تُعرف منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها ومعهم روسيا باسم أوبك بلس. تشكل هذه المنظمة حوالي 40% من إنتاج النفط العالمي، والهدف الرئيسي منها هو تنظيم إمدادات النفط إلى السوق العالمية. ولأن لها حصة كبيرة في سوق الطاقة يمكنها أن تؤثر بقراراتها على الأسعار العالمية للنفط. لهذا السبب يجتمع الأعضاء بانتظام للاتفاق على كمية النفط التي ينبغي بيعها في الأسواق العالمية في أي وقت.
عوامل التأثير على إنتاج النفط عند أعضاء أوبك بلس
واحدة من العوامل المهمة التي تؤثر على قرارات أوبك بلس هي الحالة الحالية للاحتياطيات النفطية في العالم. كتب "جون كامب" المحلل الاقتصادي في رويترز مؤخرًا في تقرير له أن بيانات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) تُظهر أن احتياطيات النفط الخام والمنتجات النفطية في الاقتصاديات المتقدمة كانت في يونيو أقل بكثير من المتوسط الفصلي لها خلال 10 سنوات.[1]
من العوامل الأخرى الحاسمة لتحديد مستوى إنتاج أوبك بلس هي معدل النمو الاقتصادي للدول الصناعية وخاصة الصين التي كانت واحدة من أكبر مستهلكي النفط الخام في العالم على مدار العقود الماضية. ولذلك فإن التراجع أو الزيادة في النمو الاقتصادي في الصين يؤثر بشكل كبير على كمية إنتاج النفط الخام. كما أن تحديد سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي له تأثير أيضًا على سياسات هذه المنظمة. في الواقع يمكن أن يساعد انخفاض أسعار الفائدة في تحفيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة مما قد يؤثر بشكل إيجابي على الطلب العالمي على النفط. عادةً ما تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى تقليل تكاليف الاقتراض وتشجيع الإنفاق والاستثمار ومع ذلك لا يوجد ضمان أن الاحتياطي الفيدرالي سيتخذ قرارًا بخفض أسعار الفائدة خاصةً في ظل وجود مخاوف بشأن التضخم. إذا لم تنخفض أسعار الفائدة أو ترتفع فمن المحتمل أن يتم كبح النمو الاقتصادي وتقليل الطلب على النفط، وبالتالي يتوجب على أوبك تقييم هذه الشكوك بعناية.[2]
هل سيؤثر انخفاض أسعار النفط العالمي على قرارات أوبك بلس المستقبلية؟
كانت أوبك بلس تنوي زيادة إنتاجها بمقدار 180 ألف برميل يوميًا في أكتوبر المقبل وهو جزء صغير من الحد الطوعي للإنتاج الذي وضعته المجموعة والذي يبلغ 5.86 مليون برميل يوميًا وهذا يمثل 5.7% من الطلب العالمي. لقد تم فرض هذا الحد من الإنتاج لدعم أسعار النفط في ظل التوقعات القاتمة للطلب وزيادة إنتاج الدول خارج هذه المجموعة. لكن مع انخفاض سعر النفط بالتزامن مع بقية منتجات الطاقة بسبب المخاوف المتعلقة بضعف الاقتصاد العالمي والبيانات القليلة من الصين والتي تعتبر أكبر مستورد للنفط في العالم، أعلنت أوبك بلس بعد اجتماعها الافتراضي يوم الخميس أن ثمانية من أعضائها الذين كانوا يخططون لزيادة إنتاجهم من شهر أكتوبر قد اتفقوا على تمديد تخفيض الإنتاج الطوعي الإضافي بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا لمدة شهرين حتى نهاية نوفمبر 2024.[3]
ما العواقب التي قد تترتب على استمرار سياسة خفض الإمدادات؟
وعلى الرغم من أن قرار مجموعة أوبك بلس بخفض الإنتاج أدى فورًا إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلا أن استمرار هذا الوضع يمكن أن يضع هذه المجموعة أمام تحدي فقدان محتمل لحصة السوق لصالح المنتجين من خارج أوبك. فقد زادت الولايات المتحدة وكندا والبرازيل إنتاجها وإذا قررت المجموعة الاستمرار في الامتناع عن زيادة الإنتاج فإنها ستعتبر تهديدًا تنافسيًا لأوبك بلس. ضف على ذلك هناك خطر من أن بعض أعضاء أوبك بلس قد يتجاوزون حصص إنتاجهم ويقوموا بزيادة الإنتاج بشكل أحادي الجانب مما يعقد جهود هذه المجموعة في إدارة الإمدادات.[4]
الخلاصة
مع اقتراب الخريف وبينما كان من المقرر زيادة مستوى إنتاج النفط من قبل أعضاء أوبك بلس، اتخذ الأعضاء في هذا المنظمة خطوة حذرة بالحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي لمدة شهرين. وستُعتبر الأسابيع القادمة حيوية بالنسبة لأوبك بلس حيث تستعد هذه المجموعة لخطوتها المقبلة. إن نتيجة هذا القرار لن تؤثر فقط على مستقبل أسواق النفط العالمية، بل ستختبر أيضًا قدرة هذه المجموعة على إدارة العرض في بيئة اقتصادية متزايدة الشكوك .
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال