تصاعد التوتر في العلاقات الإسرائيلية التركية حول قبرص واليونان وسورية 495

تصاعد التوتر في العلاقات الإسرائيلية التركية حول قبرص واليونان وسورية

يبدو أن ساحة المواجهة المباشرة الرئيسية بين تل أبيب وأنقرة في سورية قد تحولت من "حرب بالوكالة" إلى "مواجهة مباشرة محتملة". تسيطر تركيا على شمال سورية وتعتزم نشر أنظمة إس-400 وطائرات مسيرة في قواعد مثل قاعدة تي-4 وحماة، وفي نفس الوقت لم يتردد النظام الإسرائيلي في استهداف أهداف تركية مباشرة في سورية. خلال السنوات الأخيرة وصلت العلاقات بين النظام الإسرائيلي وتركيا إلى أدنى مستوياتها ظاهريًا على الأقل. هذه التوترات المتجذرة في الخلافات الجيوسياسية ودعم تركيا لحماس وانتقاد أنقرة اللاذع لعمليات إسرائيل في غزة، وقد امتدت الآن إلى ساحات جديدة مثل سورية وقبرص واليونان. جعل سقوط حكومة بشار الأسد في ديسمبر 2024 سورية الساحة الرئيسية للمواجهة بالوكالة بينما جعل التنافس على موارد الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والحدود البحرية من قبرص واليونان حليفتين رئيسيتين لإسرائيل.[1]


السياق التاريخي للتوترات

بلغت العلاقات الإسرائيلية التركية ذروتها في تسعينيات القرن الماضي؛ إذ كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بالكيان الصهيوني ونشأ تعاون عسكري استخباراتي كبير بينهما. إلا أن العلاقات تدهورت منذ عام ٢٠١٠ مع حادثة مافي مرمرة (سفينة مساعدات إلى غزة) ودعم أردوغان للفلسطينيين.[2]

وعمقت حرب غزة في ٢٠٢٣-٢٠٢٤ هذا الخلاف؛ إذ علّقت تركيا التجارة مع إسرائيل ووصف أردوغان نتنياهو بأنه "أكبر تهديد في الشرق الأوسط".[3]


وشكّل سقوط حكومة بشار الأسد في سورية نقطة تحول، فتركيا التي دعمت المتمردين السوريين المسلحين وخاصةً الإرهابيين التكفيريين تتمتع الآن بنفوذ واسع في شمال سورية وقد وقّعت معاهدة دفاع مع الحكومة الجديدة في دمشق (بقيادة الجولاني).


إلا أن النظام الصهيوني غير راضٍ عن هذا الوضع. تريد تل أبيب أن تكون سورية "دولة اتحادية ذات استقلالية متنوعة" لمنع التهديدات من خلال إضعاف أو بالأحرى تحييد الحكومة المركزية. منذ سقوط حكومة الأسد نفذ النظام مئات الغارات الجوية على القواعد والمنشآت السورية بهدف تدمير البنية التحتية للكهرباء.


المحور السوري

يبدو أن المشهد الرئيسي للمواجهة المباشرة بين تل أبيب وأنقرة في سورية قد تحول الآن من "حرب بالوكالة" إلى "مواجهة مباشرة محتملة". تسيطر تركيا على شمال سورية وتعتزم نشر أنظمة إس-400 وطائرات بدون طيار في قواعد مثل تي-4 وحماة.[4]


قصفت إسرائيل هذه الأهداف وحذرت من أن "أي قوة أجنبية تهدد ستُستهدف".[5] تتهم أنقرة إسرائيل بـ"احتلال" مرتفعات الجولان وجنوب سورية، قائلةً إن الهجمات الإسرائيلية دمرت البنية التحتية السورية بهدف إضعاف الحكومة الجديدة (التي تعتمد بطبيعتها على تركيا). هذا "الحذر" بل وحتى "السلبية" العملية من جانب أنقرة في مواجهة عدوان النظام في سورية جذب انتباه المحللين الذين أوضح الكثير منهم أن أردوغان على الرغم من خطابه القاسي أحيانًا لا يملك رغبة حقيقية في مواجهة النظام الصهيوني. ويشير هؤلاء المحللون إلى العلاقات الأمنية العميقة الممتدة لعقود بين تركيا وإسرائيل كسبب لخطاب أردوغان غير المدعوم إلى حد كبير.[6]


مع ذلك أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في 19 نيسان أن المحادثات التقنية لمنع الصراع قد بدأت لكن إسرائيل "تخلق حالة من عدم الاستقرار".[7]


وجهة نظر إسرائيل

تتهم تل أبيب تركيا "بدعم الإرهابيين" (مثل حماس والجماعات السورية)، وتقول إن القواعد التركية تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل. ويرى نتنياهو أن سورية "الحديقة الخلفية السابقة لإيران" ويرى الآن أن تركيا بديلة لها.[8]


يُحذّر محللون مثل جيم غوردينيز (الأميرال التركي المتقاعد) من أن أول صراع بين تركيا والنظام سيكون في سماء سورية وبرها.[9]

مع ذلك تجري محادثات سرية منذ نيسان 2025 حول "آلية خفض التصعيد" ويؤكد الطرفان أنهما لا يريدان الحرب.


محور شرق المتوسط؛ الغاز والحدود والتحالفات

اشتدت المنافسة على الغاز في شرق المتوسط ​​(حوالي 122 تريليون قدم مكعب) منذ عام 2010. أدت اكتشافات حقول ليفياثان (إسرائيل) وأفروديت (قبرص) وظهر (مصر) إلى تشكيل منتدى غاز شرق المتوسط ​​(EMGF) عام 2019، والذي يضم إسرائيل وقبرص واليونان ومصر وإيطاليا واستُبعدت تركيا من هذا التحالف.[10]


مشروع شرق المتوسط وهوخط أنابيب بطول 1900 كيلومتر من إسرائيل إلى أوروبا عبر قبرص واليونان متجاوزًا تركيا. وقد أثارت تكلفته البالغة 6 مليارات دولار غضب تركيا التي تقول إنه ينتهك منطقتها الاقتصادية الخالصة المزعومة.[11]


دور قبرص

تُطلق إسرائيل على قبرص اسم "حيفا الجديدة"؛ حيث اشترى آلاف الإسرائيليين عقارات ونُشرت منظومتا باراك إم إكس والقبة الحديدية في جنوب قبرص.[12] احتلّت تركيا شمال قبرص ونشرت طائرات مسيرة مسلحة وصواريخ أتماكا بمدى يصل إلى حقول الغاز الإسرائيلية.


دور اليونان

يبدو أن إجراء مناورات يونانية مشتركة مع الكيان الصهيوني وقبرص (مثل مناورات عام 2021) وشراء أنظمة إسرائيلية مثل "سبايدر" يمنح تركيا شعورًا بالحصار. إضافةً إلى ذلك أطلقت أثينا برنامج "درع أخيل" بدمج القبة الحديدية.[13]


في المقابل وقّعت تركيا اتفاقية بحرية مع ليبيا لإغلاق خط أنابيب شرق المتوسط لكن اليونان وقبرص تعتبرانها غير قانونية. في غضون ذلك تُجري إسرائيل واليونان وقبرص أيضًا مناورات بحرية مشتركة لاحتواء تركيا.


في خضم هذا الصراع العسكري كشفت تركيا عن صاروخ "تايفون بلوك 4" (الذي يصل مداه إلى إسرائيل) وقنبلة "غضب" الفتاكة، بالإضافة إلى ذلك تحركت تركيا مؤخرًا بسرعة نحو تطوير صناعتها النووية.[14]


الخلاصة

إن التوتر الإسرائيلي التركي المتمركز (حسب الأهمية) حول سورية واليونان وقبرص هو مزيج من التنافس على الطاقة وأمن الحدود والأيديولوجيا. وقد أتاح سقوط حكومة بشار الأسد لتركيا فرصة غير مسبوقة لبسط نفوذها لكن النظام الصهيوني ردّ بمحاولة تشكيل تحالفه القبرصي اليوناني الخاص وشن ضربات استباقية. في الحقيقة يتطلب حل هذه الأزمة دبلوماسية متعددة الأطراف كحل القضية القبرصية وخط أنابيب غاز مشترك وآلية لخفض التصعيد في سورية. وبدون ذلك قد يصبح شرق البحر الأبيض المتوسط ​​نقطة اشتعال جديدة، أشبه بـ"بحر الصين الجنوبي الجديد" - مليئًا بالسفن الحربية والمطالبات المتنافسة التي من شأنها تصعيد التوترات. تؤكد وسائل الإعلام العربية مثل الجزيرة على "احتلال النظام" بينما تركز وسائل الإعلام الغربية (مثل رويترز وبي بي سي) على "الطموحات التركية". يعتمد المستقبل (من حيث المواجهة أو خفض التصعيد) على إرادة نتنياهو وأردوغان لكن المصالح الاقتصادية (الغاز) يمكن أن تكون جسرًا للمصالحة.



[1]https://www.aljazeera.com/news/2025/4/10/turkiye-and-israel-hold-talks-to-avoid-clashes-in-syria

[2]https://carnegieendowment.org/emissary/2025/07/turkey-israel-syria-escalating-rivalry?lang=en

[3]https://www.mashreghnews.ir/news/1749512/

[4]https://www.yjc.ir/fa/news/8936818

[5]https://parsi.euronews.com/2024/12/10/israel-destroys-syrian-navy-netanyahu-to-new-leaders-do-not-allow-iran-to-be-present-in-sy

[6]https://www.mashreghnews.ir/news/1755629/

[7]https://www.isna.ir/news/1404012110542

[8]https://kurdpress.com/news/2785017

[9]https://www.yjc.ir/fa/news/9004335

[10]https://www.eghtesadnews.com/fa/tiny/news-694745

[11]https://parsi.euronews.com/2020/01/02/greece-cyprus-and-israel-signed-agreement-eastmed-the-undersea-pipeline-gas-mediterranean

[12]https://www.magiran.com/article/4643486

[13][13] https://www.mehrnews.com/news/6609547

[14]https://www.trtfarsi.com/article/6219701ca83c

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال