أكد رئيس جمهورية فنلندا السيد ستوب في تصريحاته على ضرورة تغيير هيكل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مطالباً أيضاً بإلغاء حق الفيتو الروسي في هذا المجلس.[1] وتأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه فنلندا لأداء دور بارز في مواجهة تحديات الحرب الأوكرانية، ومن خلال انضمامها إلى حلف الناتو يبدو أن لديها ثقة أكبر في اتخاذ مواقف طموحة وهادفة.
تغير نهج فنلندا!
لقد غيّرت الحكومة الفنلندية نهجها بشكل كامل منذ بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وقد خرجت البلاد من حيادها وانضمت إلى حلف الناتو حيث كانت إجراءات فنلندا المضادة لروسية دائما تقابل بحزم واعتراض من قبل موسكو، ومع ذلك لم تمنع هذه الإجراءات فنلندا من السعي وراء أهدافها إذ تواصل السير في مسارها.
إن هذه الاستراتيجية الفنلندية إلى جانب مواقف الاتحاد الأوروبي الذي أعلن عن استعداده للقتال ضد روسيا تشير إلى أن أوروبا تستعد لخوض معركة حاسمة ومهمة. وعليه لم تعد فنلندا دولة محايدة بل باتت في مواجهة روسيا وتعمل على توضيح دورها بشكل صحيح. في حقيقة الامر تسعى فنلندا لزيادة التكاليف والتحديات السياسية واللوجستية على روسيا لمواجهتها، بالطبع فنلندا لا تسعى فقط إلى الضغط السياسي حيث تتجنب توجيه ضغط جيوسياسي مباشر على روسيا وقد تم إسناد هذه المهمة إلى شركائها الأوروبيين الآخرين.
وبالإضافة إلى ذلك تسعى فنلندا من خلال إغلاق حدودها مع روسيا لتقليل تدفق المهاجرين إلى أراضيها عبر روسيا.[2] إذ تدرك فنلندا الظروف الجديدة للنظام الدولي وتسعى لتعريف دورها كحليف للغرب وتقوم بالتحركات اللازمة في هذا الإطار. ومن الجدير بالذكر أن هذا البلد يدرك تماماً أنه يجب ألا تؤدي تغييرات سياسته الخارجية إلى الاعتماد الكامل على الآخرين. ورغم أن الولايات المتحدة تشعر بسعادة كبيرة لكون فنلندا حليفاً مهماً لأنها قد تعيد تكرار ما حصل في أوكرانيا أن يحدث في فنلندا، إلا أن فنلندا تسعى لتحقيق توازن بين كونها حليفاً للغرب وبين الحفاظ على استقلاليتها وعدم الانجرار بالكامل خلف أهداف الولايات المتحدة.
فنلندا الطموحة!
لطالما تم طرح موضوع تغييرات بنية مجلس الأمن للأمم المتحدة من قبل الدول النامية والأقل حظاً. إن اقتراح فنلندا بتغيير هيكل مجلس الأمن كدولة حليفة في الناتو يدل على أن لديها طموحات أكبر لأداء دور في النظام الدولي. وقد قامت فنلندا بطرح خطة لزيادة عدد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن إلى عشرة أعضاء، بحيث تشمل هذه الخطة دولتين آسيويتين ودولتين أفريقيتين ودولة واحدة من أمريكا الجنوبية.[3] إن منطق فنلندا في ذلك هو أن الأمم المتحدة يجب أن تكون منصة لحل مشكلات النظام الدولي وينبغي محاسبة الدول التي تخرق قواعدها. وفي الحقيقة فإن فنلندا تستهدف بشكل خاص روسيا التي ينبغي طردها من مجلس الأمن. وفيما يتعلق بالتهديد النووي الروسي وصفه رئيس فنلندا بأنه لعبة مشدداً على ضرورة التعامل بجدية مع روسيا لمنعها من أن تكون تهديداً لأوروبا.
في الواقع تسعى فنلندا لتحقيق نهج متوازن في سياستها الخارجية إذ تدعم البلاد برامج الناتو تجاه روسيا وتؤيد زيادة الضغط على هذه الأخيرة، وفي الوقت نفسه تسعى لتأكيد مكانتها كفاعل مؤثر في الساحة الدولية. ترغب فنلندا في أن تظهر كقوة رئيسية في مرحلة التحول هذه لكي تلعب دورًا أكبر في المستقبل في النظام الدولي ولهذا السبب تخلت عن دورها كدولة محايدة وتطرح أفكاراً طموحة وعظيمة. حيث أن اقتراح تغيير هيكل مجلس الأمن يقع في هذا السياق. هذه الخطة التي تم دعم بعض جوانبها من قبل الولايات المتحدة قد تشكل وثيقة مهمة في التغييرات الجديدة لهيكلية النظام الدولي. أما فيما يتعلق بمسألة دخول أفريقيا كعضو دائم، فإن الولايات المتحدة توافق على ذلك مما قد يكون تمهيدًا لتغييرات في الأمم المتحدة. ومن الجدير بالذكر أن أي تغيير في بنية مجلس الأمن يتطلب موافقة 5 دول لها حق الفيتو وثلثي أعضاء الجمعية العامة.
في هذه الأثناء يبقى السؤال كيف سيكون موقف روسيا وتصرفاتها تجاه هذه اللعبة الشاملة التي يقودها الغرب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال