الشيء الوحيد الذي لا يمكننا تغييره في السياسة والنظام الدولي هم الجيران ، بمعنى السياسي أو الأمني أو الجيوسياسي أو الجيوستراتيجي “الجيران مهمون جداً”. لذلك في الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة، تم تحديد إحدى الأولويات المهمة للسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هي سياسة الجوار وتعزيز العلاقات مع الجيران.
لقد أتاحت الحدود المشتركة لجمهورية إيران الإسلامية مع 15 دولة قدرات مناسبة لتطوير العلاقات لا سيما في القطاع الاقتصادي. وفقًا لآخر الإحصائيات ان مجموع عدد السكان في كل من الدول التي لها حدود برية مع ايران حوالي 400 مليون نسمة وكما يقدر عدد السكان مع الدول التي لها حدود بحرية مع ايران يبلغ حوالي 210 مليون شخص.
ويقدر خبراء اقتصاديون قدرة التبادل التجاري بين إيران وجيرانها بين 40 وأكثر من 150 مليار دولار سنويا. من بين دول الجوار للجمهورية الاسلامية الايرانية فان إيران لديها تعاملات أكثرمع العراق وتصدر معظم بضائعها لهذا البلد وهي في الواقع الشريك الرئيسي لإيران في التجارة الدولية التي لديها العديد من القواسم المشتركة معها.
حيث يبلغ حجم صادرات إيران إلى الكويت حوالي 100 إلى 186 مليون دولار سنويًا والآن يتم تخصيص أكبر كمية من الصادرات للأغذية ومواد البناء والمعادن وأكبر قدر من واردات ايران هو الآلات.
كما أن الاتفاقيات الثنائية أو متعددة الأطراف بين إيران والكويت ودول أخرى في المنطقة في مجال الاتصالات والنقل و تبادل الجمركي والطاقة قد خلقت إنجازات تحويلية في الوضع الاقتصادي للخليج الفارسي. على سبيل المثال فإن الحصول على اتفاقية ثلاثية بين إيران والعراق والكويت لمرور البضائع العابرة من آسيا الوسطى إلى الكويت عبر معبر الشلامجة والاستثمار المشترك بين إيران والكويت في جزيرة بوبيان وربط مناطق الحرة في أرفاند وخور الزبير الأمر الذي شكل قطبًا اقتصاديًا جديدًا في الخليج الفارسي.
وكما تتمتع إيران ودول بحر قزوين أيضا بالعديد من الفرص للتبادلات و والنشاطات التجارية لذا فإن مسألة تجارة الطاقة وقدرات الترانزيت ” عبور البضائع” هي إحدى الإمكانات المهمة لتوسيع العلاقات التجارية بين إيران والدول المجاورة.
قضية أخرى في علاقات إيران مع دول الجوار هي الأمن. لطالما اعتبرت جمهورية إيران الإسلامية أن أمن الدول المجاورة هو أمنها الخاص وقد قدمت الكثير لضمان الأمن في منطقة غرب آسيا ، بحيث تمكنت العديد من دول هذه المنطقة من تحقيق النمو الاقتصادي في ظل الأمن الذي خلقته إيران للمنطقة مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر .
ففي الواقع سعت هذه الدول إلى تحقيق مصالحها واتجهت نحو النمو الاقتصادي والتنمية في ظل الأمن والسلام والاستقرار الذي خلقته ايران و قوى محور المقاومة المتمركزة في المنطقة.
في السنوات الأخيرة مع سلسلة من الحوادث والأحداث مثل الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد وعدم قدرة أمريكا على الرد عليه وفشل السعودية في اليمن رغم الدعم الشامل من الولايات المتحدة و هجمات الطائرات المسيرة اليمنية والهجوم الصاروخي على أرامكو وأماكن آخرى رغم الحماية المشددة و متعددة التجهيزات من قبل منظومات الدفاع الامريكية، واستهداف بعض السفن التجارية في مياه المنطقة وما إلى ذلك ، عمليا تم الكشف بوضوح عن عدم قدرة دول خارج المنطقة التي تعتمد عليها بعض دول المنطقة من أجل الأمن والآن أدركت دول المنطقة أنه لا توجد قوة أجنبية مهما كانت كبيرة وقوية ستكون قادرة على خلق أمن مستقر لها.
أخيرًا ، تجدر الإشارة إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعت دائمًا إلى تحقيق السلام والاستقرار في تطورات منطقة غرب آسيا ودفعت تكاليف باهظة بهدف القضاء على الجماعات المتطرفة والإرهابية وخاصة في سوريا والعراق واليمن.
لطالما عملت إيران بكل الوسائل بهدف إرساء السلام و احداث تقارب وتفاهم في العالم الإسلامي بأسره. وبناءً على ذلك يمكن الاستفادة من معارف وخبرات جمهورية إيران الإسلامية لا سيما في التعامل مع الإرهاب لصالح الاستقرار السياسي في المنطقة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال