الوقوف في وجه العاصفة 45

الوقوف في وجه العاصفة

في الأيام القريبة المقبلة سيتم تشييع العالم والمناضل الكبير السيد حسن نصر الله(1). و هنا لا بد من الوقوف على بيان دوره في نضال الشعب الفلسطيني وفي تعزيز حركة المقاومة في المنطقة. ويعد السيد نصر الله من أفضل المخططين الميدانيين والدبلوماسيين في القضية الفلسطينية خلال حياته النضالية، وقد تم الاعتراف بشخصيته في العالم العربي في السنوات الأخيرة باعتباره المقاتل الأول في العالم العربي ضد جرائم النظام الصهيوني. وسندرس الأبعاد المختلفة لشخصية السيد نصر الله من خلال مسيرة نضاله حول قضية فلسطين.

تأكيده على وحدة المسلمين سنة و شيعة حول القضية:
لقد أكد السيد نصر الله طيلة حياته النضالية على وحدة وأخوة الأمة الإسلامية حول تحرير فلسطين. وكان هذا الجانب منه مهما جدا في العالم العربي حيث أن أغلبية شعوبه من السنة، لأن العالم العربي كان يسعى دائما على مدى الخمسين عاما الماضية إلى تحقيق تحرير فلسطين، وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران كرس السيد نصر الله كل جهوده لهذه القضية عملا بمثل أئمة الثورة سعيا إلى الاتحاد حول قضية تحرير فلسطين. وفي عملية طوفان الأقصى التي خطط لها المقاتلون الفلسطينيون كان من أبرز الداعمين لهذا النضال وظل متمسكاً بهذه القضية حتى نهاية حياته. وكان السيد حسن نصر الله من أوائل من أدخل القوى السنية إلى ساحة النضال ضد العدو الصهيوني دعماً للمقاومة الفلسطينية.

إعطاء الأولوية لفلسطين :
في السنوات السابقة ورغم كونه قائداً للمقاومة اللبنانية، كان الشهيد نصر الله يخصص دائماً كل الإمكانات والنفقات اللازمة لقضية تحرير فلسطين. لقد كان خط زعيم حزب الله اللبناني عبارة عن إنكار للأهداف الوطنية والاهتمام بالمنظور الوطني في المجتمعات الإسلامية. إن دول العالم العربي على الرغم من امتلاكها للموارد المادية الوفيرة كانت غائبة عن ساحة المقاومة هذه ولكن السيد نصر الله من خلال دعم هذه القضية المقدسة، اعتبر أن أولوية ساحة المقاومة ليست توسيع الحدود المادية وإنما استقلال دولة فلسطين.

ولقد أدرك الكيان الصهيوني الخطر الذي يشكله السيد حسن نصر الله فحاول زعزعة هذا التوازن بمختلف الأساليب إلا أن فكر نصر الله الذي كان جذاباً للغاية لشعوب المنطقة في خطاباته أحبط كل هذه التحركات المعادية.

إلغاء خطة تطبيع الدول الإسلامية مع الكيان:
من أبرز خطط العدو في السنوات الأخيرة تطبيع العلاقات بين الدول الإسلامية والنظام الصهيوني. لقد أصبح هذا المخطط مع الدور المحوري الذي لعبه السيد نصر الله في السنوات السابقة في سلة المهملات للتاريخ. ومع دعم السيد نصر الله لمقاومة الشعب الفلسطيني ومشاهدة القتل والتدمير للشعبين الفلسطيني واللبناني في الأشهر الأخيرة أصبحت لدى الدول الإسلامية في منطقة غرب آسيا نظرة سلبية للغاية تجاه قضية تطبيع العلاقات بين بلدانها والنظام. لقد أدرك المسلمون في منطقة غرب آسيا، الذين أولوا دائماً أهمية كبيرة للقضية الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى أن الطريق الوحيد لتحقيق هدف التحرير الفلسطيني هو المقاومة وأن الدول الغربية لن تتخذ أي إجراء فعلي لتحرير الشعب الفلسطيني (2) ولا يمكن إلا لقادة شجعان مثل السيد حسن نصر الله أن يرشدوهم في تحقيق هذا الهدف. وهنا يبرز دور السيد نصر الله المحوري في هذه الساحة باعتباره قائداً للشعوب العربية في العالم الإسلامي لتحقيق تحرير الشعب الفلسطيني.

بالمحصلة، لا بد من القول إن شخصية السيد نصر الله كانت مليئة بالنضال طيلة حياته المباركة وكان قدوة في النضال من أجل تحقيق حرية الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة في قطاع غزة. خلال الثمانية عشر شهراً الماضية من القتال ضد العدو الصهيوني كرّس حياته والمقاومة اللبنانية لتحرير الشعب الفلسطيني. وبالإضافة إلى الجهاد العسكري الذي مارسه السيد فإن نظرته الثاقبة وحرصه على تثقيف المقاتلين في جبهة المقاومة عقائدياً كانت من أبرز سماته. لقد ضحى الشعب اللبناني وجبهة المقاومة بقيادته من أجل حرية الشعب الفلسطيني. إن كيفية رعاية إرث السيد نصر الله في المستقبل سوف تشمل مساحة واسعة من أعمال جبهة المقاومة.


أمير علي يگانه

1. https://today.lorientlejour.com/article/1447401/location-timing-and-qassems-speech-hassan-nasrallah-funeral-details.html
2. https://al-shabaka.org/commentaries/reimagining-palestine-after-one-year-of-genocide
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال