برهنت الحرب الأوكرانية على أن العقوبات ليست أفضل أداة للمجابهة 48

برهنت الحرب الأوكرانية على أن العقوبات ليست أفضل أداة للمجابهة

شنت القوات العسكرية الروسية في 24 فبراير 2022 هجوما على اوكرانيا منتهكة القوانين الدولية. ويتابع العالم بتوجس التطورات الاوكرانية، حيث ان هذا الهجوم أخلّ بأسس المنظومة الامنية والاستقرار العالمي مسببا فاجعة انسانية كبرى ومؤدياً الى تهديم الاقتصاد الدولي ايضاً الذي سجل تحسناً مؤخراً من مضار جائحة كورونا.
من جهة أخرى أثّر هذا الامر بسرعة على أمن واستقرار الناس، وتأمل البشرية كلها بالعودة العاجلة للاستقرار والسلام. مع هذا، في حين يبدو من المستبعد حصول تقدم ملحوظ في الجانب الدبلوماسي او تخفيض للتوتر العسكري في المدى القريب، فيحتمل ان تبقى العقوبات قائمة بل ستتوسع ايضاً. وبينما لا تشكل الازمة الاوكرانية تهديداً امنياً يواجهه العالم فحسب، انما ايضاً بسبب نتائجها وعواقبها الواسعة على الامن والاقتصاد العالميين ستكون لها تأثيرات ملحوظة تماما.

روسيا حازمة في ان لا تلتحق اوكرانيا بحلف الناتو في اطار اتخاذها مواقف وطنية. فتعتقد موسكو ان الولايات المتحدة وحلفائها سيستغلون اوكرانيا لاقامة قواعد عسكرية على اراضيها والتي ربما ستستخدم كمنطلق للهجوم على روسيا. وفي المحصلة، فان روسيا ترى بكل ثقة ان اوكرانيا يجب ان لا يسمح لها بالانضمام الى الناتو لتحافظ على سيادتها وسلامها واستقلالها.

من جهة أخرى تريد الولايات المتحدة وحلفائها وأيضاً الناتو انضمام اوكرانيا الى هذا الحلف. ويقولون انه لكون اوكرانيا بلد مستقل، فيجب ان يتمكن من اتخاذ قراراته بنفسه، ويرون ان السماح لاوكرانيا بالانضمام الى الناتو هو الاجراء الاكثر تعقّلاً، وان هذا البلد بلد مستقل ويحق له الانضمام الى أي منظمة يريد.

يبدو ان بلدان أخرى مثل الصين والسعودية والامارات تواجه مشكلة جديدة في هذا الشأن، فهي لا تريد ان تدعم او تؤيد روسيا رسميا، كما لا تريد ايضا ابراز تأييدها العلني للناتو، وذلك لأنها شركاء اقتصاديون مهمون للطرفين، ولا تريد ان تشرك نفسها في سياسات روسيا واوكرانيا، لان الوقوف الى جانب واحد ربما سيعود بالضرر في الامد البعيد على نموها الاقتصادي.

روسيا اولاً هي واحدة من اكبر منتجي النفط و هجومها على اوكرانيا حدا بالولايات المتحدة وحلفائها بفرض العقوبات التجارية عليها. وفي حين ان روسيا لا تتمكن من اقامة التبادل التجاري مع معظم بلدان العالم، فهذا يعني عدم استطاعتها ايضا بيع نفطها لجميع البلدان. لذا يبدو ان نقص النفط عالميا ناجم من العقوبات المفروضة على روسيا.

ثانيا، ان ارتفاع اسعار النفط، يرافقه ارتفاع في كلف الشحن. وعندما ترتفع اسعار النفط، ترفع شركات الناقلات البحرية اسعارها طلبا للأرباح. ومن هنا، بعد الهجوم الروسي على اوكرانيا ارتفعت اسعار الشحن بشكل ملحوظ، وتصعّبت عمليات شحن السلع ونقل الافراد من مكان الى آخر. وهذا بدوره ادى الى ارتفاع اسعار كافة السلع والبضائع على مستوى العالم.

ثالثا، ولدّت الحرب توتراً اكثر بين الناتو والولايات المتحدة من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى، الى حد ان اي خطوة خاطئة من اي من اللاعبين ستفجّر بكل بساطة حربا عالمية ستؤدي بدورها، في القرن الحالي، الى ارتفاع اسعار الطاقة والسلع والمواد الغذائية وبالتالي الى زيادة التضخم في العديد من البلدان.

ان للخلافات السياسية الجغرافية اثر سلبي على اقتصادات البلدان كلها، وليس فقط على البلد المفروضة عليه العقوبات. فالصراع الروسي الاوكراني بيّن ان فرض العقوبات على بلد متصارع ليس بالخطوة الافضل، لأن لهذه العقوبات تاثير حتى على البلدان غير المتصارعة، خاصة عندما تكون البلدان المتنازعة شركاء تجاريون للبلدان غير المتنازعة. ان على القادة السياسيين بذل الجهود لتجنب الدخول في النزاع بين اوكرانيا وروسيا، وان تستغل الحوار كآلية لحل هذا النزاع.

بقلم: آرش قرباني سبهر

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال