لقد سلك الشهيد السيد حسن نصر الله منذ أكثر من 32 عامًا منذ انتخابه في عام 1992 ميلادي أمينًا عامًا لحزب الله خلفًا للشهيد سيد عباس موسوي طريق الارتقاء والعطاء للمقاومة حتى وقع اغتياله واستشهاده في عام 2024 ميلادي.
وقد تمكن الشهيد نصر الله خلال فترة ولايته من تحويل هذا الكيان السياسي إلى مؤسسة سياسية-اجتماعية متماسكة وموحدة بكل معنى الكلمة. والآن يُعتبر حزب الله أكبر حركة سياسية في لبنان في تاريخ هذا البلد.
الزعيم صانع للمقاومة
تزامنت انطلاقة الشهيد نصر الله في قيادة حزب الله ككيان سياسي مع توليه قيادة المقاومة العسكرية في الفترات الحساسة من تاريخ لبنان. فقد استطاعت المقاومة الإسلامية في لبنان من خلال قيادته السياسية-العسكرية تحقيق انتصارات متعددة ومن أبرزها النجاح التاريخي في عام 2000 ميلادي وتثبيت ذلك النجاح ضد الكيان الصهيوني في عام 2006 ميلادي.
تمكن الشهيد من جعل التنظيم العسكري-السياسي لحزب الله رمزًا للمقاومة الشعبية، وبحسب ما يعتقد الأمريكيون والأوروبيون والصهيونيون فقد أصبح هذا الكيان أكبر منظمة غير حكومية، عسكرية ومسلحة في المنطقة والعالم.
إيجاد الاستقرار الداخلي والوحدة الإسلامية
كان الشهيد نصر الله حريصًا على عدم الانزلاق في الصراعات الطائفية والمذهبية والحروب الأهلية بين اللبنانيين بغض النظر عن انتماءاتهم وتوجهاتهم. لقد كانت الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، سواء من المسيحيين أو المسلمين والوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة هي خطوطه الحمراء. وتعكس هذه التوجهات في شخصية سيد شهيد المقاومة التزامه بالمبادئ الوطنية والأقليات الدينية والثقافية.
هذا هو ما نتذكره في هذا الظرف الخاص؛ أي مسار التفاهم السياسي مع الرئيس الراحل رفيق الحريري في عام 2004 ميلادي قبل اغتياله في عام 2005 ميلادي، وتوقيع وثيقة التفاهم الوطني مع إيميل لحود الرئيس اللبناني آنذاك في عام 2006 ميلادي بعد عودته من باريس إلى بيروت. وتحقق هذا التفاهم باختيار رئيس الجمهورية ومن خلال الاختيار الذكي والاستراتيجي للمكونين الشيعيين للمقاومة وهما حزب الله وحركة أمل.
كان السيد الشهيد واحدًا من الشخصيات الوطنية الملتزمة في تنفيذ ودعم وثيقة الوفاق الوطني. وقد نبه مرارًا وتكرارًا العناصر الداخلية والخارجية الناقدة إلى الانتهاكات والتقصيرات في هذا المجال. وقد تجلى التزامه واهتمامه في رأس حزب الله والمقاومة تجاه وثيقة الوفاق الوطني في عدة مناسبات، خاصة في زمن صدور الوثيقة السياسية الثانية لحزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان في عام 2009 ميلادي.
ومع ذلك أظهر السيد حسن حكمة ومرونة كبيرة في سبيل السلام المجتمعي والتعايش بين اللبنانيين. وكان أحد أبرز المدافعين عن مؤتمر الحوار الوطني في عام 2012 ميلادي ليناقش المواضيع المثيرة للجدل (المشاكل المتبقية) ويجد الحلول السياسية المناسبة.
من أبرز الشعارات الوطنية لشهيد المقاومة التي دعا الأحزاب الداخلية والفاعلين الوطنيين لاتباعها هو إيلاء الأولوية لتشكيل حكومة عادلة بين جميع اللبنانيين ومن ثم تشكيل حكومة قادرة للجميع.
تستطيع الحكومة العادلة (المعارضة للنظام الطائفي والمذهبي) بدون أي تمييز أو انحيازات طائفية أو عنصرية أن تكون حجر الزاوية القوي للبنانيين. كما يمكن لحكومة قوية (على العكس من حكومة ضعيفة أو فاشلة) أن تحمي وتدافع عن جميع اللبنانيين دون أدنى شك من جميع أعدائهم ومن التهديداتت كافة.
الخلاصة
كان وجود السيد حسن نصر الله في عالمنا وفي عالم المقاومة حلمًا جميلًا وحتى فائق الجمال. لينتبه اللبنانيون المسيحيون والمسلمون ولنذكر أننا قدّمنا أجمل ما لدينا وأثمن ممتلكاتنا وأغلى شخصياتنا من أجل استقرار لبنان والدفاع عن قضية فلسطين. سنشيع قريبًا جثمانه الطاهر كما لو أننا ندفن جزءًا من قلوبنا. ونحن سعيدون أننا عشنا في زمن الشهيد السيد حسن نصر الله وأننا من أهل بلد الشهيد البطل وهذا غاية فخرنا وعزنا.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال