تجدد ظهور داعش في ظل الفكر المتطرف في سورية 562

تجدد ظهور داعش في ظل الفكر المتطرف في سورية

لقد بات معلوماً لدى الجميع أن تنظيم داعش الإرهابي بدأ بالظهور للعلن بشكل عملياتي إلى الميدان، وذلك بعد أن كان مختبئاً في جيوب الصحراء وبين المدنيين وخاصة في المناطق الشرقية وأريافها في سورية وشرقي تدمر و ديرالزور وهي أماكن تواجده الأساسية سابقاً والتي انطلق منها لتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في سورية، وتعتبر حالياً مناطق تحت سيطرة دمشق. فبعد أن وصل الجولاني إلى حكم سورية زاد نشاط التنظيم، خاصة أن كلا التنظيمين يحملان نفس الفكر المتطرف الذي يتبناه تنظيم داعش الإرهابي، ففي الأصل جبهة النصرة كانت قد انشقت عن داعش أساساً وأوجدت لها كيان خاص في الشمال السوري بزعامة "أبو محمد الجولاني" وهو أحمد الشرع حالياً والرئيس المؤقت لسلطة الأمر الواقع في سورية. سيتناول هذا المقال بداية ظهور داعش من جديد و دور قوات السلطة الحالية في ذلك وخاصة على الخطوط الأولى والجبهات المفتوحة مع قوات سورية الديمقراطية (قسد).


المسيرات المتطورة التي تطلقها داعش

بالأمس القريب أعلنت قوات سورية الديمقراطية أنها رصدت وأسقطت طائرتين مسيرتين لداعش انطلقتا من مواقع تسيطر عليها قوات تابعة لحكومة الجولاني في الضواحي الشرقية لمدينة الرقة، وأوضحت "قسد" في بيان لها أن المسيّرة الأولى من طراز Matrice M30بينما الثانية من نوع FPV الهجومية. وبعد السيطرة على حطام المسيّرتين وفحص محتوياتهما تمكنت الفرق الفنية من استخراج البيانات المخزّنة في بطاقة الذاكرة الخاصة بالطائرة الأولى، وبيّنت عملية التحليل وفق ما ذكرته قوات سوريا الديمقراطية أن الطاقم المشغّل للمسيرة هو مجموعة من المسلحين الأجانب المرتبطين بتنظيم داعش ويتمركزون داخل نقاط فصائل حكومة دمشق المقابلة لخطوط دفاع "قسد".[1]


التعاون الميداني بين عناصر الجولاني و داعش

وفقاً لبيان قوات سورية الديمقراطية تُظهر المعلومات الواردة أن بعض الجماعات التابعة لحكومة دمشق تعاونت مع عناصر أجنبية تابعة لداعش و وفرت لهم إمكانية استخدام مواقعها لعمليات استطلاع وهجمات بطائرات مسيّرة للهجوم على مواقع تابعة لقوات قسد، وبذلك تستغل بعض قوات الجولاني في تلك المنطقة بداية ظهور عمليات داعش الإرهابية ضد المناطق الأمنة لتحقيق نقاط تفوّق على قسد، وهذا بالتأكيد يزيد من احتمالية تعزيز نشاط التنظيم الذي مازال يشرف عليه قادة أجانب بخبرات قتالية عالية ومعدات هجوم متطورة كالطائرات بلا طيار ومسيرات استطلاع. وبالطبع ماتزال هناك علاقات قوية تربط تلك العناصر المحلية لدى داعش مع عناصر الجولاني التي تتواجد في المنطقة وهذا ماقاله سابقاً مسؤول أمريكي كبير لشبكة CNN : "إن واشنطن تعتقد أن أجزاء كبيرة من "هيئة تحرير الشام"، التي قادت الهجوم الذي أطاح بالرئيس السوري السابق بشار الأسد "تحافظ على روابط قوية مع تنظيم داعش". [2]


زيادة خطر انتشار داعش

في ذات السياق، كانت قد حذّرت قوات سورية الديمقراطية من أن هذا التعاون والتنسيق بين عناصر الجولاني وعناصر داعش عززت قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات استطلاع بطائرات مسيّرة، وجعلت تهديدات هذه الجماعة أكثر خطورة من ذي قبل، ففي تلك المناطق المفتوحة والتي يزداد فيها التنظيم انتشاراً وتعزيزاً لقدراته يبقى التنظيم بعيداً عن الأنظار خاصة في ظل التنسيق الموجود مع أهل المنطقة سيكون أمر تخفيه أمراً سهلاً.

إن زيادة خطر داعش أصبح حقيقة تواجه المجتمع السوري بكل مكان، فقد غزى الفكر المتطرف أرجاء البلاد والذي ازداد كثيراً بعد وصول سلطة متطرفة دينياً لاتعترف حتى بالمدنية والديمقراطية ولا بتعدد المكونات الطائفية والقوميات الأخرى، ولذلك وجود داعش ليس بالضرورة أن يكون بعناصر مسلحة متدربة ومكشوفة براياتها السوداء، بل بالفكر المتطرف التكفيري الذي لايقبل الآخر ويكفّر كل من يخالفه الرأي والفكر، وهذا هو النموذج السائد في مختلف الهيئات والجماعات والمؤسسات التي تمثل الحكومة الحالية.



دور التحالف الدولي ومحاربته لداعش

بصفتها شريكة التحالف الدولي لهزيمة داعش دعت قوات سورية الديمقراطية شركاءها في التحالف الدولي إلى متابعة هذه المعلومات وفتح تحقيق حول تورط عناصر داعش في تشغيل المسيّرات داخل مناطق التماس، وملاحقة الجهات الداعمة لها تقنياً ولوجستياً محذّرة من أن تجاهل هذه الانتهاكات "يهدد الأمن الإقليمي ويفتح المجال أمام التنظيم لإعادة نشاطه وانتشاره بشكل واسع". [3]


هنا يبرز دور التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة ودول غربية وعربية مختلفة، وسورية بالأمس القريب انضمت إلى هذا التحالف ومن المفترض أن يكون هناك التزامات جديدة أمنية وعسكرية واستخباراتية لتقويض أي شكل من أشكال ظهور داعش.[4] أي أن هناك تحدي كبير أمام سلطة دمشق التي تعيش واقعاً لاتحسد عليه، في الحقيقة هي من جهة، تبدي كل أشكال الدعم لمحاربة التنظيم أمام المجتمع الدولي. ومن جهة ثانية، مازالت تعيش في بيئة مشابهة لها وسيصعب على عناصرها نسيان الأمس القريب حين كانوا في صفوف داعش نفسها. لذلك ينبغي تفعيل دور التحالف الدولي بشكل حقيقي وفعلي في محاربة داعش بالاعتماد على الطرف الآخر في النزاع وهو قوات سورية الديمقراطية التي كان لها دور بارز في محاربة التنظيم منذ نشأته وحتى هزيمته بمساعدة الولايات المتحدة.


الخلاصة

إن بداية انتشار الفكر المتطرف في سورية وإعطائه الشرعية من خلال الإعتراف بسلطة الأمر الواقع بزعامة الجولاني يعتبر من أهم العوامل التي يعتمد عليها تنظيم داعش الإرهابي في إعادة اتنشاره وتوسعه ولو بالشكل المبدأي والإيديولوجي، لإننا الآن نسمع ونرى على الملأ أئمة الجوامع الجدد التابعين لسلطة الأمر الواقع كيف يتبنون الخطاب المتطرف التكفيري الذي يزيد من انشقاق المجتمع وانجراره وراء الفتاوي التكفيرية والجماعات الجهادية، وهذا بحد ذاته يعتبر الغذاء الروحي لداعش الإرهابية. إن وجود قوات قسد المتحالفة مع الولايات المتحدة في محاربة داعش يعتبر خطوة مهمة في تقويض انتشار التنظيم ومنع تحركاته بسهولة في المناطق الشرقية. وربما يكون ظهور داعش في المرحلة القادمة أحد المشاريع والسيناريوهات التي لطالما عملت عليها الولايات المتحدة لكي تتذرع بالتوسع والتواجد العسكري داخل سورية وربما إلى جوار القصر الجمهوري في مطار المزة العسكري كما يشاع الآن لإنشاء قاعدة جوية أمريكية هناك.






محمد يزن الحمادي


[1] shafaq.com/ar/الشرق-الأوسط/سوريا-قسد-تعلن-سقاط-مسيرتين-لـ-داعش-بريف-الرقة-فيديو

[2] https://2cm.es/1e-l2

[3] https://2cm.es/1e-mY

[4] aawsat.com/العالم-العربي/المشرق-العربي/5207409-سوريا-تنضم-رسمياً-لـالتحالف-الدولي-لمكافحة-داعش

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال