منذ بداية عملية طوفان الأقصى، وكذلك مع بداية هجمات حزب الله اللبناني في شمال فلسطين المحتلة، واجه النظام الصهيوني ظاهرة جديدة تسمى لاجئي الحرب.
على وقع هجمات حزب الله اللبناني على مواقع الجيش الصهيوني في المناطق الشمالية من فلسطين المحتلة، فرَّ آلاف المستوطنين الصهاينة من هذه المنطقة، ويتزايد عددهم مع مرور الزمن واتساع نطاق المواجهات مع الاحتلال ومستوى الهجمات. وتجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من سكان الأراضي المحتلة المحيطة بقطاع غزة عانوا أيضاً من أوضاع سيئة بسبب الاحتلال الصهيوني في الشمال.
وقال النظام الصهيوني في قراره الأول بشأن الأراضي الفلسطينية الشمالية: "يجب على سكان المستوطنات الصهيونية التي تبعد مسافة تصل إلى 5 كيلومترات عن الحدود إخلاء منازلهم وسيتم توفير سكن بديل لهم على نفقة الحكومة". (1)
والآن، وبعد أكثر من 7 أشهر من الحرب في الأراضي المحتلة وعدم تراجع الهجمات في الشمال واحتمال تصاعد التوتر، أصبحت قضية اللاجئين مشكلة خطيرة بالنسبة للحكومة الصهيونية.
ويحمل اللاجئون الصهاينة حكومة رئيس وزراء نظام الاحتلال بنيامين نتنياهو ونفسه مسؤولية هذا الفشل، ويزعمون أن الحكومة غير مبالية بأوضاعهم. الوضع الأمني غير المستقر في مناطق الشمال وهجمات حزب الله اللبناني واحتمال هجوم مجموعات المقاومة السورية وتكرار سيناريو 7 تشرين الأول، سبب آخر لعدم رغبة الصهاينة في العودة إلى منازلهم القريبة من الحدود اللبنانية.
ومن ناحية أخرى، وفي ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة التي يعيشها الكيان الصهيوني بسبب حالة الحرب، أصبحت تلبية احتياجات اللاجئين أزمة خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي. كما أن عدم التنبؤ بشأن الوضع في شمال فلسطين أدى إلى عدم وجود احتمال واضح لعودة النازحين الصهاينة إلى ديارهم.
البعد الآخر هو المشاكل والقضايا والعواقب الاجتماعية. وفي هذا الصدد جاء في تقرير: رصدت وزارة الرعاية بين العديد من النازحين "علامات التعب ونفاد الصبر وعدم الاستقرار الناجمة عن الحياة المشتركة المفروضة عليهم وعدم وجود مساحة عائلية خاصة". في بعض الفنادق التي يقيم فيها اللاجئون، فقدت أبسط معايير السلوك في الأماكن العامة، ونتيجة للأحداث، ينتشر العنف الجسدي واللفظي المتكرر والتخريب. وفي الوقت نفسه وبسبب العيش في بيئة فوضوية، تتزايد الأوضاع الخطيرة بين أطفال وشباب الأسر النازحة. وفي معظم الفنادق يكون اللاجئون من مختلف الطبقات أو عائلات المسؤولين الحكوميين، مما زاد من الصراعات والاحتكاكات لدرجة أن هناك معارك على توزيع الموارد بين الناس. (2)
أو في حالة أخرى، في اجتماع تم عقده بين مسؤولي أحد الفنادق التي يقيم فيها اللاجئون مع أعضاء لجنة إحدى البلدات التي تم إخلاؤها، ذكر مسؤولو الفندق أنه يجب على اللاجئين مغادرة الفندق في نهاية الشهر وسبب ذلك هو إجلاء اللاجئين بسبب الاعتبارات الاقتصادية المذكورة. (3)
وجاء في آخر تقرير منشور عن أوضاع اللاجئين الصهاينة ما يلي:
نحو 7 أشهر مرت على بدء الحرب، والحالة الصحية والنفسية لنحو 100 ألف نازح تركوا بيوتهم وأصبحوا في العراء تثير القلق: يبدو أن الكثير منهم يعانون من العنف وتفاقم المرض ومشاكل أسرية. ويُحرم العديد منهم من الحصول على الخدمات الطبية، ويعاني المراهقون من مشاكل عقلية ويلجأون إلى شرب الكحول، وتتفكك الأسر اجتماعياً. (4)
إن ما ورد من تقرير في وسائل الإعلام العبرية، يدل على أن قضية اللاجئين تمر بمرحلة أزمة كبيرة، وهي الآن على وشك أن تتحول إلى أزمة اجتماعية واقتصادية. ويمكن أن يصبح عدد كبير من النازحين المحرومين من احتياجاتهم الأساسية بسبب ظروف الحرب وينخرطون تدريجياً في قضايا مثل المشاكل العائلية والفوضى الإجتماعية، عنصراً مسبباً للأزمات بالنسبة لقادة النظام الصهيوني.
إذا استمر هذا الاتجاه، فإن النتيجة الأقل توقعًا هي أعمال الشغب التي يقوم بها هؤلاء الأشخاص في الشوارع، والظروف مهيئة تماماً لحدوث شيء من هذا القبيل بالنظر إلى احتجاجات الشوارع المستمرة ضد الحكومة الصهيونية في الأراضي المحتلة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال