بعد وقت قصير من إعلان كينيث روث، في نيسان الماضي، أنه يعتزم التنحي عن رئاسة هيومن رايتس ووتش، اتصلت به سوشما رامان، المديرة التنفيذية لمركز “كار” لسياسة حقوق الإنسان في كلية هارفارد كينيدي. سألت رامان روث عما إذا كان مهتماً بالانضمام إلى المركز كزميل كبير، قال روث إنه مهتمّ بالفعل بأن يصبح زميلاً. أرسلت رامان الاقتراح إلى مكتب عميد الكلية دوغلاس إلمندورف -خبير اقتصادي كبير سابق في مجلس المستشارين الاقتصاديين ومدير مكتب الميزانية في الكونغرس- للموافقة عليه، فيما كان يُفترض أنه إجراء شكلي، ولكن بعد أسبوعين، أبلغ إلمندورف مركز “كار” أن زمالة روث لن تتمّ الموافقة عليها، بسبب إن هيومن رايتس ووتش لديها “تحيّز ضد إسرائيل”، وأن تغريدات روث عن “إسرائيل” كانت مصدر قلق خاص.
أدرجت كاثرين سيكينك، أستاذة سياسة حقوق الإنسان في كلية كينيدي، هذه النقطة في رسالة إلى عميد الكلية لدحض تهمة التحيّز ضد “إسرائيل”، وأن الاعتماد يكون على مقياس الإرهاب السياسي، وهو مقياس سنوي يقوم بتجميعه فريق مقره في جامعة نورث كارولينا في آشفيل. ويصنّف الدول على مقياس من 1 إلى 5، بناءً على حالات السجن السياسي والإعدام بإجراءات موجزة والتعذيب وما شابه.
يقوم الفريق بترميز سجل كل دولة بناءً على تقارير حقوق الإنسان السنوية الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش. في كل عام، سجلت “إسرائيل” 3 أو 4 نقاط، ما جعلها متساوية مع أنغولا وكولومبيا وتركيا وزيمبابوي، أي “سجل سيئ للغاية”، كما تقول سيكينك. وقارنت كذلك تقييم هيومن رايتس ووتش بتقييم كل من منظمة العفو الدولية ووزارة الخارجية، ووجدت أن الجميع “متشابهون إلى حد كبير”.
لفهم سياق هذا القرار، كتب بيتر بينارت مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” تحت عنوان “هل فقدت مكافحة معاداة السامية طريقها؟”. كتب بينارت: “خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، فعلت أبرز المنظمات اليهودية في أمريكا شيئاً غير عادي. لقد اتهمت منظمات حقوق الإنسان الرائدة في العالم بالترويج لكراهية اليهود”. بعد أن أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً في نيسان 2021 يتهم “إسرائيل” بممارسة سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين، قال بينارت: “زعمت اللجنة اليهودية الأمريكية أن اتهاماتها تقترب أحياناً من معاداة السامية”. وبعد أن أصدرت منظمة العفو الدولية، في شباط 2022، تقريرها الخاص الذي تتهم فيه “إسرائيل” بالفصل العنصري، توقعت رابطة مكافحة التشهير أنه “من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تكثيف معاداة السامية”. بالإضافة إلى ذلك، انضمت اللجنة اليهودية الأمريكية ورابطة الدفاع إلى أربع مجموعات يهودية بارزة أخرى في إصدار بيان يزعم أن تقرير منظمة العفو الدولية لم يكن متحيزاً وغير دقيق فحسب، بل “يغذي هؤلاء المعادين للسامية في جميع أنحاء العالم الذين يسعون لتقويض الدولة اليهودية على وجه الأرض”. وخلص بينارت إلى أنه كان من المفارقة الرهيبة أن الحملة ضد معاداة السامية كانت تستخدم من قبل هذه الجماعات كسلاح ضد منظمات حقوق الإنسان.
في تقرير لـ هيومن رايتس ووتش لعام 2021 الذي يتهم “إسرائيل” بالفصل العنصري، وفي 217 صفحة من الوثائق التفصيلية والتحليل القانوني، سعى التقرير إلى إثبات أن السلطات الإسرائيلية قد استوفت التعريف القانوني للجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد -الحرمان الشديد من الحقوق الأساسية لأسباب عرقية أو إثنية أو غيرها- من خلال اتباع سياسات تمنح امتيازاً منهجياً لليهود الإسرائيليين وتميز ضد الفلسطينيين. وتضمنت هذه السياسات تسهيل نقل اليهود الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة، ومنحهم حقوقاً أعلى من تلك التي يتمتع بها الفلسطينيون الذين يعيشون هناك، والمصادرة الواسعة النطاق للأراضي المملوكة ملكية خاصة في معظم أنحاء الضفة الغربية، وبناء الجدار الفاصل بطريقة تستوعب النمو المتوقع للمستوطنات.
يقول روث: “جاء الغضب الصهيوني لأنني تجرأت على انتقاد إسرائيل على الرغم من أنني يهودي، وانجذبت إلى قضية حقوق الإنسان من خلال تجربة والدي في العيش في ألمانيا النازية”.
المصدر: البعث
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال