في كل مرحلة من الاشتباكات القتالية بين الكيان الصهيوني الموقت والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، يتكرر الفشل بعد الفشل لما يسمى بمنظومة “القبة الحديدية” لاعتراض الصواريخ. لماذا؟
ويأتي تكرار هذا الفشل، رغم الاستثمارات الكبيرة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني الموقت لتطوير منظومة القبة الحديدية، وكان آخرها في الرابع من آب/أغسطس 2022.
ومنذ تأسيس الكيان الصهيوني الموقت الذي بنى أسسه على استخدام العنف والقوة القتالية كان هذا الكيان يتفاخر بجيشه الذي لا يقهر، خاصة مع تكرار هزائم الجيوش العربية في أربعة حروب، حيث كان الصهاينة يعتمدون بشكل كبير على الحروب الخاطفة وعلى تفوقهم في القوة الجوية، والتي كانوا يرونها ورقتهم الرابحة في كل الحروب.
فبفعل الدعم الاميركي المفتوح للكيان الصهيوني الموقت، زودت واشنطن الجيش الصهيوني بمختلف أنواع الاسلحة المتطورة والتي استخدمت لضرب الدول العربية وقتل حتى المدنيين، وفضلا عن الصواريخ والمقاتلات زودت أميركا هذا الكيان بمنظومات الدفاع الجوي ومنها القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ.
إلا ان الظروف تغيرت بالنسبة للكيان الصهيوني بعد دخوله في اشتباكات مع فصائل المقاومة وخاصة حزب الله، الذي حطم للمرة الاولى أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” عندما طرد هذا الجيش من جنوب
لبنان
في عام 2000، وكررها في حرب تموز/يوليو2006، حيث كان أهم انجاز لهذه الحرب، هو تحدي القوة الجوية الصهيونية بما فيها منظومة “القبة الحديدية” التي كان الصهاينة يفخرون بها ويضخمون أداءها.
ويعود انتاج هذه المنظومة الى عقد التسعينيات، وبدأ استخدامها عندما كانت المقاومة تقصف الاراضي المحتلة بصواريخها ردا على اعتداءات الصهاينة، الا ان عمليات تطوير المنظومة تعود الى عام 2004. وتتكون هذه المنظومة التي تستخدم عادة لاعتراض صواريخ كاتيوشا وغراد وصواريخ غزة يدوية الصنع، من 3 الى 4 قاذفات صواريخ، تضم كل منها 20 صاروخا، وتبلغ قيمة بطارية القبة الحديدية 50 مليون دولار، فيما يكلف اعتراض كل صاروخ ما بين 50 الى 150 ألف دولار.
وقد انكشف عدم فاعلية القبة الحديدية العام الماضي خلال معركة “سيف القدس” التي استمرت 12 يوما، الامر الذي اعترف به الصهاينة انفسهم. فرغم التمويل الضخم، فشلت هذه المنظومة في اعتراض العديد من صواريخ المقاومة الفلسطينية. فمن الناحية التقنية يبلغ مدى هذه المنظومة ما بين 4 الى 70 كيلومترا، اي انها لا يمكنها اعتراض الصواريخ التي يقل مداها عن 4 كيلومترات. لذلك فإنها لا يمكنها اعتراض الصواريخ التي تطلق من غزة نحو مستوطنات الغلاف بسبب قرب المسافة.
إضافة الى ذلك، فإن منظومة القبة الحديدية، عاجزة عن التصدي للطائرات المسيرة، لأنها تحلق في ارتفاع منخفض، بحيث لا يمكن لهذه المنظومة ولا لسائر منظومات الدفاع الصهيونية كشفها والتصدي لها.
وبغض النظر عن نقاط الضعف آنفة الذكر، فإن القبة الحديدية لا يمكنها التمييز بين انواع الصواريخ، وهل ان الصاروخ الذي تكتشفه يحمل رأسا متفجرا ام لا؟ وللعلم فإن صواريخ التمويه لا تكلف المقاومة سوى 100 دولار، ويمكن اطلاقها بحجم كثيف، ما يصيب “القبة الحديدية” بالعجز، فضلا عن الكلفة العالية، يعني 50 ألف دولار مقابل 100 دولار.
وفي بعض الحالات، شوهد ان هذه المنظومات والانظمة الدفاعية يمكن اختراقها الامر الذي يخل عملية الرصد والاعتراض. وعلى سبيل المثال، في حرب عام 2014 بين الجيش الصهيوني وقطاع غزة، تمكنت حركة
حماس
من اختراق هذه المنظومة والتحكم بنيرانها.
إن نقاط الضعف التي ذكرناها لمنظومة القبة الحديدية الصهيونية، انما هي في التعامل مع صواريخ غزة، فكيف ستتعامل مع صواريخ حزب الله المتطورة؟
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال