انضمام الجولاني إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش ! 342

انضمام الجولاني إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش !

مقدمه

في الأمس القريب تم إعلان سورية البلد رقم ٩٠ الذي انضم إلى "التحالف الدولي ضد داعش" وذلك خلال لقاء جمع بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب والرئيس الحالي المؤقت أحمد الشرع في البيت الأبيض، وفي هذا السياق صرح وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى الثلاثاء الماضي "إن بلاده انضمت إلى التحالف الدولي ضد "داعش" خلال زيارة الرئيس أحمد الشرع التاريخية إلى واشنطن، لكنها ليست جزءا من المهمة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم". [1]


وأوضح أن "التحالف السياسي يختلف عن عملية "العزم المتأصل وهي غرفة عمليات عسكرية" في إشارة إلى المهمة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد "داعش" في سورية والعراق التي تعاونت فيها لسنوات مع قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد شمال شرقي سورية وقوات الأمن العراقية.


وكانت قد أعلنت السفارة الأمريكية في دمشق انضمام سورية رسميًاإلى "التحالف الدولي لهزيمة داعش"، وهي خطوة تعتبرها واشنطن بداية لمرحلة نحو التعاون الأمني ​​والاستخباراتي مع دمشق، الجدير بالذكر أن خلايا داعش الإرهابية ماتزال موجودة في مختلف المناطق السورية وخاصة في البادية الشرقية لحمص والريف الشرقي لدير الزور، وقد خاض التحالف عمليات متعددة ودقيقة ضد القادة المعروفين بانتمائهم لداعش سابقا بعد ورود معلومات بنشاط ملحوظ لتحركات مريبة.


الغايات و الأهداف وراء هذا الانضمام !

تعتبر مشاركة سورية في التحالف الدولي ولو بشكلها المحدود فرصة لسورية لإعادة تأكيد دورها الإقليمي والدولي. وهذا سبب رئيس يدفع السلطة الحالية المؤقتة لتأكيد الإعتراف الدولي بها وشرعنة وجودها السياسي لتجاوز صورة الدولة المنعزلة، وذلك من خلال الانخراط في جهود "مكافحة الإرهاب"، وهذا ماتزعمه أمريكا وقوى التحالف التي أوهمت العالم بأجمعه بأنها تحارب الإرهاب الذي كانت في الواقع أحد أسباب وجوده ودعمته عبر وسطاء الحرب و وكلائها في المنطقة.


بالطبع الجميع بات يعلم تاريخ السلطة الحالية وماضيها الجهادي الذي يكاد يكون قد انسلخ من داعش واخواتها، والجولاني نفسه كان متزعم تنظيم إرهابي يسمى "تنظيم القاعدة" وبعدها تم تغيير أسمه لهيئة تحرير الشام بعد انشقاقه عن البغدادي في العراق، وفي ذات السياق تدعي السلطة الحالية محاربتها للإرهاب كما تدعي أمريكا ذلك وهذه مقارنة واقعية يجب أن يفهمها الجميع.

اذاً الغموض يلف الأهداف والغايات التي جعلت السلطة الحالية تطلب هذا الانضمام او ربما طُلب منها ذلك لكي يتم التستر على ملفات أخرى ستظهر لاحقاً، وذلك بعد تحقيق الغايات السياسية والأمنية على أرض سورية، فالملف الأمني بات برمته في يد ترامب و وكيله في المنطقة أردوغان، وقد سمعنا عن قواعد أمريكية جوية حول محيط دمشق بذريعة محاربة الإرهاب، وهذا كله يصب في مصلحة تعزيز نفوذ أمريكا وزيادة توغلها في المنطقة عسكرياً وأمنياً. [2]


هل العودة إلى المجتمع الدولي هو الهدف أم إعادة تعريف لنفوذ واشنطن في سورية كما ذكرنا سابقاً؟ وهذا سؤال مشروع يطرحه كثير من المحللين، وفي الحقيقة كلا الخيارين صحيحين في الحالة السورية، لإنها ضمن خطة المصالح المتبادلة التي تنفذها سلطة الأمر الواقع التي وصلت إلى دمشق لتحقيق مصالح الغرب وبموافقتهم ودعمهم.


دورالجولاني المثير للجدل في ظل الدعم الأمريكي له

منذ إعلان بدء المسرحية ببدء معركة "ردع العدوان" شمال حلب وصوله للقصر الرئاسي في دمشق كانت الدعاية الغربية والتسويق الإعلامي الكبير لمتزعم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني تقود عملية "التحرير المزعومة" في الفضاء الإلكتروني والعالم الإفتراضي، وأظهرت تلك المسرحية أن من يقوم بتحرير البلاد هم معارضة ضد حكم "المستبد والظالم" بشار الأسد، لكي تبعد كل الشبهات عن هؤلاء الإرهابيين وتلمع صفحاتهم وتنظف تاريخهم المليء بالإرهاب والقتل والتدمير والتفجيرات الانتحارية، وهذا تاريخ سيبقى يرافق الجولاني وجماعته حتى نهايتهم.


ورغم كل ذلك نستطيع أن نفهم أن وصوله للسلطة جاء لتنفيذ دور كبير في المنطقة، ولتغيير وجهها السياسي من منطقة مقاومة ورأس حربة ضد إسرائيل إلى دولة مليئة بالانقسامات الداخلية والطائفية وإنهاء خيار المقاومة والصراع السابق ضد الصهاينة.


وكما قال أحد المحللين السياسيين: "إن تداعيات سقوط سورية ستكون كبيرة جداً على المنطقة والإقليم والعالم، ويبدو بأن العصر الأمريكي- الإسرائيلي في المنطقة سيطول،وسيكون هناك شرق أوسط أمريكي يقوده الكيان الإسرائيلي وستصبح إسرائيل جزء من جغرافيا المنطقة والمتحكمة فيها وسترفرف أعلامها في كل العواصم العربية بدءاً من دمشق وانتهاءاً بالرياض ومكة المكرمة ".[3]


أن الانضمام إلى هذا التحالف يتيح لسورية الاستفادة من الدعم الاستخباراتي والتنسيق العسكري مع الدول الغربية الكبرى، مما يعزز قدرتها على البقاء بشكل أكثر فاعلية واحتواء أي معارضة تهدد إسقاطها، وفي نفس الوقت التَحَامي في ظل القوة الأمريكية التي تتناقض سياساتها تحت مسمى محاربة الإرهاب وبنفس الوقت تدعمه على أرض الواقع.


التداعيات السياسيةوالأمنية

قد يُعمّق انضمام دمشق الرسمي إلى التحالف الأمريكي الصدع في البنية السياسية السورية ويُشكّل مسارًا جديدًا للتبعية؛ وتصبح دولةٌ تُعيد إنتاج الهيمنة الغربية تحت ستار التعاون الأمني بدلًامن تعزيز الاستقلال الوطني.


السؤال هنا ماهي التداعيات السياسية والأمنية لكل هذا التقارب والاندماج مع حكومة الجولاني!

في الحقيقة إن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى الشرع ليكون ذراعاً لها في محاربة الإرهاب، كما أن وصف التحركات الغربية بأنها خطوة براغماتية ليس دقيقا، لإن مايجري هو "محاولة لتضييق الخناق على الشرع لزيادة التزاماته في وجه المتطرفين ولدفعه إلى صدامٍ مع حلفاء الأمس"داعش".

أن مسألة الاعتراف بهذه السلطة باتت في ظل المتغيرات الراهنة أمر واقع وطبيعي و ليس اعترافاً بشرعيةٍ بقدر ما هو قبولٌ بالأمر الواقع والتعامل مع السلطة بوصفها قوةً يجب التفاهم معها من أجل مصلحة الولايات المتحدة.


إن توحيد الجهود بين وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية ليس سهلا وأن أي اتفاق سيكون شكلياً بين طرفين متنازعين مع احتمال انفجار التوتر في أي لحظة، لإن الجيش السوري الحالي لا يتعاطى مع سورية كقضيةٍ مركزية بقدر ما ينطلق من خلفيات عقائدية و دينية، ما يجعل توحيد الجهود أمراً صعباً والتنسيق المحتمل قد يقتصر على تبادل المعلومات في ملف داعش وليس اندماجاً فعلياً او عسكرياً كما يظن البعض.


خلاصة القول، في ظل ازدواجية المعايير الدولية وخاصة عند الدول الغربية في قضايا مختلفة مثل القضية الفلسطينية وحرب غزة و موقفهم كقوة متحالفة ضد روسيا والحرب الأوكرانية، وملف إيران النووي والكثير من القضايا الدولية، بات معلوم لدينا أن القضية السورية وعلى مدى ١٤ عاماً من الصراع تتأرجح تحت تأثير قوتين قطبيتين هما روسيا وأمريكا ولطالما رجحت الكفة لهذا الطرف او ذاك، وبين تلك المتغيرات تخوض القوى المتصارعة على الأرض حرباً ثانية تأتي بنتائج مرضية لأحد اللاعبين، وبعدها يدخل الصراع في مرحلة جديدة لا يعي خطورتها إلا من يقرأ السياسة بكل تفاصيلها.



محمد يزن الحمادي


[1] https://2h.ae/gmyWW

[2] arabic.rt.com/middle_east/1727890-

[3] https://www.wattan.net/ar/news/451125.html


لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال