556
على مدار الشهر الماضي وبعد الإعلان عن تفاصيل خطة ترامب للسلام في أوكرانيا المكونة من 28 نقطة، والمفاوضات حول إطار عمل تنفيذ هذه الخطة الأمريكية[1]، أشارت التقارير إلى عقد محادثات استمرت خمس ساعات بين الوفدين الأمريكي والأوكراني في ميامي و فلوريدا و الولايات المتحدة الأمريكية. وتمحورت المحادثات والمفاوضات بين الممثلين الأمريكيين والأوكرانيين بشكل رئيسي حول حدود ما بعد الحرب مع روسيا وتركزت بشكل رئيسي على ترسيمها.
حضر المحادثات من الجانب الأمريكي المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر. كما حضر من الجانب الأوكراني مستشار الأمن القومي رستم عمروف ورئيس أركان الجيش أندري خانتوف ونائب رئيس الاستخبارات العسكرية فاديم سكايبتسكي.
وبعد الاجتماع الذي استمر خمس ساعات، وصف المسؤولون الأوكرانيون الاجتماع بأنه "مُحكم وصعب" ولكنه "بناء". ويشير هذا الوصف بالتأكيد إلى أن الفجوات لا تزال قائمة، وأن الخلافات السابقة لا تزال قائمة. من وجهة نظر العديد من الخبراء فإن أهم نقطة خلاف بين طرفي النزاع هي منح السيادة لشبه جزيرة القرم ودونباس. ولأن كييف تطالب عمليًا باتفاق على حدود عام ١٩٩١، تسعى واشنطن جاهدةً للتوصل إلى اتفاق عملي للاستفادة من نتائجه، بينما تعتبر روسيا مسألة السيادة على هاتين المنطقتين قضيةً سياديةً بالغة الأهمية.
وفي هذا الصدد ووفقًا لتصريحات يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي للسياسة الخارجية فإن مسألة السيادة الروسية على منطقتي القرم ودونباس في شرق أوكرانيا هي "قضيتهم الإقليمية"[2]، وقد صرّح فلاديمير بوتين مرارًا وتكرارًا بأن روسيا ستسيطر على هاتين المنطقتين إما بالمفاوضات أو باستخدام القوة العسكرية.[3]
ويبدو أن هذه المفاوضات، التي ركزت بشكل مباشر على ترسيم الحدود المستقبلية بين روسيا وأوكرانيا، ستُصاحبها تنازلات مؤلمة ومدمرة سياسيًا لأوكرانيا وزيلينسكي. وتريد الولايات المتحدة من أوكرانيا تسليم منطقة دونباس بأكملها في شرق أوكرانيا إلى روسيا لإقناع فلاديمير بوتين بإحلال السلام ورفض أي مطالبات أخرى في هذا الصدد.
يعتقد الخبراء والمحللون أن ضغوط وعود ترامب بسلام سريع في أوكرانيا، وإرهاق الحرب والاعتبارات الداخلية الأمريكية، قد زادت من الضغط للتوصل إلى اتفاق، ولذلك يسعى ترامب والولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق سلام حتى وإن كان غير مستقر. في الوقت نفسه ظهرت مؤشرات من أوروبا على تفعيل مسار التسوية السياسية ودخولها خط الوساطة.
في هذا السياق تقررَ أن يلتقي رئيس وزراء جمهورية التشيك مع بوتين نيابة عن الاتحاد الأوروبي، وأن تُجرى مفاوضات حول محادثات السلام عبر وساطة أوروبية. ويُعد هذا مؤشرًا على تفعيل المسار الدبلوماسي وعودة أوروبا إلى نقطة الكرملين المنشودة، وهي مواصلة محادثات السلام وترسيم حدود ما بعد الحرب تحت ضغط من الولايات المتحدة وضمن الأطر التي تقبلها موسكو والوساطة الأوروبية.
في غضون ذلك من جهة أخرى وبعد المفاوضات بين ممثلي الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن حدود ما بعد الحرب مع روسيا، اعتبرت مجلة تايم لقاء فلاديمير بوتين مع الممثل الخاص لترامب في موسكو، بعد زيارة فيتكوف وكوشنر إلى فلوريدا والمفاوضات مع المسؤولين الأوكرانيين، مرحلة حاسمة في تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا والتي سعت إلى توفير مسار لحل أكبر القضايا العالقة والتحديات المتبقية.[4]
عُقد الاجتماع الأسبوع الماضي واستمر لأكثر من ثلاث ساعات وحضره بالإضافة إلى بوتين وفيتكوف، يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للسياسة الخارجية، وكيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي وجاريد كوشنر، و مسؤولون أمريكيون. ووفقًا لأحدث التقارير انتهى الاجتماع بعد أن أعلن الجانبان عن سياسة السرية والالتزام بـ"مبدأ الصمت" دون التوصل إلى نتيجة محددة ونهائية واكتفوا بالقول إن المفاوضات والاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة ستستمر. [5]
في الختام، تجدر الإشارة إلى أنه بعد عرض خطة ترامب المكونة من 28 نقطة، واستمرار محادثات السلام في ظل الضغط الأمريكي على زيلينسكي لقبول الشروط المقترحة، يبدو أن هناك بوادر جهود أوروبية للتوسط من خلال تسوية سياسية، ووُصفت الأطراف بأنها حازمة للغاية لكنها استباقية في السعي إلى تحديد حدود ما بعد الحرب مع روسيا، وإقناع بوتين بإنهاء النزاعات مقابل الضغط على زيلينسكي.
في هذا الشأن ردّ ترامب مؤخرًا بإيجابية على سؤال حول خسارة أوكرانيا للأراضي التي لم تخسرها خلال الصراع قائلاً: "نعم سيخسرونها قريبًا".[6] والآن بعد مفاوضات مكثفة في فلوريدا ثم في موسكو، يبدو أن الضغط الأمريكي من أجل السلام وقبول جزء كبير من مطالب روسيا العليا على وشك التحقق.
نويد دانشور
[1] https://iuvmpress.co/fa/article/%D8%B7%D8%B1%D8%AD-28%D8%A8%D9%86%D8%AF%DB%8C-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D9%BE-%D9%86%D9%85%D8%A7%DB%8C%D8%B4%DB%8C-%D8%BA%DB%8C%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%DB%8C-%D8%A8%D8%A7-%D9%81%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%B1-%D8%B2%D9%84%D9%86%D8%B3%DA%A9%DB%8C
[2] https://www.gazeta.ru/politics/news/2025/12/03/27327247.shtml
[3] https://www.rbc.ru/politics/27/11/2025/6928548a9a79470c475146b2
[4] https://time.com/7337963/putin-witkoff-russia-ukraine-peace-talks-trump-key-issues/
[5] https://www.gazeta.ru/politics/news/2025/12/03/27327247.shtml?updated
[6] https://ria.ru/20251121/ukraina-2056694546.html
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال