تفاقم الخلافات في مجلس الحرب الإسرائيلي 1067

تفاقم الخلافات في مجلس الحرب الإسرائيلي

نشرت هيئة البث الإسرائيلية في الأيام الماضية أن خلافات حادة بدأت بين الشرطة والجيش في إسرائيل من جهة، وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومجلس الحرب من جهة أخرى، وقدكشفت الهيئة في تقرير لها أن "المستوى السياسي لم يوافق بعد على خطط الجيش بخصوص عمليته العسكرية في رفح، وأنه بعد الموافقة سيحتاج الأمر من أسبوعين إلى 3 أسابيع". وأضافت أن "عضوي المجلس الوزاري، بيني غانتس وغادي أيزنكوت، يضغطان لبدء العملية العسكرية في رفح فورا، ويطالبان باستدعاء جنود الاحتياط لذلك". [1]

ويضم المجلس الوزاري الحربي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، و وزير الجيش الاسرائيلي يوآف غالانت، ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، والوزيرين بيني غانتس وغادي إيزنكوت وهما وزيران بلا حقيبة. وقد تشكل هذا المجلس في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ليدير الحرب على القطاع وأما مؤخراً، كما إشيع في الأوساط الإعلامية الإسرائيلية من خلافات داخل المجلس تدل على الإنقسام الواضح فيما بينهم وأظهرت تذمر البعض في المجلس بسبب تفرّد نتنياهو بالقرارات خلال إدارة الحرب وخاصة فيما يتعلق بالمحتجزين، وبدأت تظهر تهديدات للعلن بحل حكومة الطوارئ إذا استمرت الخلافات او تطورت أكثر من ذلك".

وبات من الواضح إن الخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي وصلت إلى أشدها وبحسب ما تسرب من معلومات أن السبب ليس لعدم إرسال الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة أخيرًا، بل بسبب سياسة نتنياهو وتعامله مع قضية الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين بحيث يحاول الإستفراد في هذا الملف لوحده بالإضافة إلى أن نتنياهو لم يستشر غانتس وآيزنكوت بل إنه لم يشاور وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت الذي اعترض وفق هيئة البث الإسرائيلية أول أمس على عدم إطلاع كابينت الحرب على تقرير الجولة الأولى للوفد الإسرائيلي الذي أرسل إلى القاهرة للتباحث حول الأسرى كون من صدق على إرسال الوفد هم أعضاء كابينت الحرب وليس نتنياهو فقط.

نتنياهو يحاول التفرد بالقرار
أن نتنياهو يحاول التفرد بهذا الملف كما يريد وحتى عندما حدثت الهدنة الأولى قالت تقارير إسرائيلية إن بيني غانتس ضرب على الطاولة وهدّد بالضغط على نتنياهو والانسحاب من الحكومة إذا لم يتصل بالوسيط القطري ويبلغه بموافقة إسرائيل على الصفقة الأولى والهدنة الإنسانية في غزة التي استمرت لمدة أسبوع ولكن نتنياهو في هذه الفترة يحاول الاستفراد في هذا الملف وكذلك يحاول عدم إطلاع بيني غانتس وآيزنكوت على تفاصيلها. [2]

إن مايدور في ذهن نتنياهو ليس إلا تكهنات لايلبث أن يرى نتائجها الكارثية على فريقه الحكومي وعليه بشكل خاص، كما إن تفرده بقرارته قد انعكست على كافة مؤسسات الكيان الصهيوني وأهمها المؤسسة العسكرية والتي باتت بعد عمليات حماس والإحباطات والخسائر التي منيت بها من قبل عناصر حماس ومقاتلي المقاومة تعاني من أمراض نفسية أدت إلى استقالات متكررة وفرار من الجيش عدى عن عمليات الانتحار.[3]

هذه الخلافات والتوترات ظلت مفاعيلها منسحبة على أكثر من منحى وجانب، ففي حين ذكرت قناة "كان" الإسرائيلية أن آلافاً من عناصر شرطة الاحتلال يرغبون بالاستقالة أو التقاعد المبكر نظرا لتدهور حالتهم النفسية وأن منهم من حاول الانتحار أعلن جيش الاحتلال تقليص قوات الاحتياط بغزة، كاشفا عبر إذاعته سحب لواء المظليين ستمئة وستة وأربعين من خان يونس جنوبي القطاع. وهذا الانسحاب من القطاع يأتي ضمن انسحابات متتالية للألوية والكتائب والفرق العسكرية الاسرائيلية ..انسحابات وصفها خبراء عسكريون بأنها دليل فشل في تحقيق الأهداف المعلنة من قبل مجلس الحرب ومؤشر على أن العمليات القتالية في الميدان ليست لصالحه، هذا فضلا عن أنها تشير إلى إخفاق كبير لدى جيش لاحتلال الإسرائيلي وتدل على صعوبة العمليات والتعقيدات الكبيرة التي يعاني منها. [4]

القتال دون استراتيجية
بات من المجمع عليه عالمياً، وحتى إسرائيلياً، أن كل مجزرة وحشية جديدة تعكس أزمة في إدارة الحرب وكل أزمات الكيان العبري واليوم، سببها الأول التصدع في مجلس الحرب، وهو في الأساس مرتبط بالشرخ السياسي وربما الأيديولوجي السابق من قبل السابع من أكتوبر وبالتالي، فإن الفشل الاستراتيجي للكيان يتعمق مع كل متر إضافي تغوص فيه دباباته في شوارع غزة، حتى عندما تحتمل المواجهات تدمير المقاومة للعشرات منها كل يوم، سواء نجحت إسرائيل في إخفاء خسائرها البشرية، أم اضطرت إلى البوح بالقليل منها، فها هي الآن تعترف بمقتل 7 من ضباطها وجنودها خلال عمليات الإقتحام الفاشلة وهي إحصائيات تبقى سرية ولا يعلن إلا عن القليل القليل منها.

خلاصة القول
إن هذا الصراع الحاد بين الصهيونية الدينية المتطرفة والصهيونية العلمانية سوف يستمر في مختلف الجوانب داخل إسرائيل، وهو في الأصل ليس فقط من بوابة الإصلاح القضائي بل من بوابات عديدة مثل؛ الخدمة في الجيش، والمناهج التعليمية، والموازنات، وأية امتيازات أخرى حصلت عليها الأحزاب الدينية أو قد يحصلوا عليها عبر سياسة الابتزاز التي يمارسونها عند أية تشكيلات حكومية قائمة أو قادمة. وبالنسبة للتداعيات الداخلية على الكيان الصهيوني من المتوقع أن تحدث الكثير من الأزمات والتي قد تبدأ بالاتهامات، ثم لجان التحقيق أو التقصي، وبعدها المحاكمات والأحكام وما سيرافق ذلك أو يتبعه من إقالات أو استقالات لقادة ومسؤولين وجنرالات. إن أي إنجاز قد يحققه العدو حتى نهاية هذه الحرب لن يستطيع أن يشغل الصهاينة عن مشكلاتهم وأزماتهم الداخلية والمستجدة القادمة وخاصة بعد أن بدأت مجريات القضية القانونية ضد إسرائيل بعد ارتكابها جرائم حرب وابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.

د.حسام السلامة


[1] https://2h.ae/gwxj
[2] https://2h.ae/gdwZ
[3] alkhanadeq.org.lb/post/5357/114-جنديا-الانتحار-ظاهرة-تفتك-بجيش-الاحتلال
[4] www.aljazeera.net/news/liveblog/2024/2/16/الحرب-على-غزة-مباشر-الاحتلال-يقتحم
لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال