منذ عام 2003 عند غزوهم للعراق وبعد ظهور داعش بقي الأمريكيون في العراق تحت ذرائع مختلفة وأثروا على معادلات كثيرة في هذا البلد. لكن بعد الإعلان عن النهاية العسكرية لتنظيم داعش الإرهابي في العراق عام 2017م، أشارت العديد من الأطراف والشخصيات ووسائل الإعلام العراقية إلى رفضها ذريعة وجود جنود أجانب تحت غطاء التحالف الدولي للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بلادهم وطالبوا برحيل هؤلاء الجنود الذين كانوا من القوات الأمريكية الأساسية. ومع استمرار المطالب بانسحاب القوات العسكرية الأجنبية، طالب مجلس النواب العراقي في آذار 2018م في قرار من الحكومة تحديد الجدول الزمني لانسحاب القوات العسكرية الأجنبية من هذا البلد، لكن واشنطن تستخدم أعذاراً مختلفة مثل تمديد المهمة لإعداد وتجهيز القوات محليًا، لقد وسعوا من وجودهم العسكري في العراق بعد تدمير داعش، وعلى الرغم من الإعلان عن انتهاء داعش في العراق، نرى من وقت لآخر العناصر المتبقية من هذا التنظيم تنفذ هجمات إرهابية ضد الشعب العراقي وقواته الأمنية ويمكن القول أن هذه الحملات أصبحت ذريعة لبقاء أمريكا وقوات جيشها في العراق.
في كانون الثاني 2020م بعد استشهاد أبو مهدي المهندس ورفاقه العراقيين تضامن مجلس النواب العراقي مع الشعب وأكد على انسحاب المستشارين الأمريكيين من العراق لكن لم يحدث شيء فعليًا حتى كانون الأول (ديسمبر) 2021 م استجابة للمطالب العراقية. وقال المتحدث باسم العملية المشتركة للجيش العراقي وفصائل المقاومة إن عدد الباقين من الجنود الأمريكيين قليل ومحدود وجميعهم سيغادرون العراق خلال خمسة عشر يومًا. وأخيراً بعد أن نجح الكاظمي في الاتفاق بينه وبين الأمريكيين على انسحاب القوات العسكرية الأجنبية من العراق، تم تغيير اسم القوات العسكرية الأمريكية في العراق إلى قوات استشارية. القوات التي حصلت على ألقاب المستشارين هي بنفس الهيكل السابق والقوات والقادة السابقين الذين هم الآن نفسهم تحت مسمى مختلف في العراق. وكان في وقت سابق وافق البرلمان العراقي رسميًا على مشروع قانون انسحاب القوات الأمريكية من العراق ولكن مع هذا الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والكاظمي أصبحت موافقة البرلمان غير مجدية وليس لها أي تأثير.
والخطوة التالية التي اتخذتها أمريكا في هذا الشأن كانت تغيير وإعلان المهمة القتالية الجديدة لقواتها بحيث سيبقى 2500 جندي أمريكي في العراق لكنهم سيغيرون وظائفهم إلى الاستطلاع والدعم والتدريب والاستشارات. ما هو مؤكد هو أن الحفاظ على هذه القوى يعني أنها يمكن أن تغير وظيفتها مرة أخرى في فترة زمنية معينة وفي لحظة تاريخية دون ترديد.
قال محمد عطية السعدي الخبير في الشؤون الاقتصادية العراقية، في حديث مع موقع المعلومة الإخباري: إن الولايات المتحدة هيمنت على النظام المصرفي العراقي بناءً على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2004 ، وبسبب الضغوط التي مارستها عليها الحكومة آنذاك. الآن يتم الاحتفاظ بالعديد من عائدات النفط العراقي في البنك الفيدرالي الأمريكي وفقًا لعقد السنوات السابقة. وقد تسبب هذا الحادث في قيام الولايات المتحدة باستخدام الدولار كأدات للضغط على الحكومات المختلفة وإذا رأت أن مصالحها في خطر فيمكنها الضغط على الحكومة بهذه الطريقة.
القصة لا تنتهي هنا فبعد تولي الحكومة الجديدة مقاليد الأمور طلب البنك الفيدرالي الأمريكي من البنوك العراقية تسجيل تحويلاتهم بالدولار عن طريق منصة على الإنترنت وإذا وجد هناك أي شك فإنهم سيتوقفون عن تحويل الأموال إلى العراق.
ومع ذلك في مقابلة حديثة دافع رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني عن استمرار وجود القوات الأمريكية والأجنبية الأخرى في بلاده.
وقال السوداني لصحيفة وول ستريت جورنال في أول مقابلة أميركية له: “نعتقد أننا بحاجة إلى قوات أجنبية”. تقوم القوات الأمريكية وقوات الناتو بتدريب الجنود العراقيين على كيفية محاربة داعش.
تصريحاته في هذا الصدد مهمة لأن الأحزاب دعمته حتى اليوم وهي التي تسيطر على مجلس النواب المتحالف مع قوى المقاومة العراقية، كما أنها لا تملك علاقات جيدة بالولايات المتحدة وتعتبر الولايات المتحدة عدو العراق. ويريدون انسحاب القوات العسكرية الأجنبية بما في ذلك الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من بلادهم.
في الواقع لقد مد السوداني يد الصداقة لأمريكا حيث يعتقد أنتوني كوردسمان الرئيس الفخري للاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن سياسات الولايات المتحدة في العراق قد فشلت. فلقد غزت الولايات المتحدة العراق عام 2003 دون أي خطة واضحة للمستقبل ولم تحقق شيئًا سوى الإطاحة بصدام. وخلال إقامتها في العراق لم تضع خططًا ثابتة للمستقبل. كما يعتقد أن الولايات المتحدة فشلت في إعطاء قيمة استراتيجية كافية للعراق. والواقع أنها لم تبذل أي جهد لزيادة المكانة الإستراتيجية للعراق. بررت الولايات المتحدة التدخل في العراق بطرق مختلفة لعدة عقود. في الوقت نفسه يعارض الكثير من العراقيين الوجود الأمريكي لأسباب مختلفة. في السنوات الأخيرة ، خرجت تظاهرات مختلفة من أجل انسحاب القوات العسكرية الأجنبية من العراق بشكل عفوي وشعبي ومؤخراً ابتكر ناشطون عراقيون في الفضاء الإلكتروني و وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ بعنوان “إخراج المحتل مطلب شعبي”. ويطالبون بانسحابهم من العراق.
حکیمه زعیم باشی
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال