الكوريدور الإيراني تحت المجهر و«إسرائيل» تخرج من المشهد القوقازي 20

الكوريدور الإيراني تحت المجهر و«إسرائيل» تخرج من المشهد القوقازي

من شنغهاي إلى بحر الخليج الفارسي، ومن أقصى القوقاز الشمالي إلى بحر العرب، تكرّست الجمهورية الإسلامية في الآونة الأخيرة بمثابة العقدة الجغرافية الرابطة وعماد التنمية المستقبلية الواعدة لمحور الشرق الصاعد، وكوريدور التواصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ما يعني سقوط نظرية الحصار الغربي لإيران من السواحل الخليجية مروراً بسفوح جبال زاكروس وصولاً إلى مياه بحر الخزر.

لم يعجب هذا المشهد تحالف الغرب المنكسر فدفع ببعض تابعيه في الأيام القليلة الماضية وتحديداً في كلّ من باكو وأنقرة وعلى خلفية حرب قره باغ، لفتح ثغرة في هذا المشهد الإقليمي خدمة للكيان الصهيوني وأسياده، فما الذي حدث وما هي أسبابه!؟

قالت مصادر وثيقة الصلة بمطبخ صناعة القرار الإيراني بأنها اكتشفت خطة مشتركة بين حكومة إلهام علييف في باكو وحكومة أنقرة وبتشجيع «إسرائيلي»، كانت تقضي بالقيام بعملية خاطفة ومفاجئة هدفها مهاجمة إقليم سيونيك الأرميني الجنوبي (زانج زور) وضمه لأذربيجان، وهو الإقليم الذي يمرّ عبره الطريق السريع المعروف بالطريق 41 الرابط بين إيران وجمهورية أرمينيا، ما يعني إغلاق المعبر الوحيد الحدودي الإيراني الأوروبي الرسمي.

بعد رصد هذه المعلومات والتحركات العسكرية للطرفين والتسلل الاستخباري للأجهزة المعنية قامت طهران بإرسال رسائل تحذيرية صارمة ومباشرة لرأس النظامين في باكو وأنقرة الأمر الذي أحبط المخطط الصهيوني ودفنه على هذا الطريق السريع إلى الأبد.

المصادر المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني تحدثت في هذا السياق عن استنفار شامل في قاعدتي طهران وهمدان الجويتين، وحشود ضخمة من الدبابات والمدرّعات والمدفعية على الحدود الإيرانية- الأذربيجانية، واستنفار عام في صفوف الجيش والحرس الثوري في شمال غربي البلاد، رافق العمل السياسي لحكومة طهران ما مثل بمثابة العصا الغليظة التي رفعتها إيران لإحباط المخطط المذكور وكذلك لتأديب أذربيجان وإرسال رسالة حازمة لـ «الإسرائيليين» أيضاً بعدم اللعب بالنار انطلاقاً من باكو وإلا فإنها ستجد رداً ساحقاً كما حصل لها في أربيل!

في هذه الأثناء وجه الوزير أمير عبد اللهيان يوم أمس توبيخاً شديداً لحكومة أذربيجان، محذراً إياها من استمرار السماح لـ «الإسرائيليين» للتموضع فوق أراضيها وتعريض الأمن القومي الإيراني للخطر.

جاء ذلك خلال تسلمه أوراق اعتماد السفير الأذربيجاني الجديد في طهران.

وطالب حكومة باكو بالتوقف عن تعريض أمن السائقين الإيرانيين على الخط الدولي الرابط بين إيران وأرمينيا، محذراً من إجراءات قاسية وصارمة ستتخذها طهران ضدّها في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه.

مصادر مطلعة على المخطط الأوسع الذي يُعتقد أن واشنطن هي من تقف وراءه ألا وهو منع إيران وروسيا والصين من إكمال مشروعهم العملاق المعروف عند الروس والإيرانيين بالكوريدور الاقتصادي شمال ـ جنوب، والذي يربط آسيا الوسطى والقوقاز ببحر العرب جنوباً عند نقطة ميناء چابهار الذي تعمل الهند على إكماله وتحديثه.

والآخر المعروف عند الصينيين بحزام واحد ـ طريق واحد والذي تعتبر إيران عماده من خلال الطريق السريع الذي يمرّ من شمال شرقي إيران إلى جنوبها عبر أوتوستراد عظيم باتجاهين يتشكل من 12 خطاً 6 ذهاباً و6 رجوعاً، والذي هو جزء من الاستثمارت الصينية التي وردت في إطار اتفاق الـ 25 سنة الاستراتيجي الشهير بين طهران وبكين.

أن تتمكن طهران من استكمال هذه المشاريع يعني تحوّلها إلى قطب اقتصادي غير قابل للحصار أو الكسر يدرّ عليها مئات المليارات من الدولارات، كما تؤكد مصادر في مجلس الأمن القومي الإيراني.

ما جرى ويجري من صراع في أفغانستان حول المعادن الثمينة فيها والمياه والطاقة يجري ضمن هذا الصراع بين قوى الشرق للتنمية، وقوى الغرب الاستعماري للتخريب والحروب المتنقلة.

ودائماً هنا أيضاً كما مع أذربيجان تعتبر طهران بيضة القبان، أو كما يسمّيها أهلها بمنعطف تلاقي التاريخ والجغرافيا بالسياسة.

من هنا كانت طهران ولا تزال تؤكد للغربيين وعملائهم المحليين في الإقليم بأنه من غير المسموح تغيير الحدود في المنطقة كلها، أو ما تسمّيه بضرورة ثبات واستقرار جيوبوليتيك الإقليم.

هذا الحزم الإيراني في السياسة وفي العسكر ـ بعد تعلل علييف عن الانخراط بالمشروع الشرقي كما تقول المصادر المطلعة ـ سيخرج باكو عملياً من هذا المشروع الاقتصادي العملاق، لكن الأهمّ أنه رصاصة الرحمة التي ستخرج «إسرائيل» من أربيل حتى باكو، وتالياً من المشهد الإقليمي الآسيوي القوقازي شمال إيران نهائياً.

بعدنا طيبين قولوا الله…

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال