المفكرون.. آخر ضحايا المصالح الخارجية الأمريكية

21
بدون تعليق
المفكرون.. آخر ضحايا المصالح الخارجية الأمريكية

قد تكون العولمة بحسناتها المعهودة واحدة من نقاط تلاقي الإنسانية حول العديد من الخطوات الإيجابية التي دفعت البشرية إلى التقدم نحو أُسس مشتركة. هذه الأسس المشتركة التقت مع التكنولوجيا الحديثة لتشكل حالة عالمية ساهمت في تسارع حركة التطور العالمي بشكل كبير، الأمر الذي دفع بالعديد من الدول إلى الأمام للعب دورها الطبيعي كجزء وشريك في هذه العولمة.

منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت السياسة الأمريكية كقطب يبحث عن آحادية جيوسياسية وجيو ـ إقتصادية، حصدها عند سقوط الإتحاد السوفياتي. أما اليوم وبعد عودة التوازن إلى الساحة العالمية، خاصة بعد بروز دول رفضت بشكل جذري الهيمنة الأمريكية كإيران، وروسيا والصين وفنزويلا، وكوريا الشمالية وغيرها.. بعد عصر آفول آحادية أمريكا، بل يمكن القول بدأ عصر زلزلة الامبرطوراية الامريكية وحلمها الذي أرادت تصديره الى العالم تحت مسميات شتى تارة ديموقراطية وطوراً حرية.. وغير ذلك.. مقابل صعود الدول المتصدية لهيمنتها.

لائحة امريكا الاجرامية تطول وتطول وتتسع ربما على مستوى خارطة العالم، بعض ارهابها انكشف والبعض الآخر ما زال مستوراً، لكن لن يطول زمن ستره. خاضت حروبها على الدول التي تريد السيطرة على نفطها ومواردها، ولما فشلت دخلت بلبوس الحرب الناعمة عبر الثقافة والاداب والتكنولوجيا والمنح الدراسية في هذه الدول.

لكن النهضة التي شهدتها هذه الدول على يد مفكرين وباحثين وطنيين على مختلف المستويات وفي كل المجالات، حتى وصلت إلى مستويات منافسة للولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات. التقدم الكبير على مستوى التكنولوجيا النووي دفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها إلى اغتيال علماء الذرة والعلوم في إيران وعلى رأسهم العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، ومحاولات اغتيال علماء السياسة وأهمها العملية الأخيرة التي استهدفت المفكر الروسي الكسندر دوغين والتي قضت فيها ابنته داريا دوغين.

ومن البديهي أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقف خلف تحريك الدول بهدف خدمة سياستها الخارجية ومصالحها للحفاظ على الآحادية القطبية، هي من حركت حليفها الرئيس الاوكراني بهدف تنفيذ هذه العملية البشعة في الداخل الروسي، بحسب ما تشير التحقيقات الأولية.

ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية اليوم من استهداف للمفكرين عبر أدواتها هو جزء من سياستها الغوغائية التي تنتهجها كإحدى الأوراق الأخيرة التي ستلعبها قبل السقوط المدوي الذي يبدو بأنه لم يعد بعيدًا. هذا السقوط سيكون بداية الاعتراف العالمي بعالم متعدد الأقطاب، وضرب للهيمنة الامريكية خاصة على مستوى الدولار الاميركي الذي بدأ يتلقى الكثير من الضربات.


د.زكريا حمودان


Short Link :

https://iuvmpress.news/ar/?p=30724

Tags:

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال

موضوعات ذات صلة

Follow the similar posts
الولايات المتحدة تمنع وقف إطلاق النار

الولايات المتحدة تمنع وقف إطلاق النار

Mar 10 2024
قوة الردع الإيرانية وتصرفات أمريكا الاستعراضية

قوة الردع الإيرانية وتصرفات أمريكا الاستعراضية

Mar 08 2024
عودة ترامب إلى السلطة

عودة ترامب إلى السلطة

Jan 21 2024
تراجع هيمنة التحالف في الهجوم على اليمن

تراجع هيمنة التحالف في الهجوم على اليمن

Jan 21 2024
أمريكا و رعايتها للإرهاب

أمريكا و رعايتها للإرهاب

Jan 19 2024
موشن جرافيك / نحن لدينا منطق في مواجهتنا مع أمريكا

موشن جرافيك / نحن لدينا منطق في مواجهتنا مع أمريكا

Jan 15 2024
موسم سقوط الرهانات الاستعمارية

موسم سقوط الرهانات الاستعمارية

Jul 18 2023
الشرق الأوسط يبتعد عن ابتزاز أمريكا

الشرق الأوسط يبتعد عن ابتزاز أمريكا

Jun 18 2023