العنصرية والظلم في ظل الصمت والرقابة 129

العنصرية والظلم في ظل الصمت والرقابة

العنصرية في الولايات المتحدة لها جذور تاريخية قديمة، فالشعب الأمريكي وخاصة ذوو البشرة الداكنة في عام 1787م أي عند كتابة دستور الولايات المتحدة شهد انعكاس ظاهرة التمييز العنصري في هذا القانون لأن من كتب الدستور الأمريكي كانوا 55 من الرجال البيض وأصحاب العبيد الذين اعتبروا العرق الأبيض هو العرق الأفضل وكتبوا الدستور دفاعًا عن مصالحهم العنصرية. وفقًا لهذا القانون حُرم السود الأمريكيون من حقوق الإنسان الطبيعية ولم يكن لديهم الحق في التملك والمشاركة في الأمور الاجتماعية ولم يُسمح لهم بحمل السلاح ، وكان الرق عمليًا مسموحًا به ويعتبر قانونيًا. على الرغم من أن السود حاولوا إلغاء القوانين العنصرية إلى حد ما من خلال خلق حركات اجتماعية إلا أنهم ما زالوا يتعرضون للتمييز، وحتى تنصيب الرئيس الأسود (أوباما) لم يكن له أي دور في القضاء على عدم المساواة العرقية بين السود؛ لأن العنصرية متجذرة هيكلياً في الثقافة الأمريكية.[1]


في استطلاعات الرأي الأخيرة قال حوالي 8 من كل 10 أمريكيين من السود (79 بالمائة) إنهم تعرضوا شخصيًا لمواقف عنصرية. وقال 15 في المائة إنهم يتعرضون بانتظام لمثل هذا التمييز ويقول حوالي 7 من كل 10 (68 في المائة) إن التمييز العنصري كان عقبة رئيسية أمام تقدم وتطور السود.


أيضًا تقول الغالبية العظمى أي حوالي 85٪ من البالغين السود إن السود في أمريكا اليوم قد تأثروا بشكل كبير بإرث العبودية.


ما يقرب من ثلثي البالغين السود (63 في المائة) يقولون إن هذه مشكلة كبيرة جدًا للأمريكيين السود حيث أن 60 في المائة منهم تكلم عن وحشية الشرطة و 54 في المائة عن عدم المساواة الاقتصادية و 47 في المائة تتعلق بتكاليف الرعاية الصحية و 46 في المائة حول الجهود المبذولة لتقييد التصويت و 40 في المائة ذكروا أن عدم جودة التعليم في المدارس هي المشكلة الأكبر.[2]


يتلقى الأشخاص الملونون في أمريكا رعاية صحية أقل و أسوأ من الرعاية الصحية من البيض. تظهر الأبحاث أن المرضى من الجنسية الأفريقية يتلقون رعاية طبية سيئة لأمراض مثل السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية والرعاية التي يحتاجونها أثناء الحمل. أيضا إذا كان هؤلاء الناس يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية فإن احتمالية تلقي العلاج المطلوب لهم قليلة جداً وأن هذه الفئة من المواطنين الأمريكيين تُقطع أعضاء من أجسامهم في العمليات الجراحية بدون الحاجة إلى ذلك. وقد أدى التمييز الهيكلي ضد السود لسنوات عديدة إلى تدني مستوى حياتهم وجعل أجلهم قصير الأمد.[3]


منذ عام 2017 يواجه الهنود الأمريكيون وسكان ألاسكا الأصليون أعلى معدلات تكرار الجريمة بنسبة 79 في المائة لكنهم يشكلون 1 في المائة فقط من إجمالي عدد نزلاء السجون. في الوقت نفسه فإن السجناء السود لديهم ثاني وأعلى معدل للجريمة بنسبة 74 ٪ على مدى 5 سنوات ويشكلون حوالي 40 ٪ من جميع السجناء.[4]


كما أن عدد المدنيين الذين قتلوا على أيدي الشرطة الأمريكية في غضون أيام قليلة هو أكثر بكثير من إجمالي عدد جرائم القتل التي ارتكبتها الشرطة في دول أخرى خلال عام. بدأت هذه العملية المميتة في عام 2013 عندما سجلت الشرطة الأمريكية مقتل 1100 مدني؛ إضافة إلى ذلك لم تتغير هذه الإحصائية منذ الاحتجاجات على مقتل “جورج فلويد” وهو مواطن أمريكي أسود قتل على يد الشرطة عام 2020.


الأمريكيون السود مستهدفون بشكل عشوائي بإطلاق النار المباشر والمميت على أيدي الشرطة في الولايات المتحدة حيث أن 32 في المائة من القتلى هم ضحايا على أيدي الشرطة استهدفوا أثناء فرارهم؛ في غضون ذلك يشكل السود 13٪ فقط من سكان الولايات المتحدة. أن الضحايا السود بالغالب هم أشخاصًا فروا في بعض الحالات سيرًا على الأقدام وقد شكلوا 35 إلى 54 بالمائة من الضحايا المذكورة أعلاه.


ومع ذلك تُظهر البيانات أن محاكمات ضباط الشرطة لقتل المدنيين في الولايات المتحدة نادرة للغاية. حيث أن من بين 2500 شخص قُتلوا أثناء فرارهم منذ عام 2015 أسفرت التحقيقات عن 50 حالة فقط أو 2 في المائة عن اتهامات جنائية كما تم رفض غالبية هذه التهم أو أسفرت عن تبرئتهم وأدين تسعة ضباط شرطة فقط وهو ما يمثل 0.35 في المائة من القضايا.[5]


في الواقع يجب القول إن التحركات التي أنشأتها صرخات المحتجين مثل “حياة السود لها أهميتها” و “لا أستطيع التنفس” نشأت قبل سنوات من مقتل فلويد على يد الشرطة ولكن بعد هذا الحادث ازدادت أنشطتهم يومًا بعد يوم في الولايات الأمريكية حتى أن الكثير من البيض يدعمون هذه الحركات ويشاركون في احتجاجاتهم ضد الشرطة والظلم والعنصرية المنظمة. ورغم أن السلطات الأمريكية انتهجت سياسة الصمت والرقابة تجاهها إلا أن صرخة هذه الحركات تتعالى يوما بعد يوم. العنصرية في أمريكا هي حقيقة يعترف بها الأمريكيون أنفسهم أكثر من غيرهم حيث يشعر المواطن الأسود في أمريكا أنه متهم حتى في الحالة الطبيعية ما لم يثبت العكس.


وفقًا للمادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي تم قبوله وتنفيذه حاليًا من قبل أكثر من 120 دولة، يمكن اعتبار العنصرية والظلم البنيوي الواسع الانتشار في أمريكا جريمة ضد الإنسانية وجريمة دولية ويمكن مقاضاتها. لكن المؤسسات الدولية لم تتخذ أبدًا أي موقف جاد ومناسب فعلياً ولم تدين القمع والتمييز ضد أصحاب البشرة الداكنة في الولايات المتحدة.


حکیمه زعیم باشی


https://humanrights.eadl.ir/news/articleType/ArticleView/articleId/107679

https://www.irna.ir/news/84873953

https://humanrights.eadl.ir/news/articleType/ArticleView/articleId/107679

https://imonitor24.com/?p=27637

https://humanrights.eadl.ir/news/articleType/ArticleView/articleId/106449

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال