معمعة وغبار سياسي وامني وعسكري واخلاقي في شمال شرقي سوريا، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، التي تذكرنا بالتعبير المقتبس من الانكليزية، لن تهدأ خيولها الجامحة هناك، والتي تطلقها بشكل مستمر للاعتداء على مقدرات الشعب السوري، انها لعبة اعصاب وسياسة وعدوان وحرب اعلام، تتراقص على انغام العدوان الامريكي المستمر في الجزيرة السورية.
على الارض، ان ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية هو عدوان موصوف وبشكل يومي، وكان اخره استشهد ثلاثة مدنيين برصاص القوات الأمريكية خلال تنفيذها إنزالا جويا في مدينة البصيرة بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، بمساندة من مسلحي قسد رافقه إطلاق نار كثيف وعشوائي على المنازل والاراضي الزراعية ما تسبب باستشهاد ثلاثة مدنيين من عائلة واحدة.
هذا الانزال هو الثاني في هذا الشهر حيث سبقه انزال في السابع من الشهر الجاري في بلدة الشحيل بدير الزور. هذا الانزال جاء بالتزامن مع حراك امريكي في المنطقة، تمثل في التعزيز اللوجستي، حيث تستمر الولايات المتحدة، بتعزيز وجودها العسكري في الشرق السوري، عبر عدة خطوات كان ابرزها ما ورد عن مناورات عسكرية في اكثر من مكان، وابرز هذه المناورات التي نفذها في حقل كونيكو النفطي وبعدها بايام في حقل العمر، استخدمت فيه للمرة الاولى دبابات من طراز برادلي الامريكية، في رسائل عسكرية واضحة، وبالتزامن مع المناورات في ريف دير الزور، نفذت مناورات عسكرية بمشاركة الطيران في محيط قاعدة التنف بالتعاون مع مسلحي ما يسمى بـ “مغاوير الثورة”، بالاضافة الى مناورات في منطقة ابو خشب الواقعة على مثلث محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، في الوقت الذي لا يمر يوم دون رصد حركة نقل اليات عسكرية من والى العراق، واشارات مصادر مطلعة ان الامريكي ينقل الياته العسكرية ومعداته التقنية بالاضافة الى جنود الى الداخل السوري، وبشكل سري وبتنسيق مع قسد. واكدت مصادر خاصة لقناة العالم، ان قسد اغلقت الطرقات والمحال التجارية في بلدة معبدة وبلدة رميلان بريف القامشلي الشرقي بالتزامن مع نقل معدات عسكرية من عربات ودبابات تابعة للقوات الامريكية من مطار خراب الجير الى داخل بلدة رميلان تمهيدا لنقلها الى القواعد الامريكية غير الشرعية جنوب الحسكة وصولا الى قواعدها في دير الزور.
المصادر ترجح ان القوات الامريكية تنقل بشكل سري معداتها العسكرية وجنودها من العراق الى الداخل السوري بالتزامن مع قرب موعد انسحابها من العراق.
إن هذه التكتيكات العسكرية والامنية الامريكية، هي ذات الذهنية التي تسعى الى عدة اهداف، ابرزها على المستوى الاستراتيجي بعيد المدى، محاصرة اي نمو للتواصل الجغرافي والسياسي والاقتصادي بين دول محور المقاومة، ونمو نفوذه ليهدد امن المصالح الامريكية اولا في المنطقة وثانيا المصالح الخاصة بالكيان الاسرائيلي، ما يدفعهم الى اللجوء الى تنفيذ اهداف قصيرة وسريعة وتكتيكية، يستفيد منها الامريكي عبر الاستثمار في إرباك الساحة السورية داخليًّا تدريجيًّا، ومن ثمّ انعكاس تداعياتها على كامل بالمحور.
الخطوات الامريكية المتسارعة لنقل جنودها والياتها من العراق الى سورية، وبشكل سري، تأتي بالطبع مع تقديم الدعم لقوات قسد، في خطوات استباقية ضمن عملية ترسيخ التثبيت الناعم لقواتها في الشرق السوري، وما يؤكد ذلك تخصيص وزارة الحرب الامريكية ما يقارب 170 مليون دولار لدعم قدرات قسد الامنية والعسكرية، بالاضافة الى 4 ملايين دولار مقدمة من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية. وما يعزز عملية التثبيت الناعم هو الاستثمار الامريكي في قطاع التعليم وبرامج دعم المعلمين والتلاميذ وصولا الى مخيمات النازحين، بما يعزز خطتها في الحرب الناعمة ومسارها الطويل، هذا الحراك الامريكي كله، ياتي بعد اليقين الامريكي ان نفوذه في منطقتنا بات في مراحله الاخيرة، بعد ابطال الجيش السوري ومحور المقاومة كل مفاعيل الخنق الامريكي للدولة السورية، وباتت هوامش اللعب والتحرك من واشنطن لا تتعدى كونها ضمن مفهوم الفعل ورد الفعل، حيث تحاول واشنطن بكل ما تقوم به على الارض السوري، هو العبث بموازين القوى بعد الفشل الكبير والمتكرر لادواتها المستنفذة، ضمن تكتيك بات مكشوفا للجميع، وهو افتعال الارباك للوصول الى الاحتواء، على المدى المتوسط والبعيد، كل ذلك يواجه من محور المقاومة على المستوى العسكري والسياسي، وصولا الى تقويض الضغط الاقتصادي الامريكي على سوريا، ما دفع الامريكي لمناقشة فرضية الانسحاب الامريكي في سوريا، بعد نقاش طويل حول نسبتي التكلفة والمخاطر والنتائج.
ان تحويل واشنطن وحلفائها في المنطقة الى اصحاب تأثير ثانوي ومنخفض، يجعل مواجهة المخطط الامريكي بالتثبيت الناعم الاكثر نجاحا، وسيدفع الجيش الامريكي واذرعه الاقتصادية والامنية، للانسحاب القريب، دون تحقيق اي نتائج.
حسام زيدان
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال