الكيان الصهيوني وتأخير الرد الإيراني.. طهران لن تضبط الساعة إلا وفق حساباتها
أكثر ما يقلق المؤسسة الإسرائيلية على جميع مستوياتها الرد الإيراني المعلق حتى إشعار آخر وبقرار إيراني، ولاسيما في ظل الغموض الذي يلف زمان ومكان الرد وطبيعته، بما كشفه هذا الغموض من ضعف استخباراتي لدى كيان الاحتلال، وهو ما دفع واشنطن لتتولى مسؤولية التحديد المزعوم لزمان الرد دون نتيجة.
يلف الغموض المشهد وحال من اللايقين دفع الكيان للدخول في حال من التخبط والترقب والانتظار، مضاف إليه محاولات لزعزعة استقرار إيران.
وتحدثت تقارير إعلامية عن إن إسرائيل باشرت تحركات أمنية داخل إيران، لإشغالها عن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في 31 تموز الماضي، مشيرة إلى أن إسرائيل تتواصل مع جماعات إرهابية لزعزعة الأمن، وأن هناك تحركات أمنية إسرائيلية داخل إيران لمنع أو تخفيف حدة الرد على اغتيال هنية.
وتحدثت التقارير عن أن الكيان الصهيوني تواصل مع جماعات جنوب شرقي إيران، لتجهيز مجموعات إرهابية نشيطة في هذه المنطقة مجدداً، لتنفيذ إجراءات مخلة بالأمن رابطاً عمليات مسلحة لجماعة "جيش العدل" الإرهابية، جنوب شرقي البلاد، بهذه التحركات، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية "بدأت محاولات خاصة، لإثارة اضطرابات إعلامية ونفسية في أجواء البلاد، عبر استغلال حوادث مبهمة ومشكلات اجتماعية وحتى توجيه سلبي لاحتجاجات نقابية،
حيث قال مصدر مطلع أنه بعد خيبة أمل الصهاينة من الوساطات الدبلوماسية لمنع أو تخفيف حدة العملية ردا على انتهاك السيادة الوطنية الايرانية والانتقام لدم الشهيد إسماعيل هنية الشهيد، بدأ المسؤولون الأمنيون في الكيان الصهيوني بتحركات معادية للأمن بهدف جعل ايران الانشغال بالقضايا الداخلية". وفي الآونة الأخيرة، يسعى الصهاينة إلى اجراءات أمنية مضادة للأمن جنوب شرقي البلاد من خلال إقامة اتصالات جديدة وإعادة تجهيز بعض الجماعات الإرهابية العاملة في تلك المنطقة.
وأكد المسؤول المطلع: "بالإضافة إلى استفزاز الجماعات الإرهابية، هناك محاولة جادة من قبل جهاز الأمن الإسرائيلي لخلق التهاب إعلامي في الفضاء العام للبلاد من خلال استغلال الأحداث الغامضة والأحداث الاجتماعية الصعبة، وحتى التوجيه السلبي للبعض احتجاجات نقابية.
وأضاف المسؤول المطلع: "إن استغلال أخطاء مثل الحادث المؤلم في لاهيجان وتعميمه على إرادة الشرطة والنظام ككل، إلى جانب الشائعات وإعادة نشر الأفلام القديمة بهدف إثارة المشاعر، كان جزءا من تحركات عملاء إعلام الكيان الصهيوني في الفضاء الإلكتروني في الأيام الأخيرة، الأمر الذي يتطلّب وعي السلطات المعنية أكثر من أي وقت مضى". هذه الأعمال والتحركات الإعلامية والنفسية للكيان الصهيوني لن تؤثر على تصميم إيران على القيام بانتقام دم الشهيد هنية، وقرار تنفيذ هذه العملية امر محسوم لا رجعة فيه.
وتأتي هذه التحركات في ظل الحكومة الجديدة في إيران ومحاولة التأثير على الداخل الإيراني وتأليب الرأي العام الشعبي على الحكومة الجديدة والنفاذ عبر مشكلات عادية ومن ثم تضخيمها وصولا إلى إثارة القلاقل والمزيد من الإضرابات.
كل ما سبق ذكره يأتي لسبب واحد لا غير وهو تأخير الرد الإيراني بإشغال طهران بالمشكلات الداخلية، ومثل هذه التحركات ربما تقود إلى نتيجة واحدة وهي يقين الكيان بوقوع الرد الإيراني وبالتالي كل التحركات الأمريكية والوساطات لعدم وقوعه لن تأتي بنتيجة.
ولا يخفى على أحد أن حرب الظل بين إسرائيل وإيران دخلت مرحلة خطيرة جديدة منذ بداية عملية طوفان الأقصى والتي لطالما رسمت ملامح المنطقة لعقود من الزمن، وهي الأكثر قابلية للانفجار من بين العديد من الصراعات الأخرى التي عصفت بالمنطقة، وبالتالي فأن الأوضاع الراهنة قابلة للانفجار في أي لحظة ولاسيما في حال تمادي الكيان في استغلال الأحداث في الداخل الإيراني.
كما لا يخفى على أحد أيضا أن المنطقة برمتها باتت على صفيح ساخن وهو ما ينذر بمتغيرات كبرى من شأنها إعادة رسم خريطة التحالفات والنفوذ، وكل القضايا والتسويات مرتبطة بما تؤول إليه الأمور في غزة، فوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يحل مجمل الملفات المرتبطة به وهو شرط أساس لدى جبهات الإسناد، رغم تأكيد طهران أن قرار ردها الذي تتوعد به إسرائيل لا علاقة له بوقف محتمل لإطلاق النار في قطاع غزة.
بالمجمل، وبخلاف التصريحات أيما تكون التحركات الإسرائيلية ضد إيران، وريثما تحط المفاوضات بين الكيان والمقاومة الفلسطينية رحالها بنتيجة وقف إطلاق النار، تأتي تأكيدات متواصلة من طهران، بأن ردّها على اغتيال هنية آتٍ وسيكون مفاجئاً ومتناسباً، باعتبار اغتيال هنية جريمة لا تُغتفر وانتهاك لسيادة وسلامة الأراضي الإيرانية.
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد أكد أن بلاده تعتبر الرد لمعاقبة المعتدي، حقاً شرعياً لكل الدول، وحلاً لوقف الجرائم والاعتداءات، مضيفاً أن اغتيال هنية كضيف لدى إيران، انتهاك للقانون الدولي، وأنه يأمل في أن يلقى الفعل الإسرائيلي إدانة من العالم.
كما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده لا ترغب في توسيع دائرة الحرب والتصعيد في المنطقة، لكنها لن تتراجع عن حقها في الرد على اغتيال هنية.
كما يجمع المتابعون للشأن الإيراني أنه لا تراجع عن الوعد الذي قطعه قائد الثورة الإسلامية بالثأر لدماء هنية "لأن الاغتيال وقع على الأراضي الإيرانية"، مما يرجح كفة "الميدان" على حساب "الدبلوماسية الغربية" الرامية لثني طهران عن تنفيذ انتقامها.
ويرى مراقبون أن الميدان يمتلك اليد العليا في صد التهديدات وضمان المصالح الوطنية الإيرانية، وأنه يشكل محركا قويا لدفع الدبلوماسية إلى الأمام، مؤكدين أنه كان الأحرى بالأطراف التي تقود حملة وساطات هذه الأيام بذريعة خفض التوتر أن تضع حدا للمجازر الصهيونية، ولا كلام يعلو على الميدان في التوقيت الراهن"، وأن الرد الإيراني آت لا محالة، وطهران لن تضبط الساعة إلا وفق توقيتها وحساباتها وبالتأكيد ستجعل تل أبيب تندم على فعلتها.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال