– لم يعد خافياً حجم القلق الأميركي من وضع كل بيض السياسة الأميركية في لبنان في سلة الرهان على الانتخابات النيابية، فكل المعطيات التي تأتي بها الإحصاءات تقول إن حجم التوقعات كان مبالغاً به لجهة فرص نيل أغلبية نيابية من مناوئي المقاومة. فحجم التمثيل النيابي للقوات اللبنانية في أحسن الأحوال هو سعي للحفاظ على الوزن الحالي نيابياً، وحجم تمثيل سائر الحلفاء هو نيل المقاعد التي كانت، سواء للحزب التقدمي الاشتراكي أو حزب الكتائب أو سواهما، ومثلهما بالنسبة للمقاعد التي سقطت بالاستقالة، وحجم الإضافة التي يمكن أن تأتي بها تشكيلات المجتمع المدني لن يعوّض بالتأكيد كتلة المستقبل، بل تبدو مساعي نيل الثلث اللازم للشراكة في الاستحقاق الرئاسي كحد أدنى مطلباً بذاتها.
– لا يعني هذا بالضرورة أن يرى الأميركيون فرصة لحفاظ المقاومة وحلفائها على الأغلبية، فلم يعد يعنيهم كثيراً هذا الأمر، في ظل معادلتين، الأولى أنه لن تكون هناك كتلة نيابية مسيحية بديلة للتيار الوطني الحر تملك عشرين مقعداً وما فوق، تقول إنها تمثل المسيحيين، فإذا كان الهدف هو تحجيم كتلة التيار، فإن وراثة مكانته لن تكون متاحة، والثانية أن المقاومة وحلفاءها ينطلقون في الانتخابات من أكثر من ضمان نيل الثلث وما فوق، وسيكون تشكيل أغلبية لازمة لتسمية رئيس حكومة ومن ثم تأليف حكومة، محكوماً بالتفاوض بين كتل صغيرة غير حليفة للمقاومة ولكنها لا تمانع مبدأ التعاون معها، وبين الكتل التي تمثل المقاومة وتحالفاتها، وسقف المرتجى سيصبح تشكيل معارضة ربما تنال الثلث، وربما لا تنال.
– لا يمكن النظر لمسعى الرئيس فؤاد السنيورة للخروج عن الالتزام الذي قطعه للرئيس سعد الحريري بالتزام قراره بعدم الترشح، والعزوف عن المشاركة في الانتخابات، بعيداً عن الحسابات الأميركية، وقد تعمّد السنيورة الإشارة الى بعد عربي ودولي في قراره، ما يعني بالحد الأدنى تأييداً أميركياً سعودياً، وهذا ما كان ليكون لولا الشعور الأميركي بالمأزق. فالتأييد السعودي، او عدم الممانعة السعودية، ما كانت لتتم لولا تدخل أميركي عالي المستوى، وهذا بحد ذاته كافٍ للقول بأن الأميركي يستشعر المأزق، ويسعى لتلافيه، لكن الردود السريعة التي ظهرت في شارع تيار المستقبل وكوادره ومؤيديه دفعت بالكثيرين إلى الاستنتاج بأن قرار الرئيس السنيورة قد يكون موضع مراجعة خشية الوقوع في الخيبة والفشل.
– بروز مقالات وتحليلات ومواقف لكتاب وشخصيات محسوبين على الأميركيين علناً، محورها التشكيك بجدوى الرهان على الانتخابات، واعتبارها تكريساً لما يسمّونه هيمنة حزب الله على الدولة، وتجديداً لشرعية هذه الهيمنة، بما يعنيه ذلك من تسليم ضمني بالفشل في نيل أغلبية مناوئة للمقاومة، ليست من فراغ، ولا هي مجرد اجتهادات شخصية، فبعض هذه الشخصيات والأقلام لم يكتف بالكتابة والتحدث مرة، بل يخوض حملة عنوانها، لماذا الانتخابات، والتشكيك الأميركي بإمكانية إجراء الانتخابات، ولو جاء في سياق اتهام الغير بالسعي لتأجيلها، في ظل إجماع واضح على نية إجرائها، يتيح التساؤل عما إذا هذا التشكيك عملاً صحافياً، لا تقوم به السفارات، أم هو عمل سياسي يندرج ضمن التمهيد؟
– ما جرى أمس، من كشف عن تحضير إحدى خلايا تنظيم داعش لأعمال تفجير في الضاحية الجنوبية، يطرح السؤال عن وظيفة هذه التفجيرات، ومن خلفها وظيفة تفعيل تنظيم داعش في لبنان، في ظل وقائع كثيرة عن الدور الأميركي في تفعيل داعش في سورية والعراق، فهل هذا التفعيل لداعش هو المقدمة لتأجيل الانتخابات النيابية؟
ناصر قنديل
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال