تدهور الدولار وتقليص دوره في الإقتصاد العالمي 87

تدهور الدولار وتقليص دوره في الإقتصاد العالمي

يواجه وضع الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم تحديًا عالمياً حيث تتوق البلدان إلى إبعاد نفسها عن نفوذ واشنطن. لعقود من الزمان سيطر الدولار على النظام النقدي العالمي. بشكل عام انخفضت حصة الدولار الأمريكي في السوق العالمية من 71٪ إلى 59٪ خلال العقدين الماضيين ويمكن أن تنخفض أكثر في المستقبل. الضحية الرئيسية في هذا السيناريو هي الولايات المتحدة لأن استخدام العملة في التجارة العالمية هو لعبة محصلتها صفر، استخدام اليوان أو الروبية بشكل متزايد يعني استخدام أقل للدولار. وإذا وجدت بدائل قوية للدولار، فإن هيمنة الولايات المتحدة في السوق العالمية ستكون مهددة حتماً .[1]


أحد البدائل القوية للدولار هو اليوان، الذي تجاوز اليورو، فعلى سبيل المثال لقد أصبح ثاني أكبر عملة في الاحتياطيات الأجنبية للبرازيل، وهي أكبر دولة في أمريكا الجنوبية وباعتبارها عاشر أكبر شريك تجاري للصين ومورد رئيسي لخام الحديد وفول الصويا، وتستخدم البلاد اليوان بشكل متزايد في التجارة والاستثمار.


تحول الروس أيضًا إلى اليوان كعملة مفضلة لهم ويرجع ذلك بشكل كبير بسبب العقوبات الغربية والاستبعاد من قِبلِ جزء كبير من النظام المالي العالمي، لقد حل محل الدولار الأمريكي باعتباره العملة الأكثر تداولًا في البلاد، وتقدم جميع البنوك الكبرى تقريبًا خدماتها وودائعها باليوان.


كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نتيجة اجتماعه مع شي جين بينغ في موسكو "نحن نؤيد استخدام اليوان الصيني في التبادلات بين روسيا ودول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية".


تريد المزيد من الدول إزالة الدولرة ليس لأنها منطقية من الناحية الاقتصادية، ولكن للهروب من براثن استبداد السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي حوّلت الهيمنة العالمية للدولار إلى سلاح خلال العقدين الماضيين.


تجاهل للقوانين الدولية والقواعد التجارية؛ حيث تفرض الولايات المتحدة الآن عقوبات على الأفراد والشركات والدول متى شاءت وتستبعدهم من النظام المالي العالمي متى أرادت. ولكن هذه ليست القصة كلها، يمكن الآن إخبار الشركات حول العالم بشأن إمكانية أو عدم إمكانية التعامل مع أحد البلدان تجارياً، وهذا يتجاوز بكثير العقوبات والعقوبات الأحادية الجانب بالمفهوم التقليدي ومن المفارقات ، في الوقت الذي تنتهك فيه واشنطن بشكل متزايد القانون الدولي وقواعد التجارة ، فإنها تتحدث باستمرار عن دعم "نظام دولي قائم على القانون".[2]


إن فرض العقوبات لتحقيق المصالح الأمريكية الضيقة والمحدودة يثير مخاوف مشروعة بين الدول التي قد يتم استهدافها لاحقًا، مما يشجعها على إيجاد بدائل للدولار.


في هذا الشأن تعتزم العديد من البلدان من خلال إبرام سلسلة من المعاهدات الثنائية تسهيل التجارة والاستثمار مع العملات غير الغربية. في عام 2019 وقعت الصين وروسيا اتفاقية ثنائية تهدف إلى تعزيز عملتيهما الوطنيتين لتسوية الوضع التجاري. وأنشأت الهند حسابًا خاصًا بالروبية يمكن للدول أن تقرضه بالروبية الهندية لتشجيع تسوية التجارة والاستثمار مع الهند. حاولت الهند وروسيا أيضًا تشجيع التجارة في عملاتهما من خلال استعادة آلية عملات الروبل والروبية التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة بعد فترة وجيزة من فرض العقوبات على روسيا في عام 2022. وبموجب هذه الإتفاقية فإن التسوية المالية المباشرة سيتم انجازها بين البنوك الروسية التي تمتلك الروبية في الهند والبنوك الهندية التي لديها روبل في روسيا.[3]


شجعت العقوبات الأمريكية العديد من الدول على البحث عن بدائل للدولار بشكل أسرع. من الممكن ألا تكون الخطوة التالية نحو عملة احتياطية واحدة بل نحو "كتل من العملات". لوحظت اتجاهات في مناطق مختلفة من العالم من شأنها أن تقلل تدريجياً من هيمنة وسيطرة الدولار في العالم. على سبيل المثال في جنوب شرق آسيا ، تقوم الاقتصادات الكبيرة بشكل متزايد بتسديد المدفوعات فيما بينها بشكل مباشر، ولا يلعب الدولار عمليًا أي دور في هذه المدفوعات. ماليزيا وسنغافورة من بين الدول التي لديها مثل هذا النوع من الدفع مع الصين. كما تستخدم الصين اليوان في كثير من الحالات في تبادلاتها مع الدول التي تعاني من مشاكل مالية. تقوم البنوك المركزية من آسيا إلى الشرق الأوسط بإنشاء خطوط ثنائية لمبادلة العملات ، والهدف الأهم هو تقليل الاعتماد على الدولار.[4]


لقد بدأ الحراك الذي لا رجوع فيه والذي وبغض النظر عما إذا كان بطيئًا أو سريعًا فله نتيجة واحدة، وهي نهاية هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي.


 محمدصالح قربانی

[1] https://www.fxstreet.com/analysis/is-this-the-end-of-us-dollar-dominance-202304032127

[2] https://www.scmp.com/comment/opinion/article/3215976/end-dollar-dominance-will-also-spell-demise-us-hegemony?module=perpetual_scroll_0&pgtype=article&campaign=3215976

[3] https://www.foreignaffairs.com/united-states/dollar-still-dominates

[4] https://donya-e-eqtesad.com/%D8%A8%D8%AE%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D8%B4%DA%AF%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%86-52/3895174-%D9%BE%D8%A7%DB%8C%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%87%DA%98%D9%85%D9%88%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%B1

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال