العرب في طريقهم إلى آسيا الوسطى 2915

العرب في طريقهم إلى آسيا الوسطى

خلال الأيام الأخيرة، استضافت مدينة طشقند في طاجيكستان اجتماع التعاون الثاني بين الدول العربية ودول آسيا الوسطى، وهو الحدث الذي يعقد لأول مرة بمبادرة من الدول العربية عام 2023.

و حرصت وسائل الإعلام العربية على تغطية خاصة لهذه الفترة باعتبارها حدثا مهما في منطقة آسيا الوسطى لأهميتها تجاه فتح مجالات التعاون مع هذه الدول. وفي هذا الاجتماع ومن خلال الإعلان عن خطة مشتركة مدتها أربع سنوات، أعلن الطرفان عزمهما على تطوير العلاقات الشاملة.

اهتمت الدول العربية منذ القدم بالوصول إلى المناطق الإسلامية المنفصلة عن الاتحاد السوفييتي، وهذه المناطق مهمة جداً بالنسبة للدول العربية بسبب نسيجها التقليدي وشعبها الذي أغلبه من السنة. إن نفوذ الدول العربية في منطقة آسيا الوسطى سيجلب لها العديد من المزايا، والتي سنتحدث عنها بمزيد من التفصيل؛

في الجانب الاقتصادي، إن من الأمور التي أصبحت مهمة للدول العربية في السنوات القليلة الماضية هو الابتعاد عن الاقتصاد النفطي، ولهذا تحتاج إلى إيجاد سوق لبيع منتجاتها، إن منطقة آسيا الوسطى وباعتبار ان حجم اقتصادها صغير فهي حريصة على استيراد السلع الرخيصة للمنتجات الواردة من الدول العربية. كما أن التجارة مع دول آسيا الوسطى ستوفر المنتجات التي تحتاجها الدول العربية، ولا تحتاج الدول العربية الأخرى إلى إنفاق تكاليف نقل ضخمة من مناطق بعيدة في العالم للعثور على المنتجات التي تحتاجها.

الممرات، سيتجه العالم خلال السنوات المقبلة نحو استخدام ممرات النقل التي تم تشغيلها في السنوات الأخيرة، وإحدى المناطق التي ستربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب بجغرافيتها الطبيعية هي آسيا الوسطى، إن تطوير العلاقات وإنشاء البنية التحتية المناسبة في هذه المجالات بدعم مالي من الدول العربية يمكن أن يقلل بشكل كبير من تكلفة التجارة الخارجية للدول العربية في السنوات القادمة، كما أن الاستثمار الأجنبي مرغوب فيه وفعال لمنطقة وسط آسيا والدول الآسيوية.

القرب من روسيا، دول آسيا الوسطى مهمة جداً بالنسبة لروسيا من الناحية الأمنية نظراً لموقعها الجيوسياسي، ولن تسمح موسكو للدول الغربية بالتغلغل بسهولة في هذه المنطقة، إن دخول الدول العربية إلى المنطقة الأمنية لآسيا الوسطى وبالتنسيق مع روسيا ووفقاً لتطور العلاقات بين الدول العربية والروس فإن هذا التحرك العربي يعتبر إلى حد ما نقطة إيجابية بالنسبة للروس لأن تطور دول آسيا الوسطى ذات رأس المال المالي للعرب سينتهي في نهاية المطاف. مما يعود بالنفع على الروس على المدى الطويل، لأن الاستغلال الأول لتطور هذه الدول هو موسكو، ومن خلال تسهيل التجارة لهذا البلد، فإنها ستسهل وصول الروس إلى الغرب، وكذلك دخول البضائع إلى روسيا.

خطر التطرف، أحد الأمور التي قد تشكل خطورة على المحور الشرقي في المستقبل هو نمو التطرف في المناطق القريبة من أراضي روسيا وإيران، منطقة وادي فرغانة في آسيا الوسطى استضافت المتطرفين في الماضي وهو أحد مخاوف نمو العلاقات بين الدول العربية في منطقة آسيا الوسطى، حيث تدعم السعودية هذه الجماعات المتطرفة في هذه المنطقة لأن السعودية تقليديا تقدم الدعم المالي لهذه الجماعات وتعتبر المناطق الثلاث عرضة للتطرف في الصين (شينجيانغ) وروسيا (وادي فرغانة) وإيران (سيستان). إن احتمال دعم الدول العربية للتيار المتطرف ليس بعيداً عن الأذهان وعلى المحور الشرقي أن يستعد لهذا الاحتمال.

وعلى العموم لا بد من القول؛ إن نمو علاقات الدول العربية مع دول آسيا الوسطى له وجهان، الأول إذا كان يتماشى مع نهج المحور الشرقي(4) لاستخدام الموارد المالية لهذه الدول لتنمية المناطق المحاذية لروسيا وإيران (آسيا الوسطى) لتسهيل التجارة وتطوير البنية التحتية لهذا المحور، يعد علامة على بعد نظر الدول الشرقية، وإذا تم دعم هذا المخطط وتوجيهه من قبل الدول الغربية، فهو مؤشر على مدى تعقيد مستقبل آسيا الوسطى بالنسبة للمحور الشرقي لأن التسلل إلى المنطقة الأمنية لإيران وروسيا (آسيا الوسطى) له عواقب وخيمة على هذين البلدين، ومن الممكن أن يتم التخطيط لحوادث إرهابية في هذه المناطق ضد المحور الشرقي. ولذلك فإن المحور الشرقي بحاجة ماسة إلى التعاون الاستخباراتي والأمني ​​فيما بينهما لمعرفة طبيعة تطور العلاقات العربية مع آسيا الوسطى.

امیرعلي یگانة

1. https://www.middleeastmonitor.com/20240415-gulf-and-central-asian-countries-discuss-strengthening-comprehensive-cooperation/
2. https://www.arabnews.com/node/2340481/business-economy
3. https://www.everycrsreport.com/reports/RL30294.html
4. https://carnegieendowment.org/2024/02/22/china-and-russia-s-overlapping-interests-in-central-asia-pub-91727
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال