انهيار الليبرالية الأميركية… هل يمكن لإيران الإسلامية أن تملأ هذا الفراغ السياسي ؟ 33

انهيار الليبرالية الأميركية… هل يمكن لإيران الإسلامية أن تملأ هذا الفراغ السياسي ؟

أحد المواضيع المثيرة  للجدل التي يتحدث عنها محللي العلاقات الدولية حول” تأثير العملية العسكرية الخاصة لروسيا في أوكرانيا في تراجع النظام الليبرالي الأمريكي”.

وكان انهيار الشيوعية مؤثرا للغاية لدرجة أن المنظرين الغربيين مثل فرانسيس فوكوياما ، أشاروا إلى انهيار الاتحاد السوفيتي باعتباره الانتصار النهائي للديمقراطية الليبرالية الأمريكية  وهو” نهاية التاريخ” ؛ لكن هؤلاء المنظرين اليوم يعترفون بحساباتهم الخاطئة لأنه مع انهيار الاتحاد السوفيتي  واضمحلال الهيمنة العسكرية والاقتصادية للغرب ، يمكن فقط للاسلام المحمدي الاصيل الذي تقوده إيران أن يكون حامل راية النظام العالمي الجديد.

تتمتع روسيا والصين الدولتان الرئيسيتان في النظام الدولي بمكانة مهمة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن لهذا السبب فهم لا يريدون إضعاف أو تعديل الهياكل الدولية الليبرالية التي تأسست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

وكما تريد الصين وروسيا فقط حصة أكبر في النظام الليبرالي وليس لديهما مشكلة مع الرأسمالية على النمط الغربي بل إنهم يعارضون هيمنة الدولار والنزعة العسكرية والعقوبات الأمريكية. تكمن مشكلة الغرب انهم تجاهلوا القوة العسكرية الروسية مما أدى في النهاية إلى الأزمة الحالية في أوكرانيا.

من ناحية أخرى ، فإن نوع التقارب بين روسيا والصين في الوقت الحالي هو تحالف تكتيكي أكثر منه تحالفًا استراتيجيًا علاوة على ذلك ليس لدى روسيا والصين أيديولوجيات جذابة لتقديمها عالميًا و في الواقع إن ممارسات أمريكا هي التي أوجدت أرضية التقارب بين موسكو وبكين  وليس لوجود أيديولوجية مشتركة بينهما.

ولو تم الاستجابة للتوصيات القديمة لسياسيين مثل هنري كيسنجر وركز البيت الأبيض على احتواء الصين وحاول التفاعل والتسامح مع روسيا  لأمكن واشنطن أن تمنع الوحدة غير المرغوب فيها بين موسكو وبكين. لذلك لا يبدو أن التحالف الصيني الروسي يمكن أن يكون بديلاً قابلاً للتطبيق للنظام الليبرالي الأمريكي المنهار.

لكن من وجهة نظر أخرى أكد  قائد الثورة الاسلامية الإمام الخامنئي مرارًا وتكرارًا على الوجود القوي لإيران الإسلامية في النظام الدولي الناشئ  وتوقع تراجع الهيمنة الأمريكية العالمية.

كان منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 هي ثالث وآخر ثورة في التاريخ المعاصر حيث تشير الظروف العالمية في العقود الأربعة الماضية بوضوح إلى أن القوة السياسية للثورة الإسلامية قد أحدثت تغييرات اجتماعية ضخمة في البلدان الإسلامية مثل فلسطين واليمن ولبنان والعراق وسوريا ولقد أصبحت اليوم الجمهورية الاسلامية الايرانية  تحظى بدور فاعل ومؤثر اقليميا ومكانة خاصة وهامة على المستوى العالمي.

وان الحروب العبثية  التي افتعلتها أمريكا وحلفائها الغربيين في العالم الاسلامي و رغم إنفاقها مليارات الدولارات أدت إلى هزيمة مذلة لأمريكا وانسحابها. أظهر التاريخ أن هجوم أمريكا الوحشي على أفغانستان والعراق لم ينجح وأن سقوط الهيمنة الأمريكية كان النتيجة النهائية.

ولابد من ذكر (المواجهة التاريخية الحساسة بين خطاب المتأسلم والمشوه المتمثل بظاهرة داعش الذي هو صناعة صهيوامريكية و معه الليبرالية الغربية المحتضرة مقابل الخطاب القوي للاسلام المحمدي الاصيل للجمهورية الاسلامية الايرانية وقوى محور المقاومة التي دمرت داعش  إلى تعزيز الموقف المهيمن لإيران الإسلامية وظهور الاستعدادات للنظام اسلامي دولي جديد.

ولقد استطاع  “الإسلام الثوري”  تحت القيادة البارعة للإمام الخامنئي أن يؤثر في النظام الدولي الجديد  وفي مواجهة الليبرالية الغربية المتدهورة .لذلك وباختصار يمكن القول أنه لا أمريكا ولا روسيا ولا الصين ولا أي جهة فاعلة أخرى ستكون لديها الإمكانيات الفريدة لإيران الإسلامية لقيادة النظام العالمي الذي يتم إنشاؤه.

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال