تعتبر سلطنة عمان من بين الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي التي حافظت دائمًا على علاقات مستقرة و علاقات ودّية مع إيران. إن مجاورة البلدين و وجودهما على مضيق هرمز الاستراتيجي، بالإضافة إلى القواسم الثقافية والدينية والتاريخية المشتركة، كل ذلك قد منح العلاقات بين طهران ومسقط أهمية خاصة، ولهذا نشهد حالياً تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة بما في ذلك القضايا العسكرية.
بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين في 4 سبتمبر1971 بعد إصدار بيان مشترك. فقد سعى كلا البلدين في فترات ما قبل الثورة الإسلامية وبعدها إلى توسيع مستوى علاقاتهما، ولم تكن هناك قضية معينة يمكن أن تتسبب في أزمةٍ بينهما.
في عام 1972 أدى إرسال القوات العسكرية الإيرانية إلى عمان لدعم حكومة السلطان قابوس خلال حرب ظفار ومواجهة الانفصاليين المرتبطين بالدول الشيوعية إلى الحفاظ على وحدة عمان. وقد لعبت العمليات العسكرية للجيش الإيراني في حرب ظفار دورًا بارزًا في تغيير الوضع لصالح مملكة عمان وقمع المعارضين، مما دفع السلطان قابوس إلى اعتبار بقاء عرشه وحكومته مدينًا لإيران، وتركت تلك العمليات صورة إيجابية عن القوات الإيرانية في أذهان الحكومة والشعب العماني.[1]
في17 أكتوبر1975، أعلن الجيش الإيراني عن انتهاء عملياته العسكرية في عمان، والآن في أكتوبر2023 بعد مرور ما يقرب من50 عامًا عاد جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعوة من هذه السلطنة للمشاركة في اللجنة المشتركة للصداقة العسكرية وكذلك في الشاركة في مناورات مشتركة لقوات الاستجابة السريعة بين إيران وعمان.[2]
في يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي أُقيمت مناورات مشتركة للإنقاذ والإغاثة البحرية بين القوات البحرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وعمان، استنادًا إلى خطط عمليات بحرية تحت رعاية البحرية العمانية وبمشاركة السفن الحربية للبحرية الإيرانية وجيش الحرس الثوري ووحدات القوات البحرية من الجيش العماني في منطقة المياه الشمالية من المحيط الهندي ومضيق هرمز. ووفقًا لتقرير موقع الجيش الإيراني كانت هذه المناورات تهدف إلى تعزيز الجاهزية القتالية وتنفيذ الاتفاقات المتعلقة بالسيناريوهات الأمنية البحرية في اللجان المشتركة للصداقة العسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وعمان، بمشاركة الفرقاطة الإيرانية "جماران" والسفينة الحربية "زرّه" واثنين من السفن الحربية التابعة للبحرية للحرس الثوري، بالإضافة إلى الوحدات السطحية والجوية للقوات البحرية العمانية، حيث تم إجراء عمليات مشتركة تتضمن برامج الإنقاذ والإغاثة، وطلعات المروحيات، ورقابة وحراسة المنطقة، وإرسال الغواصين ورفع الأعلام. إن وجود الفرقاطة الإيرانية "جماران" والسفينة الحربية "زرّه" بجانب وحدات الحرس الثوري في هذه المناورات، يُظهر نموذجًا رائعًا للاكتفاء الذاتي الوطني في مجال معدات الدفاع البحري.[3]
النقطة المهمة التي يجب مراعاتها بشأن المناورات المشتركة الأولى بين الجيش الإيراني والجيش العماني هي أن فترة هذه المناورات أكثر أهمية من حيث المكان والنطاق الجغرافي لها، وذلك لإنها تجري في ظل حرب الكيان الإسرائيلي مع فلسطين المحتلة وخاصة في قطاع غزة، وكذلك التوترات والمواجهات بين النظام الصهيوني وقوات حزب الله في لبنان، تشير هذه المناورات المشتركة مع أحد الجيران الرئيسيين في منطقة الخليج الفارسي، إلى أن قدرة الجيش الإيراني على المناورة العسكرية والدفاعية كواحد من الذراعين الرئيسيين للدفاع الإيراني بجانب الحرس الثوري، يمكن أن تنفذ سيناريوهات الردع بشكل كبير. ومن ثم يمكن وصف أول مناورات عسكرية مشتركة بين إيران وعمان بأنها ضربةٌ قتالية موازنِةٌ لمواجهة التهديدات التي يشكلها الكيان الإسرائيلي.
خاتمة
بعد مرور ما يقرب من50 عامًا على انتهاء الوجود العسكري الرسمي للجيش الإيراني في عمان لمساعدة سلطنة عمان، عاد الجيش الإيراني مجددًا بدعوة رسمية من هذا البلد لإجراء مناورات مشتركة ضد حرب المدن. إن وجود الجيش الإيراني في عمان لا يعزز العلاقات العسكرية فحسب بل يحمل أيضًا رسائل مهمة في هذه الفترة التي تتصاعد فيها التوترات في منطقة غرب آسيا. ومن ثم يمكن اعتبار هذه المناورات المشتركة بين إيران وعمان ضربة قتالية لمواجهة التهديدات التي يشكلها النظام الصهيوني.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال