حرب اوكرانيا أحبطت مشروع “اسرائيل الجديدة” 22

حرب اوكرانيا أحبطت مشروع “اسرائيل الجديدة”

تحدث الصهاينة كثيرا خلال السنوات الماضية عن مشروع سمي بـ “اسرائيل الجديدة” كان من المقرر تنفيذه في جنوب اوكرانيا وذلك سعيا منهم للحفاظ على وجودهم بشتى السبل والاساليب، لكن اندلاع الحرب مع روسيا غير الاوضاع بشكل كلي.

لقد عانى الصهاينة منذ انشاء كيانهم المصطنع على ارض فلسطين المغتصبة من مشاكل هائلة بسبب مقاومة الفلسطينيين والدول العربية والاسلامية، وضعتهم امام مخاطر مصيرية. والى جانب الاشتباك المستمر مع الفصائل الفلسطينية المقاومة والدول العربية والذي يعتبر خطرا كبيرا على كيان الاحتلال، فان الموقع الجغرافي وعدد السكان في فلسطين المحتلة كان من اكبر التحديات التي واجهت الصهاينة ولا تزال تواجههم.

ورغم المحاولات الكبيرة للحركة الصهيونية لاجتذاب اليهود ونقلهم من اصقاع الارض الى فلسطين المحتلة نجد بأن الهجرة العكسية او الهروب من غير رجعة لازم هؤلاء منذ السنين الاولى لانشاء هذا الكيان المصطنع وطوال العقد الماضي اصبحت ظاهرة مألوفة بين “الاسرائيليين” . اما التحديات الاقتصادية والمعيشية فهي ايضا من الاسباب التي تدفع الصهاينة نحو مغادرة الاراضي الفلسطينية المحتلة ، لكن المعلومات والمعطيات المتوفرة تفيد بأن ” انعدام الامن” والخوف المستمر من الحرب وكذلك عدم الشعور بالانتماء الى فلسطين هو السبب الاكبر لهروب الصهاينة من فلسطين المحتلة.

حسب ارقام مؤسسات الدراسات الصهيونية فان اثنين من كل الف صهيوني يهاجرون من فلسطين المحتلة وفي عام 2018 ايضا غادر 17 الف صهيوني ، فلسطين وهاجروا منها. معظم الصهاينة ايضا يبحثون عن الحصول على جنسية دولة ثانية . وحسب الاحصائيات الصهيونية في عام 2020 فان قرابة 170 الف شخص من سكان الاراضي المحتلة ليست لديهم اقامة دائمة في فلسطين المحتلة، ورغم جهود المسؤولين الصهاينة لاجتذاب اليهود من كافة انحاء العالم فان 47 بالمئة فقط من مجموع 14/7 مليون يهودي في العالم يعيشون في فلسطين المحتلة.

بالاضافة الى ذلك فان فلسطين المحتلة تفتقر الى “عمق استراتيجي” وهي منطقة ضعيفة نوعا ما امام الهجوم الخارجي وهذه من اهم التحديات التي تواجه الصهاينة وتقلقهم ازاء أي حرب محتملة مع فصائل المقاومة الفلسطينية . وتبلغ مساحة فلسطين المحتلة 21 الف كيلومتر مربع اكثر من 60 بالمئة منها هي مناطق صحراوية لا تصلح للعيش.

وبسبب الاوضاع الجغرافية والطقس الحار في الاراضي المحتلة فان معظم الاشجار المزروعة معرضة للتلف بسبب الحرائق في فصل الصيف.

واضافة الى ذلك فان الكيان الصهيوني هي نقطة في بحر شعوب المنطقة وان الصهاينة القلائل يحاصرهم نحو 100 مليون عربي ولا يشفع حتى التطبيع مع بعض الانظمة العربية لهذا الكيان لكي يخفف التحديات الامنية لمستوطنيه.

وقد دفعت هذه الظروف بالمسؤولين الصهاينة وقادة الحركة الصهيونية في العالم بالبحث عن حل جذري لمشكلة بقاء واستمرار حياة هذا الكيان.

وتعتقد النخب اليهودية ان “الاسرائيليين” هم بحاجة الى اراض اوسع وموارد اكبر وبلاد لا تشهد حروبا ونزاعات من اجل حفظ بقائهم ، وهؤلاء يعتبرون منطقة جنوب اوكرانيا منطقة مناسبة لمخططاتهم . لقد قال الرئيس الاوكراني “فلوديمير زيلنسكي” في شهر ابريل الماضي وبعد مضي وقت قليل من بدء المعارك مع روسيا انه ” لا يمكننا التحدث عن سويسرا المستقبل لكننا سنتحول حتما الى اسرائيل كبرى ” لكن هذا الكلام جوبه برد روسي . وقد اعلن نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي “ديمتري ميدفيديف” بهذا الصدد ان طرح مشاريع مثل “اسرائيل الكبرى” في اوكرانيا يثبت بان حديقة اوروبا تتحول شيئا فشيئا الى ادغال.

وتتحدث مصادر مطلعة من هذه الخطة انه كان من المقرر الاعلان عن قيام “اسرائيل الجديدة” في عام 2020 في اطار خطة موحدة . لكن في فبراير 2022 ومع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في اوكرانيا ذهبت الامور باتجاه آخر وشهدت العلاقات الروسية “الاسرائيلية” تحولات هامة وحدث توتر غير مسبوق بين البلدين وصل الى اغلاق مكتب الوكالة اليهودية في روسيا.

اما لماذا اختار الصهاينة جنوب اوكرانيا لتنفيذ مشروعهم المسماة “اسرائيل الجديدة” ؟

تفيد المعطيات والمعلومات المتوفرة انه بين عامي 1924 و1948 كان الاتحاد السوفيتي السابق يدرس مشروعا لايجاد “جمهورية يهودية” في منطقة “القرم” في جنوب اوكرانيا لكن النزاع الذي حدث بين الاتحاد السوفيتي والحركة الصهيونية قد قضى على ذلك المشروع . وحسب وثائق الوكالة اليهودية فان قسما كبيرا من الاوكرانيين الذين يقطنون تلك المنطقة هم من اليهود الموالين لـ “اسرائيل”.

وفي داخل اوكرانيا ايضا، فان التجار وكبار المسؤولين الحكوميين من اليهود كانوا قد بدأوا بالترويج لتنفيذ مشروع “اسرائيل الجديدة” ، لكن وبعد عودة شبه جزيرة القرم الى السيادة الروسية بقيت هناك فقط 5 مناطق في جنوب اوكرانيا لتنفيذ مشروع “اسرائيل الجديدة” ، وبعد الاستفتاء على الانضمام لروسيا في جمهوريات لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وتأييد السكان للانضمام الى روسيا توقف مشروع “اسرائيل الجديدة” وخرجت 3 مناطق من المساحة التي اريد لها ان تكون ضمن “اسرائيل جديدة” ، أي شبه جزيرة القرم وزابروريجيا وخيرسون .

ورغم عدم كف اليهود الموالين للصهيونية في اوكرانيا عن الداية والترويخ لمشروع “اسرائيل الجديدة” لكن موسكو قد وجهت تحذيرا تجاه التبعات السلبية لمثل هذا الطموح في المناطق الجنوبية لاوكرانيا.

لا توجد تعليقات لهذا المنصب.
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال