ثورة الإمام الحسين (ع) هي حركة دينية أسسها أحد كبار قادة الدين (الإمام الحسين) لتعریف مبادئ الإسلام وقواعده الصحيحة بالأمة الإسلامية وإحياء الفضائل الإنسانیة ضد الحاكم المنحرف. الثورة التي نتكلم عنها لم تكن ثورة قبلية أو مناطقية أو دينية؛ ولکن بسبب العوامل التاريخية اتخذت طابعا دينيًا، أما فهي أساسا ليست دينية -شيعية اللون، ولكنها حركة شاملة تهدف إلى إرساء السلام والعدالة، وقد أدرك معظم مفكري العالم أن هوية هذه الثورة عابرة للأديان.
وعبر التاريخ، تحدث علماء کثیرون من ديانات مختلفة عن ملحمة عاشوراء، على سبيل المثال، يرى أنطوان بارا، وهو عالم مسيحي، أن الإمام الحسين (ع) لا يخص الشيعة فقط بل للعالمین أجمعین، ويقدم الإمام للآخرین بعبارة “الحسين (ع) جوهر کل الأديان” ويقول: “حب الحسين سکن قلبي “. وقال “لو كان حسين منا (نحن المسیحیین)، لرفعنا له علمًا في كل بقعة من بقاع الأرض ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين”.
وقال توماس كارليل، المؤرخ والمؤلف الاسكتلندي: “طوال تاريخ الإسلام، كانت حياة الإمام الحسين منقطعة النظير”. ويكتب: “أسمی درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لديهم إيمان راسخ بالله وأثبتوا بعملهم هذا أن التفوق العددي لا أهمية له حين مواجهة الحق مع الباطل والذي أثار دهشتي هوانتصار الحسين (ع) رغم قلة الفئة التي كانت معه”.
وذکر إدوارد براون: “حتى غير المسلمين لا يستطيعون إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها” كما اعترف المؤرخ الأمريكي واشنطن ايرفينغ بهذه العظمة وقال: “تحت أشعة الشمس الحارقة للصحراء القاحلة وعلى رمال العراق الملتهبة، لن تفنی روح الحسين وستبقی خالدة؛ یا بطل، یا رمز الشجاعة، یا أميري يا حسين!”.
هذه الجمل هي مجرد نماذج قلیلة یعبر فیها مفكروالديانات الأخرى عن حبهم تجاه ملحمة عاشوراء. مثل هذه التعابیر الزاخرة بالعاطفة الجیاشة تدل على أن الإمام الحسين (ع) يسحر روح كل إنسان حر ورسالته مرتبطة بالطبيعة البشرية لكل من يسعى إلى الحرية والحفاظ على كرامة الإنسان في هذا العالم.
وكل بطل في العالم یکون مجرد بطل لأمته وشعبه؛ غیر أن البطل الذي كل القبائل لديها رأي مشترك فیه ویؤمنون ببطولته، إما غير موجود على الإطلاق وإما إذا كان موجودا فهو أحد الاستثناءات في التاريخ. بید أن الإمام الحسين (عليه السلام) بثورته واستشهاده لم يكتف بإثارة لوعة الحب التي لن تنطفئ أبدًا في قلوب الشيعة وأتباعه، بل أصبح أيضًا مصدر هدایة العديد من الأحرار من مختلف الأديان والمعتقدات من المسيحيين إلى الزرادشتيين ومن الكليم إلى الآشوريين، حیث ينحني الجميع لطريق وعقيدة حضرة سيد الشهداء (ع).
ومعقول أن أول دعوة يطلقها الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه حسب الروايات وقت ظهوره أنه يقول: «الا یا اهل العالم ان جدي الحسین قتلوه عطشانا، الا یا اهل العالم ان جدي الحسین طرحوه عریانا، الا یا اهل العالم ان جدي الحسین سحقوه عدوانا». وهذا يدل على أن كل الناس يعرفون الإمام الحسين (ع) مما يعني يقدم الإمام نفسه للآخرين باسم جده.
وتعد حركة الإمام الحسين هي أحد المكونات الهامة لعملية الوحدة العالمية في عالم خال من العنف. لأن عالم زماننا هو عالم القيم المشتركة للبشر والوحدة البشرية وأنه في عالم اليوم الذي يتجه نحو عولمة الحركات اللاعنفية ومثل هذه الحركات تحظى باحترام وموافقة جميع حكماء العالم، تعد ثورة الإمام الحسين تجربة عظيمة وقيمة يجب تحقيقها على نطاق عالمي.
وبقدر ما شهدنا، استطاعت ثورة الإمام الحسين أن تكون قدوة لحركة الأمم المختلفة عبر التاريخ بغية تحقيق الحرية والسلام والعدالة. اليوم، ومع الاقتداء بثورة الإمام الحسين (ع)، يمكن للعالم أن يتحد حول محاور القيم والكرامة المتأصلة في الإنسان.
ويمكن رؤية الأمثلة النموذجية للحركات والانتفاضات الناشئة عن أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) في الانتفاضة الشعبية للهند بقيادة غاندي، والثورة المناهضة لأمريكا في كوبا بقيادة فيدل كاسترو وتحرير هذه الأمة من الحكم الاستعماري، الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني ضد النظام المدعوم أمریکیا وهذا، علاوة عن تشكيل مجموعات مقاومة في منطقة غرب آسيا لمواجهة ابتزار الأنظمة العميلة والاستعمارية، وكذلك الانتفاضات ضد الظلم والحکومات الجائرة في أجزاء أخرى من العالم، بما في ذلك إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تتضمن رسالة ثورة الحسین (ع) المقاومة ومکافحة الظلم والعدالة وإرساء حقوق الإنسان، وتحقیق حكومة تسري فيها القوانين الإلهية والعادلة على الجميع، بما يتماشى مع الطبيعة البشرية. إذ إن الروح البشرية هي نسمة الله تسعى إلى الكمال وتجنح إلى كل الخيرات كالعدل والإنصاف و… ما لم يغض المرء طرفه عن الحق من أجل تلبیة أهوائه.
المصدر ؛
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال