النظام الإسرائيلي؛ والخط الأحمر لحقوق الإنسان 2649

النظام الإسرائيلي؛ والخط الأحمر لحقوق الإنسان

منذ ثمانين عاماً والنظام الصهيوني يرتكب المجازر بحق الشعب الفلسطيني بمساعدة حلفائه الغربيين والأوروبيين، وخلال الأشهر الثمانية الماضية شهد الرأي العام العالمي أن النظام الصهيوني، بكل جرأته وقساوته وبدعم من أنصاره وحاميته من الغرب، قد ارتكبت أبشع وأعنف المجازر التي مرت في تاريخ الإنسانية. ومن أبشع الجرائم التي وقعت خلال الأشهر الثمانية الماضية مجزرة رفح. والحقيقة أن هذه المجزرة هي نتيجة إرهاب الدول الغربية والأوروبية ودعم لجرائم هذا النظام. ورغم إعلانهم عدم دعمهم لإسرائيل في مهاجمة رفح، فإن هذا النظام لم يهاجم رفح فحسب، بل ارتكب أبشع جريمة في رفح ولذلك فإن الدول الداعمة للنظام الإسرائيلي متواطئة في هذه المجزرة، رغم أنها تعتبر نفسها مهد حقوق الإنسان. حقوق الإنسان التي تم ذبحها منذ سنوات في الأراضي المحتلة على يد النظام الإسرائيلي المزيف.

غالباً تعتقد حكومة نتنياهو ومؤيدوها أن قتل المدنيين وارتكاب المجازر والترهيب هو مناسب أو كفيل بلإطاحة بقادة حماس. وهذا التبرير على الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة من المؤسسات الدولية والسلطات القانونية، كان يعتبر دفاعاً عن النفس من قبل مؤيدي إسرائيل.

وهذه المرة في رفح، وبينما كان نتنياهو يبرر المأساة الإنسانية بالإعلان عن مقتل اثنين من قادة حماس، أعلن أن خطأ فنياً كان السبب وراء وفاة أكثر من أربعين مدنياً في الهجوم على مخيم اللاجئين الفلسطينيين.[1]

ومع ذلك، فإن رد فعل الأوروبيين بعد الهجوم ومقتل الأطفال وإدانة النظام الإسرائيلي لاقتحامه مخيم رفح كان دراماتيكيًا ويائسًا، وقال جوزيف بوريل، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: "لقد أجبرنا على إدراك ضرورة تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية بتأكيد الوقف الفوري للأعمال العدائية".[2]

وانتقدت الخارجية الألمانية هذا الهجوم بشدة، حيث أكدت أن صور الجثث المحترقة أمر لا يطاق. ويبدو أن الضغوط الأوروبية على إسرائيل تتزايد، وفي هذا الصدد، اعتبرت "الحاجة لحبيب"، وزيرة الخارجية البلجيكية، قرار تشكيل مجلس التعاون الإسرائيلي الأوروبي إشارة قوية. وأضافت "الحاجة لحبيب" التي تعتبر حكومتها داعما قويا للفلسطينيين: "علينا أن نضمن احترام الجميع لقوانيننا وقيمنا، والأهم من ذلك من قبل شركائنا مثل إسرائيل".

ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي للنظام الإسرائيلي، وتربط الأطراف علاقات اقتصادية واسعة مع بعضها البعض. ونتيجة لذلك، فإن هذه الكتلة لديها أداة قوية للضغط على حكومة نتنياهو الحربية حتى تتمكن من منع جرائم النظام الإسرائيلي. ومع ذلك، وعلى الرغم من الدعم القوي من جانب جماعات حقوق الإنسان، فإن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن حتى الآن من الحصول على الدعم السياسي من جميع الدول الأعضاء لمثل هذا الإجراء.[3]

وفي الوقت نفسه، يعتبر الاتحاد الأوروبي حقوق الإنسان أحد مبادئه الأساسية في إقامة العلاقات مع الدول الأخرى في مختلف المجالات، وفي الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، أثير بند يسمى حقوق الإنسان وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي ملزم باعتبار إقامة العلاقات مع الدول الأخرى مشروطة باحترام تلك الدول لحقوق الإنسان. لكن على الرغم من تأكيد هذا الاتحاد على مراعاة حقوق الإنسان وتقديم حقوق الإنسان كأساس أيديولوجي لهذا الاتحاد والتأكيد على عوامل حقوق الإنسان مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والحرية، إلا أن سلوك هذا الاتحاد ظل متناقضا في الممارسة العملية، حتى أننا شهدنا السلوك المتضارب والمزدوج لهذا الاتحاد فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان ضد النظام الصهيوني.[4]

وفي الولايات المتحدة، كانت ردود أفعال الجهات الرسمية، مثل الاتحاد الأوروبي، مجرد استعراض ومجرد دعاية إعلامية. اتخذ بعض المسؤولين الحكوميين وممثلي الكونجرس الأمريكي موقفًا ضد هذا الإجراء. هذا على الرغم من أن بايدن قال قبل الهجوم على رفح في مقابلة مع شبكة سي إن إن: "إذا ذهبوا إلى رفح فلن أعطيهم أسلحة". وبعد هذه المقابلة، فسر الكثيرون كلام الرئيس الأميركي أنه لن يقع في فخ نتنياهو مجدداً. لكن بعد دخول الجنود الإسرائيليين رفح ورفضهم الدخول إلى وسط المدينة، أعلن بايدن أنهم لم يتجاوزوا الخطوط الحمراء التي حددتها واشنطن.

في بداية الهجوم على رفح، استولت القوات الإسرائيلية على المعبر الحدودي، ومن خلال غلق بوابة النقل والعبور الرئيسية مع مصر، ألغت إمكانية تلقي المساعدات وإجلاء الجرحى. ومنذ ذلك الحين تستمر الهجمات الإسرائيلية كل يوم، لكن البيت الأبيض لم يفسرها على هذا النحو حتى يوم الاثنين 27 مايو/أيار، عندما نفذ النظام الصهيوني واحدة من أعنف هجماته على هذه المدينة، وشهد العالم صورا مفجعة للمحروقين. وجثث أطفال ممزقة وكانت أطفالاً فلسطينيين. وهذا يدل على تواطؤ الأمريكان في جريمة النظام الأخيرة كغيرها من جرائمه.

وأخيرا، لا بد من القول إن المواقف الدراماتيكية لأولئك الذين كانوا سببا في ارتكاب جرائم مؤلمة مثل مجزرة رفح، لم تعد قادرة على إقناع المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، لأنه خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، أصبح الرأي العام و المجتمع المدني في هذه الدول يدرك تماماً أن الحكومات الأوروبية وأمريكا تدعم وترعى الإرهابيين الإسرائيليين، وقد ظهر هذا الأمر جلياً في المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في الدول الأوروبية ومختلف الولايات الأمريكية.

حکیمة زعیم باشي


1. https://www.cafediplomat.ir/?p=83300
2. https://tinyurl.com/y55r2kfx
3. https://jahankhabari.ir/2024/05/28 /
4. احمد عزیزی و مجید عباسی/ سیاست حقوق بشری اتحادیه اروپا مطالعه تطبیقی جمهوری اسلامی ایران و عربستان سعودی/فصلنامه سیاست خارجی/ سال سی و دوم/ شماره 2 / تابستان 1397.
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال