إن ما يجري في اليمن اليوم من تدمير وإجرام وقتل، وصل بفظاعته لمستوى أبعد من أن يكون أشبه بإبادة جماعية تجاوزت كل الأعراف والقوانين والأنظمة عبر التاريخ، ولم يعد مسؤولية تحالف العدوان وحده، بل أصبح وبشكل كبير مسؤولية الأمم المتحدة ومؤسساتها بكافة اختصاصاتها وبكل ما أنيط بها استنادًا للقانون الدولي. وحول هذا السياق، أعلن الصليب الأحمر الدولي عن سقوط أكثر من مئة قتيل وجريح الجمعة في هجوم على سجن في صعدة في شمال اليمن، وفق الصليب الأحمر الدولي. إلى ذلك، أفادت هيئة إنقاذ الطفولة أن ثلاثة أطفال وأكثر من 70 بالغا قتلوا في الضربات الجوية. ووجهت حكومة صنعاء أصابع الاتهام إلى طيران التحالف بارتكاب “جريمة” في صعدة. ووزعوا صور فيديو ملتقطة من الجو للمكان الذي يُعد مقر “السجن الاحتياطي” في المدينة، بدا فيها مدمرا تماما. كما أظهرت صور أخرى جثثا وبقع دماء بين الأنقاض، بينما أشخاص يساعدون على رفع الركام. كما تمكن رؤية جرافة وآليات تنظف المكان، وسيارات إسعاف، وجثث أخرى ممده على الطريق.
وفي وقت لاحق، أكد رئيس بعثة منظمة “أطباء بلا حدود” في اليمن “أحمد مهات” في بيان أن “مستشفى الجمهورية في المدينة تلقى حتى الآن نحو مئتي جريح”. وأوضح أن أفراد طاقم المستشفى “يعملون فوق طاقتهم وليس بإمكانهم استقبال المزيد من الجرحى”. ولفت إلى أن المنظمة “تبرعت بمعدات طبية للمستشفى”، مضيفا “نعلم أن هذا ليس كافيا للتعامل مع كل الإصابات”، ومشيرا إلى أن المنظمة تنظر في إمكانية إرسال المزيد من المعدات بشكل عاجل”. وعلى نفس هذا المنوال، أدان المجلس السياسي الأعلى في اليمن الصمت الدولي المخجل تجاه جرائم العدوان على الشعب اليمني. وأكد المجلس السياسي الأعلى في اليمن في بيان له اليوم الجمعة أن “مجازر قوى العدوان لن تمر من دون عقاب”، داعياً “الصامتين على المجازر إلى أن يبلعوا ألسنتهم عندما يتعالى صراخ السعودية والامارات ومستخدميهما”.
ورأى أن “استهداف الاتصالات وقطع اتصال اليمن مع العالم هدفه ارتكاب المزيد من الجرائم بعيداً عن الإعلام”، معتبراً أن “السعودية والإمارات أجبن من المواجهة في ساحات الوغى”. وتوجه المجلس السياسي الأعلى لقوى التحالف السعودي بالقول: “إذا ظننتم أنكم بجرائمكم ستخضعون الشعب اليمني فهذا بعيد المنال”. وأضاف: “أنتم مجرد قتلة وأدوات قذرة للصهيوني والأميركي، ولا تملكون أخلاق رجال الحرب، ورغم جرائمكم ستُمنون بالفشل كما في السابق”. المجلس السياسي الأعلى في اليمن شدد على أن “الجيش واللجان والطيران المسير في مقام ردع العدوان والحصار وسيردون بقوة على كل المعتدين”، وأضاف” عويلكم سيسمعه كل العالم عندما ينالكم بأس اليمن”. من جهته، علق وزير الصحة في حكومة صنعاء، طه المتوكل، على المحرقة التي حدثت في اليمن، وقال: “نحن أمام فاجعة إنسانية وحرب إبادة من التحالف السعودي.
وفي حديث له، أكد “المتوكل”، أن “ما يتعرض له الشعب اليمني هو جرائم حرب”، مؤكداً أن “دول التحالف منعت دخول الاجهزة الطبية خلال سنوات العدوان”. ورأى أن “سياسة العدوان واضحة بقتل أكبر عدد من المدنيين في اليمن”. وفي السياق نفسه، انطلقت اليوم الجمعة مسيرات حاشدة في صنعاء ومدن يمنية أخرى تنديداً بالمحرقة السعودية في صعدة والحديدة. وردد المشاركون في المسيرات الهتافات المنددة بحصار التحالف السعودي وجرائمه. وأكد المشاركون في الوقفات على تعزيز التماسك ورفض مشاريع الوصاية والتبعية ، والاصطفاف في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي حتى تحقيق النصر المؤزر وطرد الغزاة والمحتلين. ويأتي هذا التنديد إثر سقوط 65 شهيداً وأكثر من 120 جريحاً جرّاء غارات للتحالف السعودي، استهدفت بشكلٍ مباشر السجن المركزي في صعدة.
كذلك استهدفت طائرات التحالف السعودي الخميس مبنى الاتصالات في مدينة الحديدة، كذلك تعرضت صنعاء لقصف جوي عنيف من قبل مقاتلات التحالف. وتستمر غارات التحالف السعودي على مناطق عديدة في صنعاء، ولا سيما المطار، حيث شنت طائرات التحالف السعودي 12 غارة، واستهدفت مطار صنعاء الدولي وقاعدة الديلمي الجوية وشارع الكلية الحربية شمال العاصمة اليمنية، ومناطق أخرى جنوبها وشرقها. وكان تحالف العدوان السعودي قد ارتكب مجزرة في الحي “الليبي السكني” في العاصمة اليمنية صنعاء، سقط فيها 29 شخصاً بين شهيد وجريح.
في الواقع، أصبح واضحًا أن تحالف العدوان على اليمن قد يئس من إمكانية الانتصار في الميدان، وبات اليمن بشكل شبه كامل إما خارجًا عن سيطرته ومحررًا وإما إمكانية الاحتفاظ بما يزال من هذا الميدان تحت احتلاله أصبحت مستحيلة. وهو كما يبدو يعمل على هدف آخر، يتجاوز موضوع السيطرة على اليمن ووضع يده عليه، وهذا الهدف يقوم على توسيع مستوى التدمير لكل الأعيان والمنشآت والبنى التحتية بشكل واسع، لدرجة يُصبح مستحيلًا على أية سلطة يمنية، أن تعيد بقدراتها الذاتية هذه الخدمات والأعيان الى المستوى المقبول للانطلاق بدورة الحياة الطبيعية، من دون اللجوء إلى طلب المساعدة من الدول الإقليمية والغربية، الأمر الذي وباعتقاد تحالف العدوان سوف يُجبر السلطة اليمنية على لعودة إلى مربع الارتهان والرضوخ وتسليم القرار، بعد أن شن العدوان أساسًا على خلفية خروج أبناء اليمن الأحرار منه، واختيارهم السير بمسار السيادة والقرار الحر، فكان حينها العدوان على بلادهم وكانت الحرب عليهم. ويبقى المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة، شاهد الزور الأكبر على مجازر العصر والتاريخ، يتفرج على أشلاء أطفال اليمن، بعد أن استقال من واجباته ومن دوره، مستسلمًا لهيمنة المال الخليجي الغدار ومنصاعًا لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية.
المصدر: الوقت
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال