كان التجسس دائماً جزءاً لا يمكن إنكاره من المنافسة بين الحكومات على الساحة الدولية، والذي ينبع من حقيقة أن المعلومات في عالم اليوم هي أحد مصادر القوة الرئيسية. حيث يعتبر الكيان الصهيوني أحد متزعمي استخدام عمليات التجسس على المستوى الدولي، حتى ضد حكومات حلفائه ومواطنيه.
وفي ظل الأجواء التي تسود المحافل السياسية والإعلامية هذه الأيام في العالم بالأخبار والأحداث الناجمة عن كشف دور الكيان الصهيوني الجديد في التجسس بواسطة برنامج بيغاسوس، نرى بالمقابل نقاط ضعف الكيان في مجال تسلل الجواسيس والقراصنة أيضاً والذي يعتبر جزءاً من واقع الحرب المعلوماتية والأمنية الصهيونية خاصة في مجال المواجهة مع الخصوم مثل محور المقاومة.
الصهيونية تخشى من تسلل الجواسيس
المواجهة الإقليمية بين محور المقاومة والكيان الصهيوني مستمرة خلال العقود الأخيرة وليست أمراً جديداً، ولكن مع تصاعد المواجهة وراء الكواليس بين طهران وتل أبيب في الأشهر الأخيرة، تحولت حرب المعلومات إلى واحدة من أهم ساحات هذه المواجهة.
وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، مساء الأحد، بأن الأجهزة الأمنية التابعة للكيان اعتقلت مواطناً صهيونياً بتهمة زيارة إيران سراً. وزعمت القناة 11 التليفزيونية الصهيونية أنه تم اعتقال موظف بوزارة الخارجية الإسرائيلية بتهمة السفر إلى إيران سراً والتجسس.
ليست هذه هي الحالة الوحيدة للكشف اعلامياً عن اختراق الكيان الصهيوني استخباراتياً في الأشهر الأخيرة، ففي 12 يوليو، ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن رجل أعمال بدوي يُدعى “أبو القيعان” اعتقل في 10 يونيو، خلال عملية استخبارات إسرائيلية مشتركة بين الشاباك والشرطة الإسرائيلية بتهمة نقل المعلومات إلى إيران.
وفي عام 2018، تم الكشف عن قضية تسلل الجواسيس إلى حكومة الكيان الصهيوني في واحدة من أكثر الأحداث أهمية. وحسب وسائل إعلام صهيونية، فقد اعتقل جهاز الأمن الداخلي التابع للكيان الصهيوني، الشاباك، جونين سيغف وزير الطاقة السابق، في مايو 2018 بتهمة التجسس لمصلحة إيران ونقل المعلومات إلى دولة معادية.
وحسب لائحة الاتهام الموجهة للمتهم، فقد زود جونين سيغف إيران خلال إقامته في نيجيريا بمعلومات عن مواقع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وأسماء مسؤولي هذه المؤسسات منذ عام 2012. والنقطة اللافتة أن حوالي 50 فقرة من لائحة الاتهام قد خضعت للرقابة بسبب “اعتبارات أمنية” ولم تتم إتاحتها لوسائل الإعلام.
المراكز الصهيونية الحساسة في مرمى هجمات القراصنة
لكن إضافة إلى تسلل الجواسيس، كانت نقاط الضعف في مجال الحرب السيبرانية أيضاً أحد خصائص المواجهة بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة خلال الأشهر الأخيرة. حيث نشرت صحيفة كالكاليست العبرية خلال الأيام الأخيرة تقريراً عن هجوم سيبراني واسع النطاق على المستشفيات ومواقع البلديات وشركات الوقود في إسرائيل.
وقدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية، بناءً على تقييم خبراء الفضاء السيبراني، القراصنة الإيرانيين على أنهم المتسببين بالهجوم. وكان من أعنف وأخطر الضربات هجوم القراصنة على شركة Malam Tim، إحدى أكبر شركات تكنولوجيا المعلومات في إسرائيل. والتي كانت تستضيف مجموعة متنوعة من الزبائن في الفضاء الإلكتروني.
وفي وقت سابق من ديسمبر 2020، تعرضت خوادم شركة التأمين الشهيرة “شيربيت” للهجوم وسرقت معلومات زبائنها التي تضمنت مجموعة كبيرة من المعلومات. وأدى الحادث بشكل كبير إلى احتمال تسرب معلومات، بما تشمل أسماء الموظفين والوحدات الأمنية، وتهديد أمن الكيان الصهيوني، وحتى موظفي الأجهزة السرية للغاية للكيان.
وذكرت صحيفة هآرتس نقلا عن أميت دن محقق في أمن المعلومات، أن البيانات التي استخرجها قراصنة بلاك شادو من قاعدة بيانات شركة “شربيت” للتأمين هي هدية فريدة لأجهزة المخابرات الأجنبية، التي تسعى للتجسس على أكثر أجهزة الحكومة حساسية.
لهذا السبب، وبينما تعرضت أجهزة المخابرات والأمن التابعة للكيان الصهيوني للصدمة بعد هذا الهجوم، حملت القراصنة الداخليين مسؤولية هذا الهجوم السيبراني الكبير الذي قاموا به بهدف الابتزاز وذلك من أجل تخفيف الضغط عليها.
وفي وقت سابق من يونيو 2020، اخترق قراصنة آلاف المواقع الإسرائيلية ونشروا فيديو على صفحاتها الأولى كتب عليه باللغتين الإنجليزية والعبرية، “العد التنازلي لتدمير إسرائيل بدأ منذ مدة”.
وكتب موقع سيتك ان هناك من بين المواقع التي تم اختراقها مواقع ويب لأعضاء يساريين في البرلمان، بالإضافة إلى مواقع مطاعم ومؤسسات غير حكومية وبلديات.
لكن ربما يشاهد مظهر آخر من مظاهر ضعف وتخلف أجهزة المخابرات والأمن التابعة للكيان الصهيوني في مواجهة محور المقاومة خلال حرب 11 يوما الأخيرة في غزة. اذ أنه أثناء هذه الحرب، التي كانت مهمة للغاية من حيث التأثيرات الداخلية والإقليمية، والتي أدت الى الاطاحة بنتنياهو من السلطة وفشل عملية التطبيع، كانت الحكومة الصهيونية، تظن أنها دمرت البنية التحتية العسكرية اللازمة للمقاومة في غزة خلال الساعات والأيام الأولى من الحرب، لكن مع استمرار شدة ونطاق الهجمات الصاروخية للمقاومة، فوجئ قادة الصهاينة بالقوة الاستخباراتية للمقاومة وهزيمة الصهيونية في هذا المجال.
لا شك أن هناك حرب شرسة بين أجهزة المخابرات والأمن التابعة للكيان الصهيوني وإيران، وفي هذا المجال يتم تسريب جزء صغير من الأحداث للإعلام ورغم الرقابة الشديدة من قبل الصهاينة.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال