بعد أن مرت عدة أيام على الصدمة التي تلقاها رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز وقال إنه سيستقيل من منصبه، لكنه بحسب ماصرح لاحقاَ سيصمد ويقاوم لآخر لحظة.
في التفاصيل، قال رئيس الوزراء الإسباني السيد سانشيز إنه قد يستقيل من منصبه كرئيس للوزراء بعد بدء تحقيق قضائي في قضية فساد ضد زوجته بيجونيا جوميز حيث علق أنشطته لعدة أيام. وبعد هذا الإجراء خرجت مظاهرة حاشدة لدعمه في مدريد وطلب الناس مواصلة أنشطة السيد رئيس الوزراء وبعد أيام أعلن أنه سيبقى ولن يستقيل.
ماهي خلفية الحدث ؟
يعود سبب ذلك إلى أن مجموعة غير ربحية تنسب إلى حركة اليمين المتطرف المعروفة باسم جمعية "مانوس ليمبياس" (الأيادي النظيفة)، وهي سبب الشكوى ضد زوجة رئيس الوزراء الإسباني أمام النظام القضائي في هذا البلد. وزعمت المجموعة أن زوجة بيدرو سانشيز ساعدت شركة طيران تدعى جلوباليا في الحصول على خطة إنقاذ بقيمة 475 مليون يورو في نوفمبر 2020 من صندوق استراتيجي بقيمة 10 مليارات دولار. لكن العشرات من شركات الطيران الأخرى تلقت منذ ذلك الحين مساعدات مماثلة، والتي تم فرضها للتعويض عن الأضرار التي سببتها جائحة كورونا لشركات الطيران.[1]
وتكررت هذه الحادثة في السنوات الماضية، وهو ما رفضته النيابة العامة الإسبانية لعدم توفر الأسباب المواتية للمحكمة. وفي هذه الشكوى الجديدة، يعتمد التوثيق فقط على تقارير صحفية تفيد بأن النيابة طلبت إغلاق القضية، لكن القاضي التزم الصمت بشأن هذا الأمر. في الواقع يمكن للقاضي أن يبدأ هذه القضية ويمارس ضغوطًا كبيرة على رئيس الوزراء وعائلته من خلال استدعاء الشهود[2].
وقد قرر السيد سانشيز تحمل هذه الضغوط على الرغم من الضغوط واسعة النطاق، بالنظر إلى الدعم الواسع والكبير الذي يحظى به من قبل الشعب ورجال الدولة في اسبانيا، ورغم أنه لم يذكر شيئاً عن خطته للمستقبل في التعامل مع مثل هذه الأحداث، إلا أنه يريد استكمال هذا التحدي كما يبدو، وبحسب تصريحاته فإنه يود أن تكون إسبانيا نموذجاً للديمقراطية للعالم مرة أخرى[3].
وبالإضافة إلى هذا الموضوع، لا بد من الإشارة إلى موضوع آخر مهم، وهو سبب تزايد الضغوط على رئيس الوزراء. في البداية، يبدو أن نجاح السيد سانشيز في تشكيل حكومة وطنية كان بعيداً قليلاً عن أذهان التيارات اليمينية، التي افترضت أن الحكومة الائتلافية ستفشل. إضافة إلى ذلك فإن السياسات الاجتماعية للحكومة الإسبانية لا تتماشى مع التيارات المتطرفة وهم يحاولون إضعاف الحكومة، لذلك يسعون إلى زيادة الضغط على الحكومة بطرق مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، نجح السيد سانشيز في الحد من مطالب الاستقلال في البلاد إلى حد ما، وهو أمر غير مناسب جدًا للجماعات الاستقلالية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومة الإسبانية من أوائل الحكومات الأوروبية التي أدانت تصرفات إسرائيل. كما أن السيد سانشيز كان من الداعمين والمبادرين للخطة الأوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويبدو أن مثل هذه التصرفات الجريئة ستكون مكلفة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسباني وحكومته. وحقيقة أن حركة قريبة من اليمين المتطرف، والتي عادة ما تكون لها مواقف معادية للفلسطينيين، وتسعى للضغط على رئيس الوزراء الإسباني في هذه المرحلة، تظهر أن جماعات اللوبي الإسرائيلية تسعى إلى تصفية الحسابات أو زيادة الضغط على الحكومة الإسبانية. وهذا من شأنه أن يبقي إسرائيل خارج عناوين الأخبار في أوروبا وإسبانيا على وجه الخصوص لبضعة أيام على الأقل. ومن ناحية أخرى سيكون بمثابة أداة ضغط على السيد سانشيز. وهذا الحادث هو في الواقع تحذير للحكومات التي تسعى إلى الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية.
لكن المهم الذي حدث هو التأييد الشعبي الواسع للسيد رئيس الوزراء وربما كان تجمع آلاف الأشخاص في مدريد مسألة لم يفكر فيها الكثيرون، حتى سانشيز نفسه، وفي خطابه الرسمي كرئيس للوزراء، أشار إلى هذا الدعم الشعبي الفعال وقال إنه معجب للغاية وأنه ممتن وسعيد للغاية لأن شعب إسبانيا دعمه هو وعائلته.
والحقيقة أن هذا الدعم الشعبي كان نقطة فاجأت اللوبيات وأذرع الضغط في إسرائيل. وكانوا يبحثون عن تغييرات ويضغطون على إسبانيا بافتراض أن إعلان جريمة ضد عائلة رئيس الوزراء قد يؤدي إلى حل الحكومة وإعادة انتخابها. والآن علينا أن نرى ما هو القرار الذي ستتخذه محكمة مدريد بشأن هذه القضية، هل ستعيد النظر فيها تحت الضغط أم ستعلن إغلاقها. إذا تم إغلاق هذه القضية، فإن قوة السيد سانشيز ونفوذه ستزداد بشكل كبير في أوروبا وإسبانيا، ويمكنه مرة أخرى إعادة وضع إسرائيل تحت الضغط.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال