كان هدف الغارات الجوية التي شنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على الحديدة في اليمن استعراضي بالدرجة الاولى بحجة أنها ردت على الغارة اليمنية على تل أبيب أما ثانيا فهي تظن أنها وجهت رسالة تهديد لحركة أنصار الله الداعمة للمقاومة الفلسطينية لوقف دعمها وتغيير موقفها تجاه القضية الفلسطينية.
حيث شنت تل أبيب غارات جوية على ميناء الحديدة غرب اليمن مساء السبت، مستهدفة خزانات وقود ومحطة الكهرباء، مما أسفر عن استشهاد 6 أشخاص وفقدان 3 آخرين وإصابة 83 شخصاً.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغارات بأنها رد على هجوم "الحوثيين" بطائرة مسيرة على تل أبيب فجر الجمعة، مما أسفر عن مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.
وبدا واضحًا أن الإسرائيليين أرادوا أن يروجوا بأنهم قصفوا منشآت حيوية في الحديدة وأنهم بهذا قاموا بشل حركة أنصار الله الاقتصادية والتجارية، بعد أن تركزت الضربات على ميناء المدينة الذي يُعد من أهم الموانئ اليمنية على البحر الأحمر، وشريان الحياة لدى اليمن.
وكيان الاحتلال بعدوانه على اليمن يظن أنه سيقدر على ردع اليمنيين عن تقديم الدعم والاسناد لأهالي غزة، الذين يتعرضون منذ 10 اشهر الى إبادة جماعية بشهادة المحافل الدولية، وهو هدف، اتفق معظم المحللين السياسيين، وفي مقدمتهم المحللين والخبراء العسكريين والامنيين في الكيان الاسرائيلي، وهو ما لن يتحقق مطلقا، فإن ما قام به كيان الاحتلال لن يوقف حركة أنصار الله عن عملياتها المستمرة ضده بل سيدفع اليمنيين، ومن ورائهم محور المقاومة، للرد وبشكل اعنف واقوى، لاسيما بعد نجاح "بروفة" مسيرة "يافا"، في اختراق النظام الدفاعي الاسرائيلي الامريكي البريطاني المتعددة الطبقات، والوصول الى هدفها.
وبحسب مواقع اعلامية فأنه من الواضح ان العدوان الاسرائيلي على اليمن، والذي صاحبته ضجة اعلامية ضخمة، ما كان ليحدث لولا التنسيق مع القواعد العسكرية الأمريكية على سواحل بعض الدول العربية المطلة على البحر الأحمر. كما ان الطائرات الحربية الإسرائيلية ما كانت لتستطيع الوصول إلى اليمن دون المرور بالمجال الجوي البحري لبعض الدول العربية، كما كشف نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة اليمنية، العميد عبد الله بن عامر. الامر الذي يؤكد ان "اسرائيل" لم تفعل ما فعلته طوال تاريخها المشؤوم، لولا الدعم الغربي وتخاذل بعض الانظمة العربية.
فبعد عدة أشهر من العمليات اليمنية على عدة مواقع مستهدفة في كيان العدوّ "الإسرائيلي"، وحظر مرور سفن الكيان التجارية عبر البحر الأحمر، ومنع أي سفن متجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، قرر العدوّ "الإسرائيلي" أن يشن عدوانه ردًّا على ما قال إنها أكثر من 200 عملية يمنية طوال الفترة الماضية، آخرها عملية المسيّرة "يافا".
الواضح أن العدوّ "الإسرائيلي" حرص على إظهار القوّة، وحجم الفعل، باختيار هذا الهدف السهل، في أطراف البلاد الساحلية، حرصًا على تحقيق هدفين، الأول صناعة الصورة، والثاني عدم التورط في التوغل في الأراضي اليمنية وأجوائها.
أما بالانتقال إلى مواقف الدول العربية فقد نددت عدة دول عربية بالغارات الجوية الإسرائيلية على اليمن، محذرة من تداعياتها على الوضع الأمني في المنطقة وجهود إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 10 أشهر على قطاع غزة.
العدوان الذي شنه كيان الاحتلال الإسرائيلي على الحديدة ليس هو ما يثير الجدل إنما مواقف بعض الدول العربية هي التي تثير الجدل بل إن صح التعبير فيمكن أن نقول إنها كانت مخزية.
لم نجد مواقف حقيقية إلا من كل من العراق وسوريا والجزائر وسلطنة عمان، تلك الدول التي نددت بالعدوان على اليمن والتي أكدت أنه دليل على حالة الإفلاس واليأس التي وصل إليها هذا الكيان بعد تسعة أشهر من القتل والتدمير وحرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين كما أنه يدخل ضمن استراتيجية التصعيد المنتظم التي تبناها الكيان الصهيوني بهدف بسط هيمنته المطلقة على المنطقة بأكملها وصرف الأنظار عن جرائمه التي باتت لا تعد ولا تحصى في غزة تحديدا وفي فلسطين عامة.
فيما اكتفت كل من السعودية ومصر والكويت بإبداء القلق دون أي إدانة أو إشارة للتضامن مع الشعب اليمني وهو ليس بأمر غريب عن دولتين موقعتين معاهداتي سلام مع الكيان والثالثة في طريقها للتطبيع مع الكيان.
أما باقي الدول العربية فهي تغط في نوم عميق وحتى وان استيقظت فهي تصم أذانها وتعمي أعينها عن جرائم الاحتلال في كل مكان بل وتقدم له الدعم العسكري والمادي.
إن مواقف الدول لن تقدم ولن تؤخر بالنسبة لمحور المقاومة في المنطقة فمهما كان موقفهم لن يغير شيئا في هدف هذا المحور والذي يهدف إلى القضاء على كيان الاحتلال بل يبدو أن المفاجآت الحقيقية لم تظهر بعد.
أما بالعودة إلى العدوان الإسرائيلي على الحديدة فيرى محللون أنه وباختصار، ليس في وسع "إسرائيل" تحقيق انتصار عسكري في اليمن، لكن في وسع القوات اليمنية التسبب بأضرار كبيرة لأمن الاحتلال. ومن شأن تدحرج الأحداث على جبهة الإسناد اليمنية أن يحوّلها إلى جبهة رئيسية تستنزف كيان الاحتلال في عمقه الآمن ("تل أبيب" والمحيط) وتكشف ضعف دفاعاته ومحدودية كفاءة قدراته الهجومية. وربما لذلك، اختار العدو منشأة نفطية في الحديدة يبرز اشتعالُها الحاجة الماسة إلى مفعول إعلامي ونفسي.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال