المنطقة على وشك الانفجار؟ 3021

المنطقة على وشك الانفجار؟

بعد السابع من أكتوبر، ازدادت وتيرة التطورات في منطقة جنوب غرب آسيا. وإذا لم يتم السيطرة على هذه العملية التي تعمل إسرائيل على تكثيفها، يمكن أن تجر ورائها كارثة كبيرة على مجتمع الدولي. لقد لجأت إسرائيل تماشياً مع استراتيجيتها للبقاء إلى سلسلة من الإجراءات الهجومية المكلفة، وتجاوزت الخطوط الحمراء على المستوى الدولي للمرة الألف، وتوقعت كالعادة عدم التوبيخ والعقاب كما حدث في الماضي. لكن هذه المرة انتقلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من مرحلة الصبر الاستراتيجي إلى مرحلة الردع الحاسم و وضعت إسرائيل أمام تحد كبير بالنسبة لحساباتها وتصرفاتها المستقبلية.

عواقب حرب غزة؟
يبدو أن ازدياد حدة التوترات في المنطقة يرتبط بشكل مباشر بالحرب في غزة. حيث تعترف إسرائيل بأن إيران هي العامل الرئيسي لعملية طوفان الأقصى، وتحاول جر الجمهورية الإسلامية إلى معركة كلاسيكية، حيث تكون لها اليد العليا بفضل الدعم الشامل من الغرب. ولكن هذا النهج الإسرائيلي يشكل سلسلة من الأحداث المسببة للتوتر في المنطقة والتي إذا لم تتم إدارتها على النحو اللأنسب فقد تخرج الأمور عن نطاق السيطرة تماماً ويحول الشرق الأوسط إلى جحيم ملتهب وهو حدث لا يرحب به أحد سوى نتنياهو.

بالإضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى المواقف المسيسة تماماً للغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا. هذه الدول كأنها لم تر َ جرائم إسرائيل والإبادة الجماعية لها في غزة، أو تعتبر انتهاكات القوانين الدولية استثناءً لها ولا تدينها حتى، عليها الآن أن تتخذ موقفاً فعالاً عبر السياسة والدبلوماسية لمنع انتشار التوتر وعدم الإنجرار نحو الحرب في المنطقة، وفي الواقع فإن الاسترضاء المفرط للقوى الغربية الكبرى مع إسرائيل أدى إلى عدم قيام هذا النظام بوضع أي خطوط حمراء لنفسه، واتخاذ إجراءات متهوره تخالف الأعراف والقوانين الدولية.

في الوقت نفسه، فإن موقف الحكومة الصينية جدير بالملاحظة. ومن خلال فهم الوضع في المنطقة، يبدو أن هذا البلد يدرك جيدًا أسباب التوتر المتزايد، وقد صرح أنه إذا توقفت الحرب في غزة، فسوف ينخفض ​​العنف في المنطقة، ولذلك فقد حان الوقت لتنفيذ قرار وقف إطلاق النار الصادر عن مجلس الأمن الدولي في أسرع وقت ممكن حتى يمكن إدارة التوترات في المنطقة[1].

ويبدو أن الدعوة الواسعة لضبط النفس والسيطرة على الوضع هي حركة سياسية أكثر منها عملية، وذلك لأن إسرائيل تدرك أنها تحظى بدعم واسع النطاق من قِبَل الحكومات الغربية. لذلك إذا لم تكن الدعوة إلى ضبط النفس مصحوبة بالضغط على إسرائيل، فمن غير المرجح أن يكون لها تأثير كبير. وهذا يعني أن الجانب الغربي لم يقم بواجبه بالكامل وعليه أن يدفع تكاليف ذلك. وفي الواقع لا يزال الغرب يغض الطرف عن الإجراء غير القانوني الذي قامت به إسرائيل بمهاجمة مبنى القنصلية الإيرانية، ويدين من جانب واحد الإجراء الإيراني [2]بغض النظر عن سببه وهو تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء. وقد تكون هذه القضية خطيرة ومكلفة للغاية، ليس فقط بالنسبة للغرب، بل للعالم أجمع ولا شك أن الدعم الأعمى لإسرائيل سيكون له عواقب بعيدة المدى. وهذا الدعم الذي يقدم في الوقت الذي يرتكبون فيه إبادة جماعية في غزة، يفضح وجه الغرب أكثر حيث أن حياة البشر عندهم ليست نفسها بالنسبة لهم، وأن المصالح السياسية والاقتصادية أكثر قيمة من حياة البشر في شعوب منطقة الشرق الأوسط.

يضاف إلى ذلك أن هذا الدعم يمكن أن يتحول إلى ضرر اقتصادي واجتماعي واسع النطاق في الغرب، حيث رأى شعبه طبيعة إسرائيل بعد سنوات طويلة وأدرك عمق عنفها. وقد تكون هذه القضية مكلفة بالنسبة للحكومات الموالية لإسرائيل على المدى الطويل، كما أن الرأي العام العالمي يدرك جيداً أن إسرائيل تخوض حرباً كبيرة. وفي الواقع، لم تعد الحكومات الغربية اليوم قادرة على توجيه السرد والخطاب السائد حول القمع الإسرائيلي، وأصبحت شعوب العالم تراقب وتحلل أحوال المنطقة والعالم من خلال وسائل الإعلام المختلفة[3]. ويمكن أن تؤدي هذه المشكلة إلى زيادة الفجوة الاجتماعية، كما تسبب زيادة في المسافة بين الطبقات المختلفة من الناس، مما يزيد من التكاليف الاجتماعية للحكومات. بالإضافة إلى ذلك، فإن بدء الحرب يعني انخفاضًا إضافيًا في الرفاهية، وزيادة في التضخم، وخطر في سلسلة التوريد، وزيادة في أسعار الوقود، وبشكل عام الركود الاقتصادي والاجتماعي والتقشف للشعب. لذلك من الأفضل للغرب والعالم إدارة إسرائيل بمختلف الأدوات المتاحة لهم، وذلك من خلال دعم خيار إنهاء حرب غزة ومنع اندلاع حرب لا تعرف أين وكيف ستنتهي.

امین مهدوي

[1] globaltimes.cn
[2] reuters.com
[3] thegeopolitics.com
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال