تراجع هيمنة التحالف في الهجوم على اليمن 775

تراجع هيمنة التحالف في الهجوم على اليمن

تزامناً مع توجه الرأي العام العالمي بأكمله نحو محكمة لاهاي الدولية للتحقيق في الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام الصهيوني بحق الفلسطينيين، نفذت الولايات المتحدة وإنجلترا هجمات ضد اليمن من أجل التعويض عن هيبته المفقودة وصرف انتباه العالم والرأي العام من قضية الإبادة الجماعية الصهيونية ومحكمة لاهاي باتجاه الهجمات ضد اليمن. وقد تسببت أمريكا وإنجلترا في أضرار طفيفة لليمن في هذه الحملات الجوية. لكن هذا الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة إلى جانب البريطانيين يشير إلى تراجع الهيمنة الأمريكية بأشكال مختلفة.

كان الأميركيون قد اقترحوا خطة تحالف لمهاجمة اليمن قبل أسابيع قليلة، وزعموا أن تحالفاً بحرياً ضد اليمن سينفذ بمشاركة 40 دولة، لكن في النهاية تم تشكيل هذا التحالف رسمياً بمشاركة 10 دول. والولايات المتحدة، إلى جانب حليفتها القديمة إنجلترا، وهاجمت اليمن. وبعد هذا الهجوم قامت الدول الأعضاء في التحالف وهي أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وإنجلترا والولايات المتحدة بتأييد هذا الإجراء الأمريكي والبريطاني في بيان صادر عنها.[1]

دول لا أهمية لها في منطقة غرب آسيا، ومن دول منطقة الخليج لم تدعم هذا الهجوم إلا البحرين، وهذه الدولة أيضاً ليس لها دور في المعادلات الإقليمية وهي دولة إقليمية ضعيفة. وتبين هذه القضية أن أمريكا، التي تدعي القوة العظمى والهيمنة، لم تتمكن من بناء توافق ضد اليمن وجلب الدول المؤثرة في منطقة غرب آسيا معه، وبالتالي لم تعد الولايات المتحدة قادرة على تحديد وإملاء دور للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية وهذا هو أحد علامات تراجع هيمنتها في المنطقة والعالم.

والأمر الآخر هو أنه بعد أن تحدث بايدن عن مشاركة دول أستراليا وهولندا وكندا والبحرين في هذه الهجمات، لم تتحدث سلطات أستراليا وهولندا إلا عن "مشاركة شخصية" في هذه الهجمات. ولم ترد كندا والبحرين بعد. وهذا الاختلاف في الروايات يدل على عدة نقاط؛

1. رغم بيان الدعم بعد الهجوم إلا أن دول التحالف لم تتفق على بدء الهجوم على اليمن ولم تشارك فيه.

2. الدول التي وردت أسماؤها في الهجوم على اليمن والمرافقة لأمريكا وإنجلترا قلقة من عواقب ردود أفعال اليمن، فأعلنت أن مشاركتها محدودة (هولندا وأستراليا) والتزمت البحرين وكندا الصمت أيضاً.

3. تحاول الولايات المتحدة وإنجلترا، سواء بالمعنى الحقيقي أو بادعاءات كاذبة، زيادة شركائهما في الهجوم على اليمن من أجل تقليل عواقبه على نفسيهما في الداخل وفي المنطقة.[2]

وبناء على ذلك، ينبغي القول إنه بالإضافة إلى أن الأميركيين فشلوا في تشكيل إجماع دولي وحتى إقليمي في الهجوم على اليمن، فإنهم لم يتمكنوا أيضاً من جلب المسؤولين السياسيين والنخب معهم، وكان هذا الهجوم قد تم تنفيذه دون علم الكونجرس. وتظهر هذه القضية تراجع القوة حتى داخل هذا البلد، لأنه من الصعب، بل من المستحيل أحياناً، بناء إجماع داخلي في أميركا.

وعلى حد ما رأينا، فإن وسائل الإعلام الأمريكية، من خلال نشر تقاريرها، وصفت العدوان العسكري لبلادها وبريطانيا على مناطق اليمن بـ "غير الرادع"، وأعربت عن قلقها من "احتدام الصراعات الإقليمية".[3]

والنقطة الأخرى حول تراجع وفقدان هيبة الأمريكيين هي أنهم قد ادعوا بعد الهجوم على أنه إنجاز عظيم وزعموا أنهم تصرفوا لحماية حقوق البحار وكشرطة بحرية. وذلك على الرغم من أن اليمنيين أعلنوا مرارا وتكرارا أنه سيتم استهداف السفن المتجهة إلى النظام الصهيوني فقط. والحقيقة أن هذا الإجراء الأمريكي لم يحقق شيئاً لأمريكا والكيان الصهيوني، بل جعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لهما في البحر الأحمر.

وأخيرا، لا بد من القول إن اليمنيين الذين شاركوا في الحرب منذ تسع سنوات وعانوا من القصف والمجاعات الكبيرة، لا يمكن هزيمتهم أو ردعهم بمهاجمة 12 جزءا من بلادهم. وكما قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، فإن جيش هذا البلد سيواصل مهاجمة سفن النظام الصهيوني والسفن التي تحمل البضائع إلى موانئ فلسطين المحتلة تماشياً مع المهمة الموكلة إليه لدعم الأمة الفلسطينية. هذه الكلمات تعني أن كل مغامرات أمريكا لتحقيق أهداف مثل خلق الردع أو استعادة هيبتها الدولية قد باءت بالفشل، وليس فقط لم يحقق بايدن شيئا بتوسيع دائرة الحرب في هذه المنطقة، بل زاد أيضاً من التحديات الأمنية للكيان الصهيوني في مواجه المقاومة في اليمن.

حکیمة زعیم باشي


1. https://www.farsnews.ir/news/14021022000127
2. https://www.mashreghnews.ir/news/1565282
3. https://www.farsnews.ir/news/14021022000083
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال