العرض الناجح للقوة العسكرية في عملية "الوعد الصادق"
بعد الهجوم على قنصلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق، أعلن المسؤولون العسكريون والحكوميون الإيرانيون أنهم سيردون على النظام الصهيوني. وأخيراً وبعد أيام معدودة من الهجوم وفي مساء السبت وصباح الأحد في تاريخ 13و 14 نيسان، ردت إيران على النظام الإسرائيلي بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على المناطق العسكرية ومحيط مراكز الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وفي هذه الهجمات تم الإعلان عن أن قاعدتي رامونا ونافاتيم العسكريتين في النقب هي من بين الأهداف الرئيسية للهجوم.
ومن خلال تحليل هذا الموقف للرد الإيراني في إطار المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والمعروف بحق الدفاع المشروع عن النفس، فإنه يظهر النهج المسؤول الذي تنتهجه إيران تجاه السلام والأمن الإقليميين والدوليين. كما أُعلن في الأيام التي سبقت عملية "الوعد الصادق" مراراً وتكراراً أن النظام الصهيوني سيُعاقب قريباً وسيتلقى الرد على عدوانه هذا. ولذلك فإن الهجوم الإيراني لم يكن مبنياً على مبدأ المفاجأة، وقد أتيحت الفرصة لنظام المحتل الصهيوني للاستعداد والتصدي لهجمات إيران المتوقعة. لكن على الرغم من القبة الحديدية ومنظومتها الدفاعية المتطورة، لم يتمكن النظام الصهيوني من صد هذه الهجمات بشكل كامل، وأصاب عدد كبير من الصواريخ والطائرات بدون طيار أهدافهم التي حددتها القيادة الإيرانية.
وعلى الرغم من أن إيران لم تستخدم سوى جزء صغير من قدراتها الصاروخية والطائرات بدون طيار لمهاجمة النظام الصهيوني، في الواقع يمكن القول إن الجمهورية الإسلامية عرضت جزءًا من قوتها العسكرية في عملية "الوعد الصادق" وقد أظهرت ذلك للعالم كله ليتم عرض قوتها واستعدادها من خلال هذه العملية. في المقابل، أظهر النظام الإسرائيلي رغم تصديه بكل ما أوتي من قوة دفاعية، فضلاً عن مساعدة ودعم الدول الغربية وبعض الدول العربية، بأنه تعرض لأضرار طفيفة وخسائر قليلة حتى لا يظهر مهزوماً أمام الهجوم الإيراني المحدود والجزئي.
ولذلك، فمن الواضح أن الغرض من تنفيذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعملية "الوعد صادق"، بالإضافة إلى الرد على هجوم القنصلية الإيرانية في دمشق، كان إيصال رسالة مهمة إلى النظام الصهيوني وداعمه الرئيسي الولايات المتحدة مع المجتمع الدولي وهي فشل قوة الردع للكيان الصهيوني رغم امتلاكه الأسلحة النووية والقنابل الذرية و أيضاً زيادة قوة الردع الإيرانية، وكما أعلن القائد العام للحرس الثوري الإسلامي الجنرال سلامي:"من الآن فصاعدا، إذا هاجم النظام الصهيوني مصالح إيران وممتلكاتها ومواطنيها فستقوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهجوم مضاد فوراً، وقد كانت عملية "الوعد الصادق" مثال بارز و واضح على ذلك، وهي معادلة جديدة في المنطقة و العالم.
كما أكد المحلل الأمريكي "سكوت ريتر" على هذه المسألة وقال: "في الوقت الحالي، تقوم السلطات الإسرائيلية بتقييم الأضرار التي لحقت بقواعدها، ووجدت أن إيران قررت عمداً عدم القيام بعمل مميت للغاية ضد إسرائيل". وبهذا الهجوم وجهت إيران رسالة إلى النظام الصهيوني وكذلك الولايات المتحدة وأظهرت أنها تستطيع تنفيذ هجوم على "نفاتيم" و"رامون" وحتى في أي مكان آخر في إسرائيل والشرق الأوسط. ولا يمكن لأميركا وإسرائيل أن تفعلا أي شيء في المقابل وهذا يعني الردع. و يعني أنه في المستقبل كلما أرادت أمريكا وإسرائيل القيام بعمل ضد إيران، عليهما أولا أن تفكرا في عواقبه، لأنهما تعلمان أن إيران لديها القدرة على مهاجمة أي هدف في أي جزء من المنطقة ولا أحد يستطيع أن يوقفها. ولهذا السبب اتصل جو بايدن ببنيامين نتنياهو وطلب منه عدم الرد على هجوم إيران وذكر أن أمريكا لن تشارك في أي هجوم عدواني ضد إيران. لأن الولايات المتحدة تعرف عواقب مثل هذا الهجوم، وهذا يعني أن الولايات المتحدة مُنعت من مهاجمة إيران بقوة الردع".
وأخيراً، لا بد من القول إن الموقف التاريخي الذي قامت به إيران رداً على عدوان النظام الصهيوني على القنصلية وهو استهداف لأراضي الجمهورية الإسلامية غيّر معادلات النظام الدولي لأنه ولأول مرة تُهاجَم جهة تتمتع بقوة الردع النووي وهي (الكيان الصهيوني) من قبل جهة محرومة تماماً من قوة الردع النووي،أي امتلاك قنبلة ذرية وهي (إيران). في الواقع اتخذت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خطوة كبيرة إلى الأمام في القتال ضد النظام الصهيوني من خلال عملية "الوعد الصادق" وهاجمت الأراضي المحتلة بشكل مباشر، وهو الأمر الذي سيسبب قلقًا كبيرًا للنظام، حتى لو لم يعد نظام الاحتلال يتخذ أي إجراء. ومع ذلك، سيكون هناك خوف من أن يتم استهدافها بشكل مباشر وأكثر شدة من قبل إيران. ولذلك فإن عملية "الوعد صادق" تظهر تفوق إيران والنصر الحاسم لها في الحرب التي بدأها الكيان الصهيوني.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال