عقد في الايام الماضية المؤتمر العاشر لوزراء الملتقى التعاوني بين الصين والدول العربية في العاصمة بكين. تأسس هذا الملتقى بمبادرة من الصين عام 2004 وقد كان له دورٌ بارز في تقوية العلاقات العربية الصينية. وقد افتتح هذا اللقاء الكبير الرئيس الصيني بكلمة ترحيبية حيث دل ذلك على أهمية هذا الملتقى بالنسبة للصين. وفي زمن تتقارب فيه دول العالم مختلفة مع دول العالم العظمى يحمل انعقاد هذا الملتقى الكبير رسائل هامة للدول العظمى الأخرى في العالم.
ابعاد عقد هذا الملتقى واهميته بالنسبة لدول المنطقة في غرب اسيا؟
رغبة الصين في النفوذ والسيطرة في منطقة غرب اسيا: لقد سعت الصين في السنوات الماضية دائما إلى تقوية العلاقات مع الدول العربية غرب آسيا وكانت توجه هذه الاستراتيجية خصوصاً في إطار المشاركة الإقتصادية، وقد بلغت قيمة التبادلات بين الدول العربية والصين حدود 280مليار دولار، وهذا الرقم الضخم من قيمة التعاملات يظهر الأهمية الإقتصادية لدول الخليج بالنسبة للصين. ولكن بالنظر الى الوضع المضطرب في منطقة غرب اسيا، تفكر الصين في أن يكون لها تواجد عسكري في المنطقة. وهذا يدل على التغير في استراتيجية هذا البلد على مسرح العلاقات الدولية. وبالنظر إلى التوترات الأخيرة بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في مناطق مختلفة من آسيا، فإن النهج العربي تجاه الصين يمكن أن يكون بمثابة تحذير لواشنطن.
خلق التوازن في العلاقات بين العرب والغرب، من الأمور التي يتم التركيز عليها في ألعاب العلاقات الدولية هو توسيع العلاقات مع مختلف اللاعبين العالميين. وهذا يساعد الدول على عدم وضع كل مصالحها في بند القوة العابرة للأقاليم وتحديد مصالحها الوطنية بما يتجاوز منافسة القوى العظمى. لقد أصبحت هذه المشكلة موضوعية بالنسبة للعرب في السنوات الماضية، وباختيارهم هذه الاستراتيجية، فإنهم يستفيدون في الوقت نفسه من فوائد التواصل مع الغرب والشرق. هذا التوازن الجزئي في العلاقات الدولية غيّر نظرة الدول العربية، وحوّل العرب من لاعبين سلبيين في مجال العلاقات الدولية إلى لاعبين عالميين فاعلين.
تحويل منطقة غرب آسيا إلى بيئة ألعاب كبيرة جديدة، فإذا كانت منطقة آسيا الوسطى في الماضي تعتبر بيئة للمنافسة والصراع بين القوى العالمية بسبب منافسات القوى الدولية، أصبحت منطقة غرب آسيا اليوم مكاناً للتنافس الشديد بين القوى العالمية والقوى الإقليمية والخارجية، وهذه السمة بالإضافة إلى ما توفره من فوائد لدول المنطقة، تحمل أيضاً مخاطر كبيرة لأن منطقة غرب آسيا أصبحت مكاناً للصراع بين الدول الإقليمية الأمر الذي سيحول المنطقة إلى مخزن بارود، وفي كل لحظة هناك خوف من أن يبدأ في إحدى دول المنطقة صراع عسكري في غرب آسيا وينتشر هذا التوتر مثل حجر الدومينو إلى بقية دول المنطقة، و سيعاني العالم مرة أخرى من خسائر فادحة كما حدث في الحروب العالمية.
تأكيد الصين على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومن الأمور التي تكررت مرات عديدة في هذا اللقاء المشترك بين الصين والدول العربية كان التأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية. وهذا التوجه الإيجابي الذي تنتهجه الصين في القضية الفلسطينية يعد من الأمور التي تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للعرب، ويمكن أن تعزز بطريقة أو بأخرى علاقات هذه الدول مع الصين.
وبشكل عام، ينبغي القول إن استراتيجية الصين القديمة في تطوير العلاقات الاقتصادية مع دول العالم تتطور الآن بسرعة مع ثقة عالية بالنفس وإظهار القوة لأعدائها. في الأشهر الماضية توصلت بكين إلى نتيجة مفادها أن النظام الدولي الحالي لم يعد قادرا على إدارة العالم، وعليها أن تفكر في تغييره، يجب أن تكون علامات هذا التغيير في السلوك هي أن تصبح كوريا الشمالية أكثر عدوانية على كوريا الشمالية، وسنشهد أيضاً إجراء المناورة العسكرية الرابعة في الأشهر الأخيرة بالقرب من تايوان، تعزيز المساعدات العسكرية لروسيا في الحرب مع أوكرانيا. كما تعتبر منطقة غرب آسيا ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للصين في هذا التصميم لأن الولايات المتحدة لها حضور جدي في هذه المنطقة وتفعيل الصين في هذه المنطقة يمكن أن يهدد مصالح الدول الغربية في غرب آسيا وتعتبر هذه القضية قضية انتصار استراتيجي لبكين في المنطقة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال