العمليات التخريبية لإسرائيل لتقليل القدرة التشغيلية لحزب الله
أظهرت العملية الأمنية الواسعة والمعقدة التي نفذها نظام الكيان الإسرائيلي عصر يوم الإثنين ضد حزب الله اللبناني مرة أخرى أن إسرائيل ليست مجرد بلد صغير، بل هي منظمة إرهابية حيث يمكن وصف هذه العملية التخريبية بأنها أكبر عملية إرهابية هدفها القتل جماعي، وأيضًا أنها الأكثر دموية من نوعها حيث لم يسبق أن أصيبت آلاف المدنيين بهذه الطريقة في هجوم من هذا النوع.
على الرغم من أن بعض أفراد حزب الله قد تضرروا في هذا العمل التخريبي، إلا أن الأضرار قد طالت أيضًا المدنيين العاديين، وموظفي المؤسسات الصحية والمالية والثقافية والفنية والمجمعات السكنية الذين كانوا يستخدمون تكنولوجيا الـ "بيجر" (جهاز الإرسال). حيث إن أكثر مستخدمي أجهزة البيجر هم رجال الإنقاذ (مثل موظفي الطوارئ والإطفاء والدفاع المدني)، يمكن اعتبار هذا العمل التخريبي للنظام الصهيوني بمثابة جريمة قتل جماعي، لدرجة أن على الحكومة اللبنانية أن تولي هذه الجريمة متابعة قانونية في المحافل الدولية. على الرغم من الغموض حول كيفية انفجار أجهزة البيجر في لبنان، إلا أنه يمكن تصور سيناريوهات مختلفة لأهداف إسرائيل من هذه العملية، والتي سنستعرضها فيما يلي:
1. رد الاعتبار لسلطة المقاومة في غزة وفلسطين خلال أحد عشر شهرًا مضت، فقد شهدت إسرائيل وحلفاؤها الغربيون هزائم واهانات كبيرة بعد عملية الأربعين ومؤخراً بعد العمليات الأخيرة للجيش اليمني. لذا كان الإسرائيليون يسعون من خلال هذه الخطوة إلى خلق بيئة مناسبة وفرصة لهم للفرار من الضغوط المتعددة التي واجهوها، والبحث عن فرصة لإحياء أنفسهم على الصعيدين السياسي والأمني.
2. التعاون بين واشنطن وتل أبيب: على الرغم من تصريحات عدة مسؤولين أمريكيين بعدم علمهم بالعملية التخريبية الإسرائيلية، تشير الأدلة إلى أن الأمريكيين كانوا على علم، مثلما كان الحال في العمليات السابقة للنظام الإسرائيلي. حيث يُقال إن المستشفى الأمريكي في بيروت، قد أرسل في الشهر الماضي بريدًا إلكترونيًا لكافة موظفيه يطلب منهم تسليم أجهزة البيجر الخاصة بهم للتحديث والترقية حتى تاريخ 29 أغسطس. أيضًا تم رصد طائرات عسكرية أمريكية في مساء يوم الإثنين بالقرب من سواحل لبنان، في شرق البحر الأبيض المتوسط تستخدم في الحرب الإلكترونية والعمليات العسكرية المتعلقة بالاتصالات والإشارات.
3. تفوق المعلوماتي لحزب الله: تؤكد مصادر متعددة أنه في إطار الهجوم الإرهابي للنظام الصهيوني على لبنان، كان هناك اتفاق بين واشنطن وتل أبيب على أن الهجوم سيجري خلال ذروة الحرب، بمعنى آخر كان من المخطط أن يحدث ما وقع في هذه الحادثة الإرهابية في وقت يكون فيه حزب الله والنظام الصهيوني في حالة حرب شاملة. ولكن بسبب كون حزب الله قد أصبح يشك في أجهزة البيجر قبل عدة أيام وكان يتحقق من هذا الأمر، فإن الصهاينة والأمريكيين كانوا يخشون من أن يتمكن حزب الله من كشف العملية الإرهابية قبل وقوعها لذا بادروا بتنفيذها قبل موعدها المحدد.
4. اضافة إلى مختلف العوامل السابقة فإن السيناريو الأهم الذي يقترب من الواقع الميداني هو زيادة الضغط على حزب الله لوقف الهجمات في الشمال على المستوطنات الإسرائيلية. كما أشار وزير الحرب الإسرائيلي بعد لقائه مع المبعوث الأمريكي إلى أن "السبيل الوحيد لإعادة مواطنينا إلى منازلهم في الشمال هو تنفيذ عمليات عسكرية ضد حزب الله."
في النهاية يجب القول إنه على الرغم من اتساع العملية التخريبية للنظام الصهيوني بهدف تقليل القدرة التشغيلية لحزب الله، فلن تؤدي هذه العملية إلى تراجع حزب الله اللبناني وقوات المقاومة عن مواقعهم المشروعة. فتتعرض العديد من أعضاء حزب الله في هذا الهجوم لإصابات طفيفة ستتحسن بعد العلاج، وسيعودون إلى عملهم بروح أعلى، وسيتابعون أهدافهم بحماس أكبر. هذه المرة سيكون لدى قوات حزب الله دعم من المواطنين والمدنيين، حيث إن عملية النظام الإسرائيلي لم تلحق الأذى بأفراد حزب الله فحسب، بل طالت المدنيين أيضًا وهو ما زاد من دعم المواطنين غير العسكريين لأهداف ومواقف حزب الله اللبناني.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال