ترامب وقضية السلام بين إسرائيل و فلسطين 210

ترامب وقضية السلام بين إسرائيل و فلسطين

تواجه الولايات المتحدة الأمريكية تزامناً مع التغيرات الحالية في منطقة غرب آسيا انطلاقاً من معركة طوفان الأقصى، والحرب الإسرائيلية ضد غزة وتدخل جبهات الدعم عبر إرسال المساعدات العسكرية للمقاومة في غزة و دخول اليمن في خط المواجهة وإغلاق جزئي للبحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية والأمريكية، حالة من الاضطراب الجاد ويجب أن تكون اللاعب الأساسي في هذا الميدان لإيجاد حلول جذرية تخدم مصالحها.

وبحسب إحدى التقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية يعتقد ترامب أن غرب آسيا ليست مكانًا مناسبًا للاستثمار وقد يسعى لوضع استراتيجيات تهدف إلى الحد من حضور الولايات المتحدة في النزاعات الحالية في هذه المنطقة. لذلك فإن التزام ترامب ودعمه لإسرائيل لن يكون سوى نتيجة لمبادئ السياسة الخارجية الأمريكية ولأهمية أمن إسرائيل التي تُعتبر خطًا أحمر بالنسبة لأمريكا.

فيما يتعلق بطبيعة الفريق السياسي لترامب فقد اختار شخصيات يهودية مثل ديفيد فريدمان وجاريد كوشنر وجيسون غرينبلات وفي إطار "صفقة القرن" التي بذل جهودًا كبيرة لتحقيقها وتبيّن أن هناك ثلاث أدلة لذلك وبعدها تستطيع أمريكا الإبتعاد عن غرب آسيا :

1. أمن إسرائيل ومواجهة محور المقاومة

2. استقرار أسعار النفط

3. مواجهة توسع الوجود الصيني نحو غرب آسيا

يعتبر ترامب العالم بمثابة سوق تجاري يمكن من خلاله التفاوض مع أي طرف، وهذه هي الأسس لحل النزاعات في غرب آسيا وبالتحديد فلسطين.

مؤخراً نشرت صحيفة "بوليتيكو" مقالًا بعنوان "اعتماد نتنياهو على ترامب قد يسبب له الإحباط" وذكرت أن بعض الخبراء الإسرائيليين لاحظوا أن الخطاب الجديد لترامب يختلف عما تعهد به في برنامجه لعام 2016، وأن " فترة رئاسة ترامب الثانية قد تكون أكثر اعتماداً على إطفاء النيران في غرب آسيا مما يتصور نتنياهو."

أشار أحد خبراء الأمن القومي المطلعين على تفكير حملة ترامب الانتخابية إلى أن "القضايا المرتبطة بإسرائيل لا تزال في صناديق مغلقة وتعقيدها يفوق بقية مسائل سياساته" وأضاف: "أود أن أشير إلى أن ترامب ينتقد نتنياهو ومن الواضح أن ترامب شخصياً لا يستحسن نتنياهو لكنه يميل إلى توقيع اتفاق. وحتى لو تصرف بطريقة أكثر برودة تجاه نتنياهو لن أستغرب وقد يظهر استعداداً أقل لتنفيذ أمور مثل ضم الضفة الغربية أو غزة."

منذ السابع من أكتوبر لم يكن هناك وضوح بشأن ما يريده ترامب في حال فوزه في الانتخابات لكن ماضيه وفترة رئاسته تظهر أنه دعّم بشكل ملحوظ النظام الصهيوني، وتركزت جهود إدارته على تنفيذ اتفاقيات تطبيع العلاقات بين هذا النظام والدول العربية. لقد سعى لإدخال كل دولة ممكنة في اتفاقيات أبراهام. ودائمًا ما اعتبر هذه الاتفاقيات من أهم إنجازاته ويعتقد ترامب أن مساعدة إسرائيل تكمن في دمجها في محيطها، وأن القيام بذلك سيسمح لأمريكا بالابتعاد عن المنطقة.

إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى فمن المرجح أن يتبع نفس المسار السابق باستخدام تجاربه السابقة وقد تعزز الحرب ضد غزة من حماسه؛ شرط أن يتخذ قراراً بوقف الحرب، حيث ستعزز هذه القضية عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول الإقليمية وستفتح المجال لتطوير علاقات إسرائيل مع الدول العربية، مما سيمكن من تبني سياسة جديدة تجاه الجمهورية الإسلامية والعودة مجدداً إلى سياسة العزل الأقصى ضد إيران.

إذا تمكن ترامب من إحياء "صفقة القرن" واتفاقيات أبراهام وتعاونت الدول العربية وخاصة السعودية، في تحقيق اتفاقيات تطبيع العلاقات مع نظام الاحتلال الإسرائيلي، وقدمت مقترحات اقتصادية كبيرة لجموع محور المقاومة مقابل تعليق النزاعات لفترة زمنية غير محددة فقد يؤدي ذلك إلى نوع من التوافق الجديد في غرب آسيا وهو توافق يتمثل في احتواء جميع الأطراف المعنية.

وبهذه الصورة ستكون أهداف الحكومة الجديدة لترامب منقسمة لنوعين؛ الأولى تتمثل في تحقيق حل مستدام للنزاعات في فلسطين والثانية تتعلق بإحياء عملية تطبيع العلاقات واتفاقيات أبراهام. ينبغي أن يتم خداع الفلسطينيين من خلال الترويج لفكرة "نموذج دبي" وتحويل الضفة الغربية وغزة إلى مراكز مالية وتجارية إقليمية.

لتحقيق الهدف الأول وفي إطار الرؤية التي تنوي حكومة ترامب تنفيذها لعام 2024، المتمثلة في "السلام من أجل الازدهار والتقدم" يجب أن ينشأ كيان فلسطيني غير مسلح في الضفة الغربية وغزة مع صلاحيات حكومية محدودة. ستكون إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي يؤمن أمن الدولتين ثم ستُضم مستوطنات الضفة الغربية ونهر الأردن إلى إسرائيل مع استثمارات ضخمة تبلغ عشرات المليارات من الدولارات في المجال الاقتصادي الفلسطيني.

حکیمة زعیم باشي
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال