تصفية قضية لبنان ! 283

تصفية قضية لبنان !

خلال الأشهر الأخيرة سعت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إلى زيادة الضغط على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله من خلال اللبنانيين أنفسهم(١) والذي حظي بقبول شعبي كبير خلال سنوات نضال حزب الله في لبنان. والدليل على هذا الكلام هو نتائج الانتخابات الأخيرة في لبنان حيث شارك ممثلو حزب الله في جميع هذه الانتخابات وحصلوا على أصوات الشعب. والآن ورغم هذا الدعم الشعبي ما هو سبب ضغوط الدول الغربية والكيان الصهيوني لنزع سلاح حزب الله؟ سنتابع في هذا البحث لنجيب على هذا السؤال.


المواقف التاريخية المناهضة للإمبريالية:

الشعب اللبناني لديه حس مقاومة متجذر في تاريخ هذا البلد، ولذلك تشعر الولايات المتحدة بالاشمئزاز من هذه المقاومة في دول المنطقة بسبب تدخلاتها الاستعمارية في دول غرب آسيا. في الذاكرة التاريخية للحكومات الأمريكية باتت الصراعات واحتجاز الرهائن والانفجارات في لبنان معروفة جيدًا، ولطالما وقف حزب الله في وجه الأجانب في هذا الشأن. قصة احتجاز فصائل المقاومة اللبنانية رهائن من الأجانب المحتلين للبنان بين عامي 1982 و1992، وتفجير مقر الجيش الغربي في لبنان عام 1983 (٢)، من بين الحالات التي حُفرت في أذهان الحكومات الغربية، وهي جزء من تاريخ المقاومة الشعبية اللبنانية والتي لا ينبغي أن تتكرر أبدًا من وجهة نظر الدول الغربية والنظام الصهيوني.


انتصار حزب الله التاريخي في حرب عام 2000 ضد الكيان الصهيوني:

شكّلت قضية انتصار المقاومة اللبنانية في حرب عام 2000 مع الكيان الصهيوني، العميل الأمريكي في غرب آسيا حدثًا رئيسيًا أثار دهشة العديد من خبراء الأمن الغربيين. وقد اصطدم الكيان الإسرائيلي مع حزب الله، الذي بدأ بالعدوان العسكري بداية على الأراضي اللبنانية، و في نهاية المطاف واجه مقاومة حزب الله التاريخية في لبنان واضطر جيش النظام حينذاك بشكل مخجل إلى توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع المقاومة اللبنانية والانسحاب من مواقعه. توصلت الولايات المتحدة بدعمها الكامل للنظام الصهيوني عام ٢٠٠٠ إلى استنتاج مفاده أنه طالما ظل حزب الله في لبنان القوة الرئيسية في هذا البلد، فلن يتمكن النظام الصهيوني من تنفيذ مخططاته الاستعمارية في منطقة غرب آسيا. لذلك وفي إطار خطة شاملة متوسطة المدى وُضعت في مراكز أبحاث عسكرية أمريكية كان لا بد من إضعاف قوة حزب الله.


إضعاف لبنان هيكليًا:

بعد بداية الألفية الثانية وانتصار حزب الله في الحرب ضد الكيان الصهيوني، سعت الدول الغربية وبعض الدول العربية من خلال التأثير على التيارات السياسية في لبنان، إلى زعزعة استقراره. ومن خلال دراسة أحداث تلك السنوات القليلة لإضعاف الحكومة اللبنانية وإضعاف الاقتصاد اللبناني، نستنتج أن الهدف الرئيسي لهذه الدول كان إضعاف لبنان هيكليًا، ليُتهم حزب الله بالمسؤولية عن ذلك. ويُحدد هذا اللغز نقص الطاقة في لبنان والحصار الاقتصادي المفروض على البنوك اللبنانية. وكان الضغط لتغيير النظام في سورية جزءًا من خطة إضعاف حزب الله في لبنان، والتي تمكنت الدول الغربية والعربية من تحقيقها بعد سنوات. وكان دور سورية في دعم حزب الله في لبنان استراتيجيًا للغاية، والذريعة وراء كل هذه الخطط الخبيثة هي تدمير حزب الله في لبنان، باعتباره المقاومة الشعبية في هذا البلد، مما سيؤدي في النهاية إلى إضعاف لبنان ومقاومته.


باختصار، ينبغي القول بعد انتصاره في حرب عام 2000، سلك حزب الله في لبنان مسارًا لم يكن مرغوبًا فيه بأي حال من الأحوال للولايات المتحدة والنظام الصهيوني. لن تتسامح هذه الدول أبدًا مع لبنان قوي بقيادة حزب الله. يتم تنفيذ هذه الخطة لتصفية القضية اللبنانية بجدية من قبل الدول الغربية في خطة متوسطة المدى ومتعددة المستويات بعد عام 2000، والتي يجب بموجبها تحييد تهديد حزب الله في لبنان إلى الأبد. وبهذه الطريقة، برزت بعض الدول العربية أيضًا إلى الواجهة. يُعد لبنان بتركيبته السياسية الفوضوية وضعف أمنه، هدفًا سهلًا ومتاحًا للنظام الصهيوني لتوسيع حدوده نحو هذا البلد. إن دعم الدول الغربية لهذه الخطة الشريرة لإضعاف لبنان هو أيضًا دعم لمجموعتهم الوكيلة في الأراضي المحتلة.



أميرعلي يگانة


1./https://www.aei.org/op-eds/to-disarm-hezbollah-look-to-the-past

2./ https://www.marines.mil/News/Marines-TV/videoid/634642/dvpTag/Beirut


لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال