لم يكد حبر البيان الذي صدر عن «مؤتمر العقبة» وما جاء فيه أول من أمس حول «خفض التصعيد» يجف حتى سارع رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو ومعه أهم ثلاثة وزراء يتولون المهام الوزارية المتعلقة بالتحديد بخفض التصعيد وهي: الاستيطان، والأمن الداخلي، والمالية، إلى إعلان كل منهم استمرار تنفيذ مهامه دون تغيير في هذه المواضيع، علماً أن كل حزب ينتمي له أي منهم قادر على حرمان حكومة نتنياهو من أغلبية 64 مقعداً وإسقاطها، إذا قرر نتنياهو إلزامه بما ذكره بيان مؤتمر العقبة، بل إن وزير المالية باتسليئيل سموتريتش يتولى إضافة إلى المالية منصب وزير مشارك بوزارة الدفاع إلى جانب الوزير المخصص لهذه الوزارة وهو فرض اشترطه على نتنياهو لكي يمنحه تأييد مقاعد حزبه السبعة.
في مساء 26 من شباط الجاري وبعد صدور البيان عن مؤتمر العقبة، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على لسان مراسلها ايتامار آيخنير ما قاله سموتريتش، وهو رئيس حزب «الصهيونية الدينية» تعقيبا على المؤتمر حين خاطب الصحافة قائلا: «ليس لدي أي فكرة عما تحدثوا عنه أو عما لم يتحدثوا عنه في الأردن، أنا سمعت عن هذا المؤتمر الذي لا لزوم له من وسائل الإعلام مثلكم تماماً، لكنني أعرف شيئاً واحداً وهو لن يجري أي تجميد للبناء والتطوير للمستوطنات وحتى لو ليوم واحد وهذا خاضع لسلطتي وسيستمر الجيش في عملياته ضد المسلحين في كل مكان في الضفة الغربية ودون أي حدود، وتأكدوا من ذلك ببساطة من الحكومة المصغرة لشؤون الأمن»، وإضافة إلى هذه التصريحات ذكر ايتامار بن غافير، رئيس حزب «القوة اليهودية» ووزير الأمن الداخلي المسؤول عن كل عمليات الجيش والشرطة في الضفة الغربية والقدس في صفحته الخاصة على «تويتير» أن «ما جرى في الأردن إذا جرى شيء فقد بقي في الأردن».
وأعلنت وزيرة الاستيطان اوريت ستروك أنه «كان من المفضل ألا يعقد اجتماع العقبة لأن الاستعدادات المقبلة في شهر رمضان ستعد إسرائيل إجراءاتها فيها وحدها».
وأعلن نتنياهو في صحيفة «جروزليم بوست» مساء أول من أمس 26 شباط الجاري، بعد انتهاء اجتماع العقبة عن عدم تجميد البناء الاستيطاني قائلا: «لم أقدم أي وعد بتجميد بناء المستوطنات، ليس هناك أي تجميد ولن يكون هناك أي تجميد للبناء الاستيطاني في منطقة «سي» في الضفة الغربية وسوف يستمر الاستيطان بناء على الجدول الزمني لمجلس الاستيطان الأعلى».
رئيس مجلس الأمن القومي تسحيا هانغبي، وهو من قادة الليكود ورئيس الوفد الإسرائيلي إلى اجتماع العقبة، أعلن في صحيفة «جروزليم بوست» الإسرائيلية أيضاً ومساء اليوم ذاته عن «عدم وجود أي تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى ولا أي قيود على نشاطات الجيش الإسرائيلي هناك».
وجاء في تصريحات نقلها موقع صحيفة «يسرائيل هايوم» العبرية أول من أمس أن هانيغبي قال: «على عكس التقارير حول قمة العقبة، لا يوجد تغيير في السياسة الإسرائيلية، في الأشهر المقبلة ستتم شرعنة 9 بؤر استيطانية والموافقة على بناء 9500 وحدة جديدة في الضفة الغربية».
وبالمقابل جاءت عملية مقتل اثنين من المستوطنين في بلدة حوارة قرب نابلس أحدهما كان قد أنهى قبل وقت قريب مدة انتهاء خدمته في سلاح البحرية والثاني كان يستعد للخدمة في الجيش، لتقلب الغضب في جيش الاحتلال إلى حالة فزع، لأن الفلسطيني استهدفهما في وضح النهار في سيارتهما وقرب المستوطنة التي يقيمان فيها وتمكن من الاختفاء حتى الآن وهذا ما يقلق ويخيف جيش الاحتلال.
وإضافة إلى ذلك ساد الذعر عند المستوطنين حين شاهدوا الفلسطينيين في نابلس وحوارة يقومون بتوزيع الحلويات على المارة كترحيب وتقدير لهذه العملية التي وصفها الفلسطينيون بأول الردود على استشهاد 11 فلسطينياً في نابلس على يد جيش الاحتلال.
لقد ترافقت كل هذه التطورات مع إعلان المجلس الحكومي المصغر لشؤون الأمن بالتصديق على إصدار الحكم بالموت على الفلسطينيين الذين يتعرضون لجيش الاحتلال، علماً أن هذا القرار لا يحتاج لمحاكمة علنية لتنفيذه لأن جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين يتمتعون بصلاحية إطلاق النار على كل فلسطيني يقذف الحجارة على قوات الاحتلال دون محاكمة، وهذا ما شرعنه قرار وزير الأمن الداخلي بن غافير الذي طلب من المستوطنين حمل السلاح واستخدامه عند أي خطر يتوقعونه من أي فلسطيني، ووزعه عليهم لمساعدة جيش الاحتلال والشرطة بالمواجهة المتصاعدة مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وهذا ما يجري تنفيذه عملياً في كل يوم في الأراضي المحتلة وهو ما يدركه الفلسطينيون.
لم يكن الإعلان عن قرار التصديق الحكومي على هذا القرار القضائي سوى محاولة فاشلة لزيادة قدرة الردع التي انهارت في المواجهة الميدانية بين المقاومين الشباب وقوات الاحتلال.
المصدر: الوطن
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال