قبل خمس سنوات كانت كامالا هاريس سناتورة من ولاية كاليفورنيا تأمل في الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية. بدأت هاريس مسيرتها المهنية من مكتب المدعي العام في مقاطعة ألاميدا، ومن ثم وصلت إلى منصب المدعي العام للمنطقة في عام 2003، وهو المنصب الذي يُعتبر أعلى منصب للمدعي العام في سان فرانسيسكو.
بعد ذلك أصبحت أول امرأة وأول شخص من ذوي البشرة الملونة يتولى منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا في عام 2011، وهو أعلى منصب قانوني وأعلى جهة تنفيذية للقانون في أكثر الولايات الأمريكية كثافة سكانية. تدريجياً أصبحت هاريس واحدة من القوى الصاعدة في الحزب الديمقراطي، وبناءً على تقارير وسائل الإعلام حول أنشطتها، قررت في عام 2017 الترشح لدخول الكونغرس الأمريكي كواحدة من اثنين من سناتوري ولاية كاليفورنيا؛ وهو قرار جعلها سناتورة جديدة. ولكن عندما قررت بعد ثلاث سنوات، أي في عام 2020،[1] الترشح للانتخابات الرئاسية، لم تحقق النجاح. على الرغم من أنها ظهرت بمهارة في المناظرات إلا أنها اتُهمت بعدم وجود خطة واضحة ومحددة لفترة رئاستها. تراجعت حملتها الانتخابية لترشيح الحزب الديمقراطي خلال عام واحد. كانت هاريس في ذلك الوقت تبلغ من العمر 55 عامًا. في النهاية كان بايدن هو من اختارها كمرشحة لمنصب نائب الرئيس مما أعاد كامالا هاريس إلى الساحة السياسية.
يقول استراتيجيون في الحزب الديمقراطي إن كامالا هاريس تمتلك أفضل الفرص والمزايا لخلافة جو بايدن. فهي تبلغ من العمر 59 عامًا، وأصغر بأكثر من 20 عامًا من بايدن ودونالد ترامب. هاريس امرأة نشأت في بيئة متعددة الثقافات، ويمكن أن تكون جذابة للشرائح الأساسية في قاعدة الديمقراطيين مثل النساء، والأشخاص من ذوي البشرة الملونة واللاتينيين والشباب.
تمتلك هاريس أفضل الفرص للاستفادة من آلة بايدن الدعائية ونظام جمع التبرعات للجنة الوطنية الديمقراطية (DNC) دون الدخول في صراعات قانونية مفرطة. لكنها تواجه تحديات في هذا المسار، منها:
1. اتُهمت هاريس في بعض الفترات خلال فترة توليها منصب نائب الرئيس بالغياب عن الساحة العامة والتقصير في أداء واجباتها. حتى أنه وفقًا لتقرير من CNN في عام 2021، تم الإشارة إلى أن هاريس كانت تسعى لاستبدال بايدن، مما أثار انتقادات عديدة من داخل الحزب الديمقراطي.[2] مثال آخر هو؛ بعد مرور 6 أشهر فقط على توليها المنصب، وكانت مسؤولة عن شؤون المهاجرين، قالت إن الغواتيماليين يجب ألا يأتوا إلى أمريكا، مما أثار غضب الأعضاء الأصغر سناً والأكثر تقدمية في الحزب الديمقراطي.[3] وقد اتُهمت هاريس مرارًا من قبل مكتب الرئاسة بالتقصير أو نقص المعلومات الكافية حول القضايا الرئيسية في أمريكا، بما في ذلك الهجرة، والصعوبات الاقتصادية والمشكلات الأمنية.
2- القضية المهمة والرئيسية الأخرى هي مواجهة منافس قوي مثل دونالد ترامب، ونقص شعبية شخصية كامالا هاريس. إن هزيمة ترامب الذي يمتلك فريقًا قويًا من الجمهوريين ويتصدر حاليًا استطلاعات الرأي، هي مهمة صعبة. الدعم السياسي والمالي لترامب أقوى بكثير من دعم هاريس، واستعداده للانتخابات في عام 2024 يعود على الأقل إلى عام مضى. على عكسه، لا تمتلك هاريس هذه الاستعدادات، حيث اتهم ترامب هاريس مرارًا بالتستر على صحة بايدن العقلية والجسدية، وأكد في خطاباته الشعبية أن هاريس كذبت أمام الكونغرس ومجلس الشيوخ بشأن صحة بايدن. هذا النهج سيؤثر سلبًا على حملة هاريس الانتخابية.[4]
3. وفقًا لاستطلاع آراء "تايمز-سي إن إن"، يرى 61% من الناخبين الأمريكيين أن البلاد التي تحت سيطرة الكونغرس والرئاسة الديمقراطية تسير في الاتجاه الخاطئ، [5]ويعتقدون أن الظروف الاقتصادية في البلاد ليست "عادلة" و "منصفة"، وأنها تسلك مسارًا غير صحيح. هذا الأمر قد يؤدي إلى انخفاض الدعم العام تجاه هاريس. إن إرث بايدن للاقتصاد الأمريكي، والتي تتمثل في ارتفاع معدلات الفائدة، قد يجعل هاريس في وضع صعب.
4. تتعرض هاريس لضغوط كبيرة من داخل الحزب الديمقراطي؛ إذ إنها لا تحظى برعاية استثمارية عامة ولا بدعم القاعدة التقليدية للحزب، كما أنها تفتقر إلى كاريزما أوباما وكلينتون، وقد قبلت الفئة المحافظة إلى حد ما من الديمقراطيين ترشيحها بالإكراه.
5. ليس لدى هاريس خبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه أمريكا منافسين مثل روسيا والصين، حيث تزداد مخاطر اندلاع صراع عسكري في تايوان. بالإضافة إلى ذلك، تستمر حرب روسيا وأوكرانيا، وتشهد الولايات المتحدة صراعات داخلية حول المساعدات العسكرية لنظام الاحتلال الإسرائيلي، حيث يصر المنتقدون من كلا الحزبين على وجوب إنهاء هذه الحرب لتقليل التكاليف العسكرية لأمريكا، ولتقليل الضغوط السياسية التي تسببت في زيادة السمعة السيئة لهذا البلد بسبب دعمه لنظام الاحتلال الإسرائيلي. ومن الجدير بالذكر أن هاريس كانت داعمة لتقديم حزم مساعدات مالية وعسكرية أكبر لنظام الاحتلال الإسرائيلي في كل من فترة رئاسة أوباما وفترة رئاسة بايدن.[6]
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال