدّة أن الكيان الصهيونيّ أبلغها أنه سيحاول تخفيف التوترات والاشتباكات في القدس، مع تصاعد مخططات الاستيطان والضم التي لا تتوقف عن قضم ونهب أراضي الفلسطينيين وبالأخص في العاصمة الفلسطينيّة التي تعد أكبر مدن فلسطين التاريخيّة المحتلّة، من حيث المساحةً وعدد السكان وأكثرها أهميّة دينيّاً واقتصاديّاً.
وعلى مايبدو، فإنّ إجرام الإسرائيليين الممنهج بحق أصحاب الأرض والمقدسات، يعني أنّ المقاومة الفلسطينيّة ربما ترد في أيّ لحظة للجم هذا العدوان، وتعزيز صمود المقدسيين ودعم مقاومة الشعب الفلسطينيّ، بالتزامن مع مخططات الاحتلال الصهيونيّ لهدم المسجد المبارك وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، لأنّه يشكل جزءاً هاماً من عقيدة المسلمين، وأولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال.
وما ينبغي ذكره، أنّ ما يسمى “جهاز التخطيط” الذي أنشأه العدو العنصريّ للضفة الغربيّة ضمن الإدارة المدنيّة ولشرقيّ القدس عبر بلديّة القدس يكبح أيّ إمكانيّة للتطوير والبناء الفلسطينيّ، ويمنع الفلسطينيّين من بناء منازل لهم، ويُعد “الهدم” هو المهمّة الأساسيّة لهذا الجهاز عوضاً عن تخطيط البناء بما يلبّي احتياجات السكّان الحاليّة ويُعدّ لاحتياجاتهم المستقبليّة، حيث هدمت سلطات العدو هدمت مئات المباني الفلسطينيّة والمرافق ومنشآت الإنسانيّة الحيويّة خلال العامين الأخيرين، بحجة البناء غير المرخص، كما شردت سلطات الكيان الوحشيّ بفعل سياساتها آلاف الفلسطينيين، بذريعة “إنفاذ القانون” لتبرير حملات الهدم الخطيرة، في الوقت الذي لا تمت فيه هذه السياسة إلى القانون بأيّ صلة.
وإنّ السبب الرئيس الذي دفع الكيان الغاصب لتجديد حملاته التطهيريّة هو شعوره بالأمان لفترة، بعد أن عاش جدية تهديدات المقاومة الفلسطينيّة التي ردعته عن ممارساته العنصريّة والإجراميّة بحق الفلسطينيين وأرضهم، وهذا ما جعله في السابق يؤجل قراره غير الشرعيّ في سلب ممتلكات الفلسطينيين، واليوم لابد أن يدرك جيداً أنّ المقاومة لا يمكن أن تقف ساكنة تجاه جرائم قواته التي تمنع أصحاب الأرض والمقدسات من الحصول على أدنى حقوقهم في بلادهم.
نتيجة لما ذُكر، لن تمر مخططات تل أبيب الإباديّة بسهولة كما تعتقد، لأنّ سياسة رفض إخلاء المنازل لمنع هدمها لن تقف عند حد تفجير المنزل بمن فيه رفضاً للتشرد والطرد والاستيطان في الحي الفلسطينيّ، ويعلم الفلسطينيون جيداً وسائل الضغط الجديّ على حكومة العدو لإيقاف التطهير العرقيّ الذي تمارسه في فلسطين وبالتحديد في حي الشيخ جراح، لأنّ سياسة الكيان المُستبد هي سياسة إرهابيّة تعتمد على سرقة ونهب أراضي فلسطين المحتلة منطقة تلو الأخرى، وقد تعامل الفلسطينيون بحزم سابقاً وكانت الدعوات التي وجهت إلى أهالي القدس والضفة الغربية والـ48 المحتل للزحف إلى حي الشيخ جراح والمرابطة في منازله وأزقته وشوارعه، وتشكيل دروع بشريّة مقاومة كما حصل في معركة البوابات وباب الرحمة وباب العمود، للدفاع عن الحي والحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط الصهيوني مهما بلغت التضحيات، ناجحة وصادمة بشدة بالنسبة للعدو.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال