ستستضيف مدينة نيويورك خلال الأيام القادمة الاجتماع السنوي لدول منظمة الأمم المتحدة، ويُعتبر هذا الاجتماع الذي يُعقد سنويًا خلال الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر مهمًا للغاية، حيث تشارك الدول المختلفة في إبداء آرائها حول القضايا الدولية المهمة. ويستضيف الاجتماع السنوي للجمعية العامة الذي أعلن عن بدء دورته التاسعة والسبعين رئيس جمهورية إيران أيضًا. وفقًا للأخبار التي تم تداولها قبل الاجتماع السنوي للجمعية العامة سيُعقد في نيويورك اجتماع رباعي للدول: باكستان، الصين، روسيا وإيران حول موضوع أفغانستان.(1) يُعدّ هذا الاجتماع الرابع من نوعه بشأن قضايا أفغانستان حيث يناقش المشاكل التي تواجه هذا البلد والحلول المتاحة. وسنستعرض في هذا المقال أهمية عقد هذا الاجتماع في نيويورك.
تنسيق دول الجوار لأفغانستان: شكلت عودة طالبان إلى السلطة قلقًا كبيرًا لدول الجوار حول اننشار التطرف على الحدود المشتركة مع أفغانستان خاصة بعد هزيمة داعش،(2) و ظهور القلق من إمكانية ظهور فرع ثانٍ لحكومة طالبان المتطرفة على حدود الدول الشرقية، ومع ذلك تمكنت طالبان من تخفيف حدة انزعاج دول الجوار من خلال أسلوب جديد في الحكم. حاليا يوفر الاجتماع المذكور في نيويورك فرصة قيمة لدراسة وضع حكومة طالبان في السنوات الأخيرة من خلال استعراض التحديات والقلق المشترك الذي يمكن أن يُلخص القضايا القائمة بين طالبان ودول الجوار ويقترح مباحثات مشتركة مع حكومة طالبان لحل هذه الإشكاليات.
القلق من انتشار خلايا داعش في أفغانستان حيث شهدت أفغانستان في الأشهر الأخيرة حوادث إرهابية كبيرة ولا يزال خطر نمو داعش قائمًا هناك، و تخشى دول اتحاد الشرق من تنامي نفوذ داعش على حدودها المشتركة مع أفغانستان.(3) إن أحد المواضيع المهمة على جدول أعمال الاجتماع المذكور هو استعراض أداء طالبان في هذا السياق. ويُعَدّ الدعم والمساندة لحكومة طالبان لمواجهة المخاطر الناجمة عن أفكار داعش المتطرفة في أفغانستان من المواضيع ذات الاهتمام للطرفين. من خلال دعم دول الجوار لأفغانستان يمكن التصدي لانتشار خلايا داعش في البلاد.
تنسيق دول الاجتماع حول أفغانستان بشأن تحركات الغرب، لقد قررت الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الأسابيع الأخيرة توجيه حملات إعلامية وتنسيقًا فعلياً للضغط على حكومة أفغانستان بهدف انتزاع مكاسب من طالبان.(4) وتمكنت حكومة أفغانستان في الأشهر الماضية من خلال مواقفها المبدئية فيما يتعلق بفلسطين من الارتباط بمجموعة مؤيدي حرية فلسطين. كما نفذت الدول العربية والغربية هذا السيناريو للضغط على طالبان لتغيير مواقفها المبدئية. الآن يبدو أن الدول الشرقية تسعى لدعم الحكومة الأفغانية من خلال تنظيم اجتماع لجوار أفغانستان في نيويورك بهدف مواجهة موجات الحملات الغربية على أفغانستان ودعمًا لطالبان لتقريب هذا البلد من الاتحاد الشرقي.
بشكل عام يُمكن القول إن دول اتحاد الشرق بحاجة إلى التنسيق حول هذه المسائل بعد تصاعد التوترات الأخيرة في غرب آسيا. وتُعتبر الاجتماعات متعددة الأطراف التي تُعقد في نيويورك أفضل الأماكن لهذه المشاورات حيث تتمتع الدول الشرقية بإمكانية وصول واسعة إلى بقية دول العالم مما يُتيح لها نقل مواقفها إليهم وإجراء المشاورات اللازمة للتفاوض واتخاذ القرارات المشتركة. يمكن أن يكون اجتماع دول جوار أفغانستان أيضًا من الأماكن التي دون إثارة حساسية تجاه الدول الغربية، تُحدد جدول أعمال واضح لتنسيق الإجراءات المشتركة لهذه الدول بشأن القضايا المختلفة. يُعتبر اجتماع جيران أفغانستان مهمًا أيضًا لطالبان حيث تُعد دول الجوار الأكثر استثمارًا في أفغانستان ويمكنها بسهولة تلبية احتياجات هذا البلد وسد ثغراته وفي المقابل تكون طالبان على أهبة الاستعداد لتنفيذ مهامها المستقبلية وأي نزاعات محتملة تماشياً مع توجهات محور الشرق.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال