انتخاب السنوار.. المقاومة على طريق إقامة الحق 23

انتخاب السنوار.. المقاومة على طريق إقامة الحق

فجّر انتخاب يحيى السنوار خلفا للشهيد اسماعيل هنية مفاجأة كبيرة لدى كل الأطراف خاصة بعد محاولات الترويج للخلاف الداخلي في حماس وبدء نشر التوقعات حول من سيقود الحركة بعد هنية.

بالنسبة لدول وكتائب وفصائل وحركات المقاومة كلها فإنه بمجرد اختيار السنوار خلفا لهنية كان بمثابة الخطوة الأولى على طريق الثأر لاغتيال الرئيس السابق لحركة حماس خاصة أن السنوار لم يعتد الكلام الناعم أو الدبلوماسي فماذا سيكون مهندس طوفان الأقصى إلا مجاهدا مقاتلا من الطراز الرفيع لا يضع أمام أعينه إلا هدف استرجاع الحق والثأر لكل الدماء الفلسطينية المراقة.

في حين شكل الإعلان عن انتخاب السنوار حالة من الغضب الهستيري في كيان الاحتلال خاصة بعد محاولات نشر أخبار عن موته ومحاولة التأكيد على ذلك ليأتي بيان الحركة أمس بمثابة صفعة مدوية للكيان.

فبعد ساعات من إعلان الحركة، دعا وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس الى “تصفية سريعة” ليحيى السنوار، وكتب كاتس على منصة اكس أن “تعيين الارهابي يحيى السنوار على رأس حماس خلفا لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعا ومحو هذه المنظمة الحقيرة من الخارطة”.

كما أن اختيار السنوار خلفا لهنية بالإجماع هي رسالة واضحة للعالم أجمع على وحدة قرار الحركة على اختيار الشخص المناسب للتعامل مع المحتل في هذه المرحلة.

لا يختلف اثنان على أنه في انتخاب السنوار معنى واحد وأكيد بأن المقاومة مستمرة في حربها لتحقيق كل أهدافها فمن يسمع بالسنوار الأسير المحرر على مدى عقود من الزمن يعرف بأنه شخص محارب بامتياز لذلك فهو الأقدر على فهم تفكير العدو، وماذا يخطط ويعرف تماما مواطن الضعف لديه، وبهذا سيضرب العدو بشكل موجع ومؤثر بعيدا عن أي شكل من أشكال الدبلوماسية وهذا كفيل ليشعر العدو بالهزيمة والإحباط.

إجماع حركة حماس على اختياره هي تأكيد على خيار المقاومة، والوقوف خلف المقاتلين في القطاع منذ اللحظة الأولى لعملية طوفان الأقصى وحتى الآن فهي بهذا اختارت الرجل الأخطر على إسرائيل، وقائد المسارات الاستراتيجية الكبرى في تاريخ المقاومة، ومحور الطوفان وهذا فيه من الرسائل البليغة الشيء الكثير.

ويرى محللون أن القرار يعني عمليا دمج الجناحين السياسي والعسكري في جسم واحد، وهو خيار يعني أن الحركة تأكدت بعد هذه الحرب القاسية، وما اظهرته إسرائيل من تطرف واضح، وانعدام شبه تام للخيارات السياسية، أن الخيار العسكري هو المحرك الأساس، في هذه المرحلة على الأقل وربما في الأمد المتوسط".

كما أن اختياره لهذه المهمة كان حاجة للحركة لإظهار التماسك بين جناحيها: العسكري في الداخل، والسياسي في الخارج؛ لتبديد ما يثار عن وجود انقسام داخل الحركة

إضافة إلى إثبات التماسك الداخلي على مستوى العلاقة بين جناحيها في غزة والخارج، يُرسل اختيار السنوار رسالة تحدٍ للاحتلال مفادها أنّ الحركة لا تزال قوية لأن فكرها ثابت وواحد وإن تغيرت الأشخاص فهو مجرد تغيير بالجسد بينما الفكر المقاوم مستمر لمواكبة التحديات التي تفرضها المرحلة الجديدة من الحرب بعد اغتيال هنية.

يبدو أن إسرائيل أرادت من خلال اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج إظهار قوتها الاستخباراتية والعسكرية من أجل إحباط عزيمة المقاومة في غزة، ظنا منها أنها بهذا ستعيد أكذوبة الجيش الذي لا يقهر إلى الألق من جديد، ولتحسن صورتها التي انهارت بسبب عملية طوفان الأقصى المبارك.

إلا أن قيام كيان الاحتلال باغتيال هنية فهو بذلك وجه لنفسه ضربة ستؤلمه لأنه من الآن فصاعدا عليه أن يواجه السنوار المخطط الأساسي لعملية طوفان الأقصى وقائد المقاومة على الأرض أيضا، والآن الزعيم السياسي لحركة حماس.

وفي تعليق على الموضوع أكد قائد الجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، أن "اختيار يحيى السنوار رئيسا لمكتب حماس السياسي يعني أن الكيان الصهيوني لا ينبغي أن يكون لديه أي أمل في مستقبله"، على حد تعبيره، معتبراً أن "اختيار السنوار خلفاً لهنية يوضح الطريقة التي تريد حماس مواصلة المعركة من خلالها".

في حين اعتبر حزب الله أن قرار تعيين السنوار كرئيس للمكتب السياسي لحماس، يثبت أنّ "الأهداف التي يتوخّاها العدوّ من قتل القادة والمسؤولين فشلت في تحقيق مبتغاها"، مشيراً إلى أن ذلك يرسل "رسالة قوية للعدو الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة وحلفائها بأنّ حركة حماس موحّدة في قرارها، صلبة في مبادئها، ثابتة في خياراتها …

كما هنأت لجان المقاومة في فلسطين حركة حماس، مشيدة بروح المقاومة التي يجسدها السنوار، ومؤكدة حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه من الاحتلال.

أخيرا يمكننا القول إنه باختيار مقاوم ومقاتل ميداني قائدا لحركة حماس أصبحت حركة المقاومة عسكريا وسياسيا أكثر أمانا وفاعلية فابن الميدان أدرى بما يحدث وسيأخذ في خياراته حسن التقدير وفقا للوضع الميداني على أرض الواقع ورؤى المقاومين.

لقد فشل رهان الاحتلال بأن عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي ونائبه في وسط هذه الحرب الكبرى، ستخلق المجال لبروز تيارات داخلية تتصارع على النفوذ والقيادة والموقف السياسي، ويمكن أن تؤدي إلى شقاق داخلي أو زعزعة للوحدة التنظيمية للحركة، فيما كانت سلاسة العملية الانتخابية وسرّيتها والإجماع على الاختيار ردًّا واضحًا على مدى فشل هذه الرهانات بل جاءت لتؤكد وحدة الصف وثبات العقيدة نحو إعادة الحق الفلسطيني لأصحابه.

مجد عيسى

المصادر:

1- https://2cm.es/KLsW
2- https://2cm.es/IA97
3- https://2cm.es/IA9S
4- https://2cm.es/KLtC
5- https://2cm.es/IAay
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال