نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمراسلتها في واشنطن ستيفاني كيرتشغاسنر وأودري ترافير من “فوربدن ستوريز” قالتا فيه إن هناك أدلة متزايدة تشير لاستخدام مملكة البحرين برنامج التجسس بيغاسوس ضد أصدقاء وأعداء البلد.
وقال التقرير إن المحامي محمد التاجر فوجيء عندما رن هاتفه أيفون في تشرين الثاني/نوفمبر بتحذير بأن هاتفه استهدفته دولة. والمحامي البالغ من العمر 55 عاما من البحرين معروف بدفاعه “الشرس” عن قادة المعارضة والمحتجين الداعين للديمقراطية في عام 2011، وعندما قامت السلطات بقمع مجموعة من المتظاهرين بدعم من المملكة العربية السعودية.
ولم يكن التاجر على علاقة بقضايا حقوق الإنسان منذ 5 أعوام، ولكن آخر مرة احتجزته السلطات السلطات البحرينية وهددته بالاعتقال. إلا أن الفحوص الجنائية التي قام بها مركز “ستيزن لاب” في جامعة تورنتو الكندية وجد أن هاتف المحامي تعرض للاختراق عدة مرات في أيلول/سبتمبر 2021 من حكومة تعتبر من زبائن مجموعة إن إس أو، الشركة التي تصنع برنامج التجسس.
وقال التاجر “كنت رئيسا للمرصد البحريني لحقوق الإنسان، وكان لدي نشاطات في مجال حقوق الإنسان، داخل البحرين أو مع الأمم المتحدة. ولكنني الآن لا أمارس نشاطات حقوق الإنسان”.
كما أخبر التاجر مجموعة الصحافيين “ريد لاين فور غالف” والتي تركز على الأمن الرقمي وحرية التعبير في دول الخليج وعملت مع “سيتزن لاب” في التحقيق الأخير، قائلا “الأسوأ والأكثر إثارة للأذى هو أنك تشعر بعدم الأمان. وأن هاتفك بدلا من أن يكون صديقك أصبح عدوك. ولا تعرف ما هي المعلومات الخاصة وما فضحته الدولة، وهذا مؤلم”.
وفي تحقيق منفصل من مشروع بيغاسوس، وهي مجموعة تحقيق في مجموعة أن أس أو وتضم الغارديان وتم تنسيقه مع المنظمة الفرنسية غير الربحية “فوربدن ستوريز” وحدد 20 مسؤولا مقربا من الحكومة وربما تعرضوا لمراقبة.
وتم تحديد أرقامهم بمساعد علي عبد الإمام لمجموعة “ريد لاين فور غالف”. وتضم الأرقام شخصيات موالية للعائلة الحاكمة في البحرين و ظهرت تلك الأسماء على قاعدة البيانات المسربة في “مشروع بيغاسوس” التي تحتوي على أرقام هواتف اختيرت لكي تكون محلا للرقابة المحتملة من زبائن إن إس أو.
وكان هاتف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية الذي كان يعمل في ذلك الوقت من البحرين على القائمة. ولم ترد وزارة الخارجية على طلب الصحيفة للتعليق. وقامت إدارة جو بايدن بوضع الشركة على القائمة السوداء العام الماضي. مشيرة إلى أن البرنامج التجسسي استخدمته حكومة أجنبية في نشاطات خبيثة لاستهداف موظفي سفارة وصحافيين وناشطين من بين عدد آخر من الأهداف.
ولا يعني ظهور اسم شخص على قاعدة البيانات أنه دليل عن استهداف الشخص من البرنامج وأن هاتفه قد اخترق إلا أن مشروع بيغاسوس نشر قبل فترة قصصا عن أفراد، بمن فيهم صحافيين وناشطي حقوق إنسان تعرضوا للاستهداف حسب تحقيقات الوحدة الأمنية في منظمة العفو الدولية التي فحصت أجهزتهم.
ومن بين الأفراد الذين اختيروا كمرشحين محتملين للاستهداف 20 عضوا في مجلس النواب البحريني ورئيسته فوزية زينل والذين عينهم الملك في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير- آذار/مارس 2019 وأحمد صباح السلوم وهو نائب وعضو في المعهد الوطني لحقوق الإنسان، وهي منظمة ممولة من الحكومة البحرينية.
وحدد مشروع بيغاسوس عضوين في العائلة المالكة وردت أسماؤهم في قاعدة البيانات وأحدهما خالد بن أحمد الخليفة، وزير الخارجية السابق. ورفض الأشخاص التعليق على ورود أسمائهم في قاعدة البيانات.
وقال متحدث باسم إن إس أو غروب، إن إساءة استخدام الأداة الإلكترونية هو أمر خطير وكل المزاعم الموثوقة تحتاج إلى تحقيق، وبعد الحصول على المعلومات المتعلقة بها. واستمرار نشر تقارير لا أساس لها عبر مصادر غير عليمة أمر يؤسف له”.
وتظهر المعلومات التي تم الكشف عنها عن دولة مستعدة لاستخدام الرقابة التكنولوجية ضد أعدائها وأصدقائها على حد سواء.
وفي حالة اختراق البرنامج الهاتف فإنه يحوله إلى أداة رقابة ويتحكم بالرسائل النصية والمكالمات ويحدد مكان مالكه.
وقال بيل مارزاك، الباحث البارز في سيتزن لاب “الوضع في البحرين لا يزال قمعيا لدرجة كبيرة” و “منذ 2011 حاولت البحرين إزالة كل المؤسسات التي تساعد الناس على التجمع”. و “لا يوجد هناك مكان للمعارضة أو النشاط، ويساعد برنامج التجسس للحفاظ على الوضع القائم، لأنهم يستطيعون مراقبة ما يجري في الأماكن الخاصة ويتأكدون بعدم وجود تحركات في المجال الخاص”.
وتقول شركة إن إس أو غروب، إن برنامجها مصمم لكي يستخدمه زبائنها لملاحقة الجريمة المنظمة والإرهاب. وأنكرت أنه لا علاقة لها بتسريب قواعد البيانات، وأن الأرقام على القائمة ليست أهدافا لها. ورفضت سفارة البحرين في واشنطن التعليق.
ووجد سيتزن لاب أن هاتف التاجر اخترق بعد أسبوع من كشف المختبر عن اختراق 9 هواتف لناشطين بحرينيين. وحدد الباحثون صحافيا لم يكشفوا عن اسمه وكان هدفا لبرنامج التجسس.
وقال سيد أحمد الوادعي مدير معهد البحرين لحقوق الإنسان والديمقراطية في لندن إن المملكة شهدت عقدا من “القمع المنظم” وبعد أحداث عام 2011. وفي محاولة الحكومة منع أي انتفاضة فهي تحاول الضغط على الناشطين واللاعبين السياسيين ووضعهم تحت السيطرة. و “أعتقد أن هذا هو الواقع الجديد وأنهم يريدون التأكد من عدم حدوث هذا مرة أخرى”.
المصدر: الأبدال
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال