حددت المملكة العربية السعودية شروطاً للولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني و أحد هذه الشروط هو التعاون النووي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وهو ما وضع الولايات المتحدة في وضع محفوف بالمخاطر.
وتأمل واشنطن في تقريب المملكة العربية السعودية من إسرائيل، لذلك يجب عليها أن تأخذ في الاعتبار المطالب السعودية فيما يتعلق بالتعاون النووي المدني وطلبات الدفاع؛ وهو تطور يمكن أن يغير الصورة الأمنية للمنطقة بشكل كبير.
ولكن إذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة على التفاوض بشأن فرض حظر كامل على التخصيب ولم تكن مستعدة لتقديم تنازلات أخرى، فهناك احتمال كبير أن تدير المملكة العربية السعودية ظهرها لعملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتقترب أكثر من منافسي أمريكا. مثل الصين؛ وبالمقارنة مع واشنطن، فإن بكين هي جهة فاعلة يمكنها أن تدعم دون قيد أو شرط قدرات التخصيب النووي للمملكة العربية السعودية، ولدى الرياض القدرة على الاستفادة من هذه الفرصة لتطوير برنامجها للأسلحة النووية.
ولذلك، ينبغي على واشنطن أن تقبل الطموحات النووية السلمية للمملكة العربية السعودية، ولكن تصر على اتخاذ تدابير قوية وأنظمة صارمة لمنع انتشار الأسلحة السعودية ومنع سباق التسلح الإقليمي.
ومن بين العوامل التي يمكن أن تدفع السعودية إلى امتلاك أسلحة نووية، الرغبة في تعزيز الأمن القومي، وردع الأعداء المحتملين، وزيادة النفوذ الجيوسياسي للمملكة. لكن الدافع الرئيسي ربما ينبع من قوة جارة المملكة العربية السعودية ومنافستها، أي إيران. ووفقا للخبراء النوويين، فإن المملكة العربية السعودية تتخلف عن إيران بحوالي 20 إلى 25 سنة من حيث التطورات النووية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات المحتملة للمملكة العربية السعودية في مجال البرنامج النووي يمكن أن تدفع دولًا أخرى في المنطقة، مثل الإمارات العربية المتحدة أو تركيا، إلى سباق التسلح. ولا تريد الرياض، التي ترى نفسها زعيمة إقليمية، أن يتمكن أي من هذين البلدين - وخاصة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها منافسها الرئيسي - من التغلب على المملكة إلى خط النهاية النووي. [1]
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية حققت تقدماً في برنامجها النووي، إلا أن قدرات البلاد لا تزال في مهدها. حاليًا، تقتصر بنيتهم التحتية النووية على مفاعل أبحاث في مدينة الملك عبد العزيز. ومع ذلك فقد أعلنت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة عن طموحاتها لتحسين قدراتها النووية.
وفي مايو 2022، قبلت المملكة العربية السعودية مقترحات فنية من دول مختلفة لبناء مفاعلين نوويين، وفي يناير 2023، أعلنت الرياض عن خطتها لاستخدام احتياطياتها المحلية من اليورانيوم منخفض التخصيب كوقود نووي. كما حققت الرياض اكتشافات طفيفة لليورانيوم النووي.
في الواقع، تتمتع المملكة العربية السعودية بخبرة قليلة نسبيًا في المجال النووي حتى الآن، ويجب عليها الاعتماد على الشركاء الأجانب لبناء قدرات التكنولوجيا النووية والبنية التحتية. [2]
وفي الآونة الأخيرة، استجابت إدارة بايدن بشكل إيجابي لاهتمام المملكة العربية السعودية بالتعاون النووي المدني مع الولايات المتحدة. ويمكن لهذه الشراكة أن تحقق فوائد مهمة لكلا البلدين. ومع ذلك، ينبغي متابعة هذا التعاون بطريقة تمكنه من تحقيق مصالح الجانبين دون زيادة مخاطر انتشار الأسلحة النووية.
ويؤكد المسؤولون السعوديون أن مثل هذا التعاون يجب أن يشمل قيام الولايات المتحدة ببناء منشآت لتخصيب اليورانيوم في المملكة العربية السعودية، وهي منشآت قادرة على إنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب لوقود المفاعلات النووية المدنية، ولكن إذا لم تخضع لضوابط فعالة، فهي قادرة على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. سيتم استخدام اليورانيوم في الأسلحة النووية. ولذلك، فإن البرامج النووية السلمية غالبا ما تكون الخطوة الأولى نحو الحصول على الأسلحة النووية.
ويشير السعوديون إلى أن القدرة على التخصيب محليا تمكن المملكة العربية السعودية من استخدام احتياطيات اليورانيوم الموجودة على أراضيها لتزويد برنامجها النووي بالوقود، فضلا عن الربح من خلال بيع اليورانيوم في السوق الدولية. لكن برنامج التخصيب المحلي قد يكون أكثر قيمة بالنسبة للسعوديين من الطاقة النووية والتجارة، وعلى وجه التحديد بناء قنابل ذرية للحفاظ على قوتهم وتوسيعها.
ولا تخفي السلطات السعودية اهتمامها بالأسلحة النووية، وطالبت في بعض الأحيان ببناء قنبلة ذرية، متهمة إيران ببرنامجها النووي السلمي.
إن الدعم الأمريكي لمنشآت التخصيب في المملكة العربية السعودية، على الرغم من الإجراءات الأمريكية الصارمة داخل هذه المنشآت المحتملة، يمكن أن يؤثر سلبًا على النظام العالمي لمنع الانتشار النووي.
وبعد قول "نعم" للسعودية، تطرح أسئلة، مثلاً كيف يمكن للولايات المتحدة أن تقول "لا" لحليف مثل كوريا الجنوبية، التي حاولت دون جدوى الحصول على موافقة أميركية لتخصيب أراضيها.
فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تثني روسيا أو الصين أو غيرها من الدول عن تقديم مرافق التخصيب المحلية لعملائها؟[3]
ومن ناحية أخرى، فإن أي امتياز تمنحه الولايات المتحدة للسعودية في المجال النووي، سيجبر دول الشرق الأوسط الأخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا ومصر على مطالبة الولايات المتحدة بالمثل، وهو أمر غير مرغوب فيه بالنسبة للولايات المتحدة.
ويشير بعض الخبراء النوويين إلى أن تخصيب اليورانيوم في المملكة العربية السعودية لا يتم فقط تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل وأيضاً من قبل الأميركيين، وأن السعوديين لديهم قدرة أقل على الوصول إلى الأجزاء الرئيسية من المحطة لمنع المملكة العربية السعودية من تحويل أي مسار في التكنولوجيا الحساسة. وقدراقترح آخرون تأمين آليات إغلاق المصنع عن بعد.[4]
ويواجه الاتفاق النووي السعودي الأميركي حالياً عدة عقبات، مثل موافقة الكونغرس الأميركي وتحفظات إسرائيل على تخصيب اليورانيوم السعودي، فضلاً عن انسحاب الرياض من مفاوضات التطبيع، ما يجعل طريق التوصل إلى اتفاق لا يزال غير واضح.
ومع ذلك، يظهر السجل التاريخي أن الرياض لا تزال تعتبر واشنطن شريكًا حيويًا على الرغم من الجهود المبذولة لتنويع العلاقات مع القوى العالمية.
وينبغي على واشنطن مواصلة المفاوضات، مع العلم أن نتيجة هذه المفاوضات يمكن أن تؤدي إلى اختلال توازن القوى الإقليمي. ولكن يتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تأخذ في الاعتبار حقيقة أن قرارها قد يغير الحسابات النووية العالمية.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال