تحرك طالبان في مواجهة داعش خراسان 76

تحرك طالبان في مواجهة داعش خراسان

صحيح أن جماعة “داعش” الإرهابية الشريرة لم تعد تُذكَرُ في التقارير الإخبارية العاجلة، لكنها للأسف ما زالت موجودة وعملياتها كذلك مستمرة في المنطقة. إن أحد الأمور المقلقة وبشكل خاص فرع من هذه الجماعة يسمى “داعش خراسان”. يشير مصطلح خراسان إلى منطقة شاسعة تشمل شمال شرق إيران وتركمانستان وشمال أفغانستان.

في أوائل القرن السابع أصبحت خراسان جزءًا من الخلافة الأموية ومركزًا أساسيًا لنمو الثقافة الإسلامية الأولى. وبما أن هدف داعش هو إقامة خلافة عالمية فإن استخدام كلمة “خراسان” يعني أن لديهم أو سيكون لديهم الحق في السيطرة على أراضي أقليم خراسان بأكمله.

أعلن تنظيم داعش خراسان وجوده في أفغانستان عام 2015 ، ومع ظهور هذه المجموعة تم إيجاد منصة قوية للسلفيين الأفغان لتأسيس قوة عسكرية موازية لحركة طالبان الأفغانية. انضم السلفيون الأفغان داخل أفغانستان إلى تنظيم داعش خراسان مثل الفيضان وشغلوا مواقعه وانضموا إليه أيضًا من بيشاور الباكستانية والمناطق المحيطة بها. 

كانت هذه المجموعة الإرهابية مصممةً على أن تُخلِص أفغانستان من “المرتدين” بدأت هذه المجموعة الإرهابية استهداف المساجد في عام 2016. ووقعت إحدى هذه الهجمات المبكرة في تشرين الثاني (نوفمبر) وشملتها عملية انتحارية. بحلول عام 2018 زاد عدد الهجمات على المساجد. في عام 2019 أصبحت هجمات تنظيم الدولة الإسلامية على المساجد في خراسان أكثر عنفًا وغالبًا ما نتح عنها سقوط العديد من الضحايا . 24 تشرين الثاني 2020 كان هجوم انتحاري على مركز تعليمي في كابول ما أسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة 70 آخرين. في نوفمبر من ذلك العام قُتل 32 شخصًا وأصيب 50 آخرون في هجوم على جامعة كابول. ثم في 8 حزيران 2021 رأينا هجومًا على مدرسة في غرب كابول استهدف الأطفال، وبعد أسبوع أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم الذي حصل في المسجد في كابول.

منذ عام 2015  كانت طالبان هي أخطر عائق ضد داعش في خراسان. المعركة بين طالبان وداعش معركة جدية متجذرة في المعتقدات والآراء المختلفة لهاتين المجموعتين. بعد الاستيلاء على كابول وتشكيل الحكومة أغلقت طالبان المدارس السلفية في أفغانستان وأوجدت موجة من المواجهة ضد انتشار السلفية في أفغانستان. من ناحية أخرى حاول تنظيم الدولة الإسلامية أيضًا ضرب طالبان بإحداث موجة من التفجيرات والعنف الإرهابي (أكثر من 30 هجومًا على طالبان في الشهرين الماضيين وهجومان كبيران على الشيعة في صلاة الجمعة بمسجد سيد آباد في خان آباد قندوز وإمامبارا فاطمة في قندهار). بهذه الهجمات فإن تنظيم داعش بالإضافة إلى محاولته ضرب أعدائه بشكل مباشر (بسبب الكراهية والعداوة التي يكنها للشيعة وطالبان) ، يسعى أيضًا إلى الإضرار بسمعة خصمه والادعاء پأن طالبان تواجه تحدياً يتمثل بإيجاد الأمن في البلاد.

كما تشير الدلائل إلى أن داعش خراسان انتقل إلى مرحلة قبول عقود من جهات حكومية وغير حكومية مختلفة من أجل تعويض عجز الميزانية وتغطية نفقات عدة آلاف من المقاتلين. وبناء على ذلك فإن تنظيم داعش يقبل العمليات الإرهابية التي تأمر بها بعض الجماعات المتطرفة وأجهزة المخابرات ويتقاضى تعويضات عن ذلك. بطبيعة الحال فإن الهجمات التي يقبلها داعش تتماشى مع الأهداف المحددة لهذه المجموعة.

هذا التعاقد يجلب دخلاً مالياً ليس فقط لداعش ولكن أيضًا للوسطاء. لهذا السبب لجأ عدد قليل من المسؤولين الأفغان السابقين والأشخاص المؤثرين إلى هذا الوسيط باستخدام مناصبهم ونفوذهم. يبدو أن بعض الأشخاص في حكومة طالبان متورطون أيضًا في هذه السمسرة. مؤخرا تم اعتقال شخص من شبكة حقاني متورط في تسهيل عمليات داعش في كابول. وبحسب بعض التقارير أنه حتى الأشخاص الذين داخل إدارة مخابرات طالبان هم وسطاء لداعش خراسان.

زعمت حركة طالبان مؤخرًا أن داعش خراسان لا يمثل تهديدًا وأنه بمجرد حل القضايا الاقتصادية والإدارية في أفغانستان فإنها ببساطة ” ستختفي”. بالإضافة إلى ذلك يؤكدون أيضًا أنهم لا يحتاجون إلى مساعدة أجنبية لمحاربة داعش خراسان.

وعليه لا يبدو أن حركة طالبان قادرة على التعامل مع هذا التهديد بشكل جيد إذ ينفذ تنظيم داعش خراسان هجمات ضدهم بشكل شبه يومي. وقتلوا عددا من كبار مسؤولي طالبان من بينهم رئيس الأمن وقائد وحدة القوات الخاصة التابعة لهم. وسقط المزيد من القتلى والجرحى خلال الهجوم على النصب التذكاري لوالدة المتحدث الرسمي باسم طالبان. لذلك طالما أن المائدة تتسع لداعش والوسطاء الداخليين في أفغانستان فمن الصعب القضاء على داعش خراسان. يجب على حكومة طالبان أولاً أن تنظف نفسها من أجل هزيمة عدوها الأيديولوجي.

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال